استفتاء بريطانيا... الإعلام ومراهنات اللحظات الأخيرة

استفتاء بريطانيا... الإعلام ومراهنات اللحظات الأخيرة

23 يونيو 2016
استفتاء تاريخي تشهده بريطانيا اليوم (Getty)
+ الخط -
حين تقترب لحظة تقرير مصير بلد بكامله، يستخدم كلّ طرف جميع أساليبه ويرفع من مستوى حملاته. هكذا يحصل في بريطانيا، التي تُصوّت، اليوم، على استفتاء تاريخي، سيُحدّد بقاءها أو خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وبينما تستمرّ وسائل الإعلام البريطانيّة برصّ صفوفها وحثّ المواطنين على التصويت كلّ حسب سياستها، منح مقتل النائبة جو كوكس، وسائل الإعلام، عنواناً جاذباً يستثير عواطف الناس ويُستغل لجذب المزيد من الناخبين. فتصدّر الخبر المفجع، الصفحة الأولى لكثير من الصحف في اليوم التالي لمقتلها، ومنها صحيفة "المترو" التي توزّع مجّاناً في جميع أنفاق لندن وحافلاتها، ويقرأها مئات الآلاف يومياً. وعنونت على صفحتها الأولى "من الممكن الاستعاضة عن نائبة، لكن لا يمكن استبدال أم". كذلك جاء عنوان صحيفة "ذا غارديان"، التي كتبت "المشتبه به بقتل جو كوكس يقول للمحكمة إن اسمه "الموت للخونة والحرية لبريطانيا".
وسلطت مواضيع "ذا تلغراف" الضوء على مقتل النائبة، فكتبت "تستعيد حملة البقاء القيادة عقب اغتيال جو كوكس ولكن ستكون نتائج الاستفتاء متقاربة جداً وفق استطلاع نهائي"، وجاء في المقال إنّ السير لينتون كروسبي (العقل المدبّر الذي نظّم فوز ديفيد كاميرون في الانتخابات العامة وبوريس جونسون في انتخابات البلدية، قال إن نتائج الاستفتاء لا تزال غير مؤكّدة على الرّغم من الدفعة التي تلقّتها حملة البقاء. ولم يقتصر مقال "ذا تلغراف" على ذلك، بل جاء فيه اتّهام زعيم حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي بمؤامرة غير مقبولة أخلاقياً واستخدام وفاة كوكس لكسب المزيد من الأصوات.
أمّا قضيّة المهاجرين التي احتلت الأولويات في التأثير على توجّهات الناخبين، فعلى الرغم من تدني مستوى تناولها، إلا أنّ وسائل الإعلام تمسكت بها، فأكّدت "ذا غارديان"، يوم الإثنين، أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يوقف تدفّق الأيدي العاملة الرخيصة إلى بريطانيا.
ويبقى لقيمة العملة دور كبير في توجيه آراء عدد لا يستهان به من الناخبين، لذلك تناولته الصحف، ومنها "آي"، التي أشارت إلى ارتفاع سعر الجنيه الاسترليني قبل ساعات من موعد الاستفتاء. كما حذّرت "ذا غارديان" على لسان جورج سوروس، الملياردير الأميركي، من انخفاض سعر الجنيه بشدة كما حدث في عام 1992، في حال خروج بريطانيا من الاتحاد، ما قد يفتح الطريق أمام يوم "جمعة أسود". واعتبر سوروس أنّ الخروج سيحوّل الجميع إلى فقراء.
وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أنّ الجنيه حقّق أكبر مكاسبه على مدى ثمانية أعوام، يوم الإثنين، بعد سلسلة من استطلاعات الرأي، أظهرت أنّ نسبة البريطانيين الذين يصوّتون على البقاء في تزايد، فضلاً عن تحرّك أسواق الأسهم بشكل أكبر في بريطانيا ومختلف أنحاء العالم. فضلاً عن صحيفة "ذا تايمز" التي عنونت "الجنيه يرتفع مع مراهنة الأسواق على انتصار حملة البقاء".
وبما أنّ بريطانيا بلد تزدهر فيه المراهنات على نطاق واسع، استخدمته وسائل الإعلام كسلاح في التأثير على الناخبين، فعنون موقع "ميرور": "المراهنة على الاستفتاء الأوروبي: ما هي احتمالات الخروج؟". وأشار المقال إلى بساطة الاختيار بين البقاء والخروج والمراهنة برمي قطعة نقدية للتصويت، مضيفاً أنّ الأمور أكثر تعقيداً في ظلّ وضع المستقبل الاقتصادي والسياسي لبريطانيا على المحك.
كما تحدّثت "ذا تلغراف" عن مراهنات الناس والتنبؤات حول نتائج الاستفتاء الأوروبي، لافتةً إلى أنّ بعض الأشخاص يعتقدون أنّ أسواق الرهان السياسية من الممكن أن تتنبأ بالانتخابات، وذلك بالاعتماد على حشود المقامرين الذين يفرزون ويقيمون جميع الاحتمالات والخيارات قبل أن يراهنوا بأموالهم.
أمّا وسائل التواصل الاجتماعي، فيكمن دورها في جذب فئات أخرى غالباً ما تكون من الشباب والمترددين. ولعلّ ما يفسّر فعالية "فيسبوك" في التأثير على الاستفتاء الأوروبي، هو تذكيره المستخدمين بالتصويت وإشارته إلى الأصدقاء الذين صوتوا وضغطوا على زرّ "لقد صوتُّ" المرجّح أن يتم تفعيله اليوم.
وتشير دراسة أجريت في ألمانيا، إلى أنّ نيّة التصويت لدى الشباب اليميني المتطرّف تتأثّر بشدّة بأصدقائهم على "فيسبوك"، كما لفتت إلى تشجيع "تويتر" و"أوبير" أيضاً على التسجيل للتصويت على الاستفتاء في الاتحاد الأوروبي.
ونشرَ نيك كارتر لاندو، أحد الأشخاص المهتمين بالسياسة، رسالة على "فيسبوك" يطلب فيها من أصدقائه التصويت على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ليشاركها ما يزيد عن 21 ألف شخص خلال 48 ساعة، ويصيرُ لاندو نجماً غير متوقع على وسائل التواصل الاجتماعي.

المساهمون