صحافيات فلسطينيات ينتقدن بياناً لعشائر الخليل يرفض اتفاقية "سيداو"

صحافيات فلسطينيات ينتقدن بياناً لعشائر الخليل يرفض اتفاقية "سيداو"

22 ديسمبر 2019
حقوق المرأة الفلسطينية منقوصة (نيكولاس كوكوفليس/سوبا إيمدجز)
+ الخط -

بعدما أثارت اتفاقية "سيداو" عاصفة انتقادات حادة بين الفلسطينيين، لا سيما مع انتشار نسخٍ، قيل إنها مزيفة، عن بعض بنود الاتفاقية، أصدرت عشائر الخليل، أمس السبت، بياناً اعتبره البعض تهديداً للسلطة الفلسطينية تُحذرها فيه من الانضمام لاتفاقية "سيداو".

ويرفض بيان عشائر الخليل القانون الذي أقره الرئيس محمود عباس أخيراً بتحديد سن الزواج بـ18 عاماً للذكر والأنثى، وهذا ما اعتبره البيان مخالفة واضحة لأحكام الشريعة الإسلامية، بل ويحذر القضاة من قبول القانون وتطبيقه.

وطالب بيان العشائر السلطة الفلسطينية بإغلاق مقار الجمعيات النسوية، ورفض التعامل معها، بإيجارها مكان عملها، أو نشاطها في المجتمع لا سيما المدارس، واعتبار من يخالف ذلك واقعاً في شرك الجريمة، وقد وصل الأمر إلى الصحافيين، بتحذيرهم من تغطية عمل المؤسسات النسوية، وضرورة التماشي مع قرارات العشائر، وهذا ما دفع بنقابة الصحافيين الفلسطينيين إلى الرد ببيان تُحذر فيه من المساس بأي صحافي أو صحافية، إذ دانت النقابة بيان عشائر الخليل، واللغة التي اعتمدها، معتبرةً أن هذا البيان مُحرضاً على الفتنة، وتعدياً فاضحاً على حرية الرأي والتعبير، وتهديداً لعمل أبنائها الصحافيين.

وشددت نقابة الصحافيين على أن "دور الصحافيين هو نقل الوقائع والأحداث، وعدم إحداث الفتنة، وهذا نابع من انحيازهم الدائم للحقيقة، ونشر ثقافة الاحتكام إلى القانون وإحكامه، بالإضافة إلى استعداد النقابة للدفاع عن العمل الصحافي وصاحبه، كون أن حرية الرأي مكفولة بالقانون، ولن تقبل المساس من أي جهة بذلك"، وأن النقابة "تفخر بالصحافيات والأدوار المهنية والوطنية المنوطة بهن، كون وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي الفلسطيني، وثقافة النضال الوطني الفلسطيني تضمن المساواة وعدم التمييز بين أفراد المجتمع بناء على الدين والعرق والجنس"، فيما أكدت أن الصحافيين خارج أي تجاذبات، ويرفضون أي وصاية خارجية أو داخلية من أي جهة.

بيان عشائر الخليل أشعل جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال الوزير الفلسطيني السابق شوقي العيسة، على حسابه على موقع "فيسبوك": "أصحاب بيان عشائر الخليل (الموقع عشائر فلسطين) صدر عن أفراد لا يمثلون عشائر الخليل ولا عشائر فلسطين، ومن يدعي غير ذلك فليثبت أنه يمثل من يدعي أنه يمثله، وليفسر كتابات كثير من أفراد عشائر الخليل ضد البيان."

وسارعت عائلات في الخليل، عبر بيان لها، إلى مباركة بيان العشائر، كما فعلت عائلة دعنا، إحدى أبرز عائلات مدينة الخليل، رافضة اتفاقية "سيداو"، والبراءة التامة من كل بنودها ومن كل من يروج لها ويدعو لتطبيقها أياً كان موقعه ومركزه، واصفة الاتفاقية بـ"الاتفاقية المجرمة التي تتحدى الشرع والدين الإسلامي، وتمسخ ما تبقى من قيم المروءة والنخوة والرجولة والعفة والطهارة، وفق مخطط شيطاني لإفساد أبنائنا وبناتنا، ابتداء بالدعوة للحرية والرقص والغناء المختلط وإباحة الإجهاض وتأخير سن الزواج وإلغاء الولي، في سابقة غريبة عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا، ونعلن أيضا البراءة من شعاراتهم (جسدي مِلكي) ونعلن انحيازنا التام لفسطاط الذين ينكرونها". ودعت العائلات ورجال القدس والعشائر بأن تحذوا حذوهم لإسقاط اتفاقية "سيداو" والقائمين عليها.

في المقابل رفضت صحافيات في الخليل بيان العشائر، فربطت الصحافية بشرى شنعان البيان بمقتل الشابة روان أبو هواش أخيراً على يد طليقها، ومشاركة الناشطة النسوية فاطمة أبو كتة في العطوة العشائرية التي أقامتها عائلات وعشائر الخليل، وهذا ما لم يعجب شيوخ وممثلي هذه العائلات، لكنها اضطرت لتحديد خصوصية المنشور فيما بعد، لضغوطات تتعرض لها شابات منطقة دورا، ممن يعرفن المغدورة شخصياً، وفق ما أفادت شنعان لـ"العربي الجديد"، لكنها ظلت تكتب عن الموضوع ولو بإطار يُخفف وطأته على بعض المتربصين بكل ما يصدر عنها وعن صديقات الضحية روان أبو هواش.

وكتبت شنعان "طول عمره الدين الإسلامي دين يسر وليس عسر، وعمره ما كان دين تعصب أو إلغاء الآخر أو تهديد، قال تعالى: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ))، لو كان دين عسر ودين الإجبار ودين فرض، كان ما حد دخل فيه، الدين الإسلامي أساسا كرم المرأة وساواها بالرجل، بس هل طبقوا هالشي؟؟ هل أخذت حقها بالميراث؟؟ هل حمت روحها من القتل؟ هل منعت زواجها بسن صغير؟ وهل؟؟ وهل؟ وهل؟ وهل؟ وبما أنك معطي حق بنتك أو مرتك أو أختك بشرع ربنا، لشو خايف من سيداو، وين كان صوتكم هاد لما انقتلت روان أبو هواش، خلوني ساكتة أحسن بحياة الله".

أما الصحافية دعاء سيوري فاستنكرت بياناً ضد حقوق نساء الخليل، في الوقت الذي لا تجتمع فيه عائلات وعشائر الخليل لاستنكار الاتفاقية التي قسمت الخليل لصالح الاحتلال والمستوطنين، بحسب ما أشارت، قائلة عبر حسابها على "فيسبوك": "عشائر الخليل اجتمعت اليوم ضد اتفاقية سيداو التي لم نفهم عنها غير قشورها، لماذا لم تجتمع العشائر مثلاً لتدرس تغول المستوطنين على المدينة، التهويد الأكبر للحرم الإبراهيمي، لوقف الاعتقال السياسي لأبنائهم، الخلايلة يجتمعون لأجل اتفاقية دولية تعزز حقوق النساء، والسلطة أصلاً لا توليها الاهتمام الكافي، المفارقة أن نجتمع ضد نساء الوطن ولم يكن لدينا أي موقف رسمي وشعبي تجاه اتفاقية الخليل التي قسمت المدينة مثلاً! ما يحدث اليوم بحاجة لمراجعة حقيقية، إما أن تتطور القوانين البالية لصالح حماية الفئات المهمشة أو تزداد سطوة العشائر وهيمنتها على الحياة التشريعية!".

أما الكاتبة لمى خاطر فرأت أن البيان مجحفٌ بحق المؤسسات النسوية، ولم يكن موجها أو مشيراً إلى مسؤولية السلطة عند تمرير الاتفاقية، مغفلاً في الوقت نفسه رفض مظاهر الاضطهاد الذي تتعرض له النساء خاصة في الخليل، حيث تقول عبر صفحتها على "فيسبوك": "أما كان يمكن صياغة بيان عشائر الخليل الرافض لاتفاقية سيداو بأسلوب أفضل؟ وبشكل يضع النقاط على الحروف؟ البيان تجنب الإشارة إلى مسؤولية السلطة عن تمرير الاتفاقية ومحاولة فرضها وركز هجومه على الجمعيات النسوية، بتعميم مجحف".

وتابعت: "كما أن البيان أغفل ضرورة تأكيده على رفض اضطهاد المرأة ومظاهر الظلم الاجتماعي لها، مما جعله يبدو ردة فعل انفعالية وشعبوية، أكثر من كونه معبراً عن ضمير واعٍ ومبصر لمخاطر الاتفاقية".

دلالات

المساهمون