هل تُلغى خدمات "فيسبوك" في أوروبا؟

هل تُلغى خدمات "فيسبوك" في أوروبا؟

18 فبراير 2022
تعاني فيسبوك من فترة عصيبة بعد تراجع عدد مستخدميها (إدوارد بيرثيلوت/Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الشعبية على الحكومات في أوروبا لتشديد الضوابط المقررة على شركات التكنولوجيا فيما يتعلق بخصوصية المستخدمين وبياناتهم، هددت شركة "ميتا بلاتفورمز" (فيسبوك سابقاً)، بإيقاف عمل بعض تطبيقاتها في دول الاتحاد الأوروبي، لو مُنعت من نقل البيانات المتاحة لها إلى الولايات المتحدة.

في مذكرة تم تقديمها أخيراً إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات SEC، قالت الشركة التي عانى سهمها ضربات قوية هذا الشهر "قد لا نتمكن من تقديم عدد من منتجاتنا وخدماتنا الأكثر أهمية، بما في ذلك فيسبوك وإنستغرام، في أوروبا إذا لم يتم اعتماد إطار عمل جديد لنقل البيانات عبر المحيط الأطلسي". وأوضحت الشركة أنها لا يمكنها الاستمرار في الاعتماد على "البنود التعاقدية القياسية" أو الاعتماد على وسائل بديلة أخرى لنقل البيانات من أوروبا إلى الولايات المتحدة، مشيرةً إلى أن هذا الأمر، إن حدث، فإنه "قد يؤثر بصورة سلبية واضحة على أعمالنا ووضعنا المالي ونتائج العمليات".

وتمكنت "فيسبوك"، قبل أن تصبح "ميتا"، من نقل بيانات المستخدمين الأوروبيين ومعالجتها على خوادم الولايات المتحدة بموجب اتفاقية عبر الأطلسي تسمى "درع الخصوصية" Privacy Shield، إلا أن هذه الاتفاقية أُبطلت من قبل محكمة الاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز 2020، ولم يتمكن المسؤولون في الحكومتين من التوصل إلى بديل لها حتى الآن.
وبينما لا ترغب "ميتا" بالتأكيد في إيقاف خدماتها في أوروبا لما سيسببه ذلك من تأثيرات سلبية على إيراداتها من الإعلانات التي تعد أهم مصادر ربحيتها، تطلب الشركة التي يتعامل على منصتها ما يقارب 1.929 مليار مستخدم نشط كل يوم، يأتي أكثر من 15 بالمئة منهم من أوروبا، وضع قواعد واضحة تعمل بموجبها في تلك الدول، خاصة في هذا التوقيت الذي تتعرض فيه لضغوط كبيرة من العديد من الحكومات، بما فيها حكومة الولايات المتحدة. 

لكن هذه الخطوة ليست بعيدة عن الشركة التي قامت بحذف صفحاتها من أستراليا في فبراير/شباط من العام الماضي، حين  حظرت "ميتا" جميع ناشري الأخبار الأستراليين من منصتها بسبب نزاع حول حصة الإيرادات. وأقدمت "فيسبوك" حينها على هذه الخطوة بعد يومين من إعلان الحكومة الأسترالية قرب الاتفاق مع شركات التكنولوجيا حول القوانين والمحتوى، وسعيها إلى "تعديلات فنية" كي تؤكد أنّ الدفع سيكون وفق المبالغ الإجمالية وليس وفق كلّ نقرة على الأخبار.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

وسجلت "ميتا" بداية الشهر الحالي أكبر خسارة يومية في تاريخ الأسهم الأميركية، بعد أن تراجع سعر سهمها بنسبة تجاوزت 26 بالمئة في يومٍ واحدٍ، ليتبخر من قيمتها السوقية ما يقرب من 250 مليار دولار، بعد الإعلان عن تحقيق أرباح أقل من التوقعات في الربع المنتهي، وتوقعها تراجع إيراداتها خلال الربع الحالي.

وسجل عدد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيسبوك" انخفاضاً سنوياً للمرة الأولى منذ إطلاقه في عام 2004، في الربع الأخير من العام المنتهي، بعد منافسة شرسة مع تطبيق الفيديوهات القصيرة "تيك توك". وتعاني الشركة أيضاً من الضغوط المتزايدة على خدمة الإعلانات التي تعد أهم مصادر الدخل بها، بعد إدخال شركة "آبل" التي تُصَنِّع الهواتف الذكية آيفون والحواسب الآلية ماك، قواعد خصوصية جديدة شدية الصرامة، وهو ما ترتب عليه تعطيل تتبع سلوك المستهلك عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية على أجهزتها.

واعتبر محلل أسواق رأس المال المتخصص في أسهم التكنولوجيا، إريك سافيتس، أن انهيار قيمة الشركة السوقية لم يصل إلى نهايته بعد، مشيراً في مقال له في جريدة "بارونز" إلى أن "أزمة الشركة هذه المرة تختلف عن أزماتها الأخرى، سواء فضيحة الخصوصية أو اتهامات التدخل في الانتخابات التي حاصرت الشركة من قبل، فهذه المرة الأمر يتعلق بمشكلات خاصة بنشاط الشركة الأساسي". وأكد سافيتس أن علاج مشكلات الشركة "سيحتاج إلى العديد من الأرباع، وربما السنوات، للانتهاء منه، والمشكلة أن ذلك يحدث في وقت يفترض أن تركز الشركة جهودها فيه على استطلاع آفاق ميتافيرس، وهو رهان على هدف لم يثبت صحته حتى الآن". 

وذَكَّرَت الخسارة الضخمة المستثمرين والمنظمين الأميركيين بالنفوذ الذي تمتلكه الشركة، بعد أن تجاوزت خسائر سهمها في يوم واحد القيمة السوقية الفردية لـ472 شركة من الشركات الخمسمائة التي يتكون منها مؤشر إس آند بي 500، وأثرت سلباً على المؤشرات الرئيسية، وعلى رأسها مؤشر ناسداك، الذي خسر يومها 3.74% من قيمته. 

وتبذل الشركة جهوداً كبيرة خلال الفترة الحالية من أجل التحول من أنشطتها المعتادة إلى "ميتافيرس"، أو الكون الماورائي، باستخدام أنواع متقدمة من التكنولوجيا.

المساهمون