نتائج البحث عبر "غوغل" بواسطة الذكاء الاصطناعي تضر بوسائل الإعلام

نتائج البحث عبر "غوغل" بواسطة الذكاء الاصطناعي تضر بوسائل الإعلام

16 مايو 2024
عززت الشركة مكانتها وسيطاً بين المستخدمين والمواقع الإلكترونية بواسطة "أوفرفيوز" (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- "إيه آي أوفرفيوز" من "غوغل" تعيد تشكيل نتائج البحث بتفضيل المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي، مما يهدد النموذج الاقتصادي لوسائل الإعلام التي تعتمد على زيارات محركات البحث.
- "غوغل" تواجه تحديات بسبب الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، مع ضرورة تكييف استراتيجياتها الإعلانية للحفاظ على جاذبيتها للمعلنين.
- الذكاء الاصطناعي التوليدي يفرض على صناع المحتوى ووسائل الإعلام تنويع قنوات النشر والبحث عن طرق جديدة لجذب الجمهور، مع التأكيد على أهمية المصادر الموثوقة.

قد يتسبّب عرض "غوغل" نتائج صيغت بواسطة الذكاء الاصطناعي لعمليات بحث يجريها مستخدمو الانترنت بزعزعة جزء من النموذج الاقتصادي الخاص بالإنترنت لمؤسسات كثيرة وتحديداً لوسائل الإعلام.

ولم تُزَل الروابط التقليدية لصفحات الإنترنت، ولكن مع تقنية "إيه آي أوفرفيوز" التي كُشف النقاب عنها الثلاثاء الماضي، باتت النتائج التي يوفرها الذكاء الاصطناعي التوليدي تظهر قبل المواقع الإلكترونية التقليدية، لأنّ المحتوى الموفَّر بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي من المرجّح أن يكون وحده الذي يرضي المستخدمين ويوفّر لهم إجابات عن أسئلتهم.

وقال بول روتزر من معهد ماركتينغ إيه آي إنّ: "ذلك سيكون له تأثير سلبي على الشركات والمواقع التي تنتج محتوى وتعتمد على نسبة تصفّحها من محركات البحث. لكننا لا نعرف إلى أي مدى سيؤثر هذا التغيير عليها أو ما يمكننا القيام به حيال ذلك". من جهتها، توقعت شركة غارتنر الاستشارية أن تنكمش نسبة تصفّح محركات البحث التقليدية بنسبة 25% بحلول عام 2026 مع ظهور تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وعلى الرغم من هذه الثورة، لا تستطيع "غوغل" الاستغناء عن الإعلانات، وسيتعين عليها تكييف عرضها مع المعلنين، "وإلا فسيقضي الذكاء الاصطناعي عليها"، بحسب ديفيد كلينش من شركة ميديا غرووث بارتنرز.

فيما أكدت هيما بوداراجو، من فريق البحث في "غوغل"، أن المواقع والروابط، التي ظهرت في البداية عند توفير الإجابة خلال الاختبارات التي أجريت على "إيه آي أوفرفيوز"، حظيت "بمعدّل نقر أعلى" بالمقارنة مع صيغة البحث القديمة.

أما كلينش فتساءل: "ما الذي يختار هذه الروابط؟ إذ لا يظهر سوى عدد قليل منها" لتوسيع النص الناتج عن الذكاء الاصطناعي. يتابع: "كيف يمكن لجهة معيّنة أن تضمن أن يظهر موقعها ومحتواها ضمن هذه النتائج؟ أتصوّر أنه سيتعيّن دفع مبلغ لقاء ذلك، وهو أمر لا يختلف عما هو قائم حتى اليوم".

مع "أوفرفيوز" تكون "غوغل" قد عززت مكانتها وسيطاً بين مستخدمي الإنترنت والمواقع الإلكترونية.

"غوغل" والإعلانات

قال كلينش إن "غوغل تواجه ضغوطاً هائلة، لأنّ لاعبين آخرين سبق أن أظهروا أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يعمل من دون روابط أو إعلانات"، كما هي الحال مع ChatGPT. تابع: "لذا أرادوا، الثلاثاء، إيصال رسالتهم عن الذكاء الاصطناعي، حتى لو كان ذلك يعني تحديد نموذج اقتصادي في مرحلة تالية". كذلك، يرى أن الفجوة تتسع بين كبار اللاعبين في مجال الإنترنت ووسائل الإعلام، والشركات، والمبتكرين "الذين لا يملكون أصلاً الوسائل اللازمة لتحسين مراجعهم" في محرك البحث.

لقد أدّت السيطرة المتزايدة لشركات التكنولوجيا الكبرى على الإعلانات إلى عدم استفادة وسائل إعلام كثيرة من الجيل الجديد، بدءاً من "بازفيد" وصولاً إلى "فايس" ومروراً بـ"ذا دايلي بيست" و"كوارتز" و"هافينغتون بوست"، التي يعد بيع مساحات فيها للمعلنين المصدر الرئيسي لمداخيلها.

خنقت هذه السيطرة أيضاً الصحف والمجلات المحلية والإقليمية، التي غالبا ما تفشل في دفع عدد كافٍ من القراء إلى الاشتراك فيها. إذ لم تنجح في صيغ الاشتراك سوى حفنة من وسائل الإعلام التي تتمتع بأهمية على المستويين المحلي والدولي، مثل "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال".

ورأى بول روتزر أنّ على مبتكري المحتوى أو وسائل الإعلام أو غيرهم "السعي إلى تنويع" قنوات نشرهم والوسائل التي تمكّنهم من استقطاب متابعين، تحديدا عبر منصتي يوتيوب وتيك توك، ولكن أيضاً من خلال المدونات الصوتية (بودكاست)، "في حال لم يُقدموا أصلاً على ذلك".

مشاكل تواجه الذكاء الاصطناعي 

لا يمكن حتى اليوم اعتبار أن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات واجهة للبحث. فمنذ إطلاق ChatGPT في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، تحدّث كثيرون عن الأخطاء والمعلومات الغريبة والخاطئة التي توفرها روبوتات الدردشة. بالتالي، يتعيّن على "أوفرفيوز"، كما محرك البحث "بينغ" من "مايكروسوفت"، أن يبثت أنّه دقيق وأهل للثقة.

وقال الأستاذ في الصحافة لدى جامعة نيويورك العامة جيف جارفيس إنّ "أهمية المصادر ستزداد أكثر من أي وقت مضى"، مضيفاً: "يكمن السؤال في معرفة ما إذا كانت وسائل الإعلام ستتيح معلوماتها لهذه الأنظمة لجعلها منتشرة بصورة أكبر"، ورأى أن "ذلك سيغير النموذج الاقتصادي، لكنني أعتقد أنها فرصة" للصحافة.

وحتّى اليوم، تُقدِم وسائل الإعلام على ملاحقة نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة قضائياً، متهمة اياها بسرقة محتواها، وقال جارفيس: "علينا أن نجتمع للتفكير في كيفية عمل هذا النظام الجديد".

(فرانس برس)

المساهمون