مواقع التواصل الاجتماعي: هنا مكتب القمع اللبناني!

12 فبراير 2014
+ الخط -
أثار الحكم الصادر بحقّ الوزير السابق شربل نحاس تساؤلات كثيرة حول إمكانية تحوّل وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان إلى أدوات للتعسّف وخنق الحريّات بدل أن تكون أدوات لزيادة مساحات الحريّة.

فبعدما استخدم نحاس الفيسبوك كمنبر لنصرة عمّال شركة Spinneys ضدّ إدارتها، وطالب مديرها مايكل رايت بإعطاء الموظف حقوقه كاملة ووصفه بـ"الإرهابي الفاسد"، تقدّم رايت بدعوى قدح وذمّ في محكمة المطبوعات، فأدين نحّاس وغرّمته محكمة المطبوعات اللبنانية بدفع مبلغ 2000 ليرة لبنانية (أقلّ من دولارين أميركيين).
هذا القرار استفز ناشطين ساندوا نحّاس باعتباره كتب رأيه على صفحته الخاصّة "وهو حقّ من حقوق الإنسان". ما فتح نقاشاً أوسع حول ما إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي "منابر شخصية" أو وسائل إعلام عمومية.
وهذا الأمر وضع الآلاف، بل ومئات الآلاف، من مليونَي لبناني على الفيسبوك والتويتر، في دائرة المراقبة وإمكانية المحاسبة، ما قد يجعل الاعلام الاجتماعي مرآة للاعلام التقليدي وليس رديفاً أو بديلاً عنه.
وبات الناشط اللبناني، مع كلّ تعليق يكتبه، يتّخذ الحيطة والحذر خوفاً من السجن والعقوبات.
أما المتهم بالقدح والذمّ، الوزير نحّاس، فيضحك ساخراً، ويقول في حديث لـ"الجديد" إنّه سيستأنف الحكم ضدّ رايت، "أمام الظلم يصبح التشهير واجب، لا سيما عندما تتقاعس السلطات العامة عن مهامها".
في سياق متّصل، تتواصل الانتهاكات ضدّ حقّ حرية الرأي والتعبير. الناشط جينو رعيدي، تسبّبت مدوّنته الإنكليزية باستدعائه واستجوابه أمام "مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية"، بتهمة القدح والذمّ، بسبب تناوله أحد منتجات شركة Bonofa في مقال "هزلي". ثم أطلق سراحه، فقال في حديث لـ"الجديد" إنّ "المقال لم يحتوِ على أيّة ألفاظ تتضمّن القدح والذمّ، لكنّه احتوى على نوع من التنبيه حول طريقة عمل تلك الشركات".
أما الصحافي مهنّد الحاج علي، فقد فضّل مغادرة البلاد والتوجه الى لندن "لأعيش في بلد يحترم الحريات ولا يمارس ضغوطات سياسية على عمل الصحافي ومهنيته"، على حدّ قوله، بعد استدعائه الى "مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية" والتحقيق معه لمدّة 5 ساعات، بسبب دعوى قدح وذمّ وإثارة النعرات الطائفية تقدّم بها رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ضدّه على خلفية مقال نشره موقع "المحاسبة".
ومع كل استدعاء لصحافي أو مدوّن للتحقيق، يطلق الناشطون اللبنانيون صرخات تضامنية تستنكر ممارسات مكتب جرائم المعلوماتية واصفين إيّاه بأنّه "مكتب القمع اللبناني".
المحامي ماريو كرم قال لـ"الجديد" إنّ "الاستدعاء يتم وفقا للأطر القانونية بعد رفع شكوى ضدّ المتهم بجرم معيّن، ويتم لهدفين، إما الاستماع إلى المتّهم على سبيل المعلومات في قضية معينة، أو التحقيق معه للاشتباه بارتكابه إحدى الجرائم".
هكذا يعيش المدوّن حالة ترقّب من اختراق خصوصيته والولوج الى حساباته الشخصية على الإنترنت والتجسس عليه.
الناشط والمدوّن عماد بزّي يقول لـ"الجديد" إنّ "المشكلة مع مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية هي عدم وضوح دوره بالتحديد، ومتى يحقّ له أن يتدخّل"، ويتابع: "في ظلّ هذا الغموض، يزداد القلق بين النشطاء والمواطنين من أن يكون المكتب ضالعاً في عمليات انتهاك خصوصية المستخدمين، ما يشكّل انتهاكاً خطيراً لحريّة الرأي والتعبير".

ترفض الرائد سوزان الحاج هذا الكلام، وتقول في حديث لـ"الجديد": "المكتب لا يستدعي أحداً بسبب الشتائم على الإنترنت، إلا إذا وردت إليه شكوى قضائية من النيابة العامة".
أما رئيس شعبة العلاقات العامة في "المديرية العامة للأمن الداخلي"، المقدّم جوزيف مسلّم، فيشرح استراتيجية عمل المكتب بقوله لـ"الجديد" إن "القضايا التي تندرج في إطار عمل المكتب لا تنحصر بالتشهير والقدح والذمّ، بل تتناول عمليات الاحتيال على الشّركات وتحويل الأموال إلى غير وجهتها، وانتحال صفة أشخاص في الشأن العام والابتزاز المادي، والدعارة الإلكترونيّة، والقمار وتبييض الأموال". ويشدد مسلّم على أنّ "المكتب يحدّ من الجريمة وليس من حريّة النّاس".

المساهمون