مصير المغردين في يدي إيلون ماسك

مصير المغردين في يدي إيلون ماسك

26 ابريل 2022
صفقة استحواذ ماسك على "تويتر" قيمتها 44 مليار دولار (ياكوب بورجتسكي/Getty)
+ الخط -

أبرم الرجل الأكثر ثراء في العالم، إيلون ماسك، اتفاقاً مع شراء شركة تويتر مقابل 44 مليار دولار أميركي الإثنين، ما يمنحه سيطرة شخصية على واحدة من أكثر منصات التواصل الاجتماعي تأثيراً.

وأعرب ماسك الذي يصف نفسه بأنه "داعم لحرية التعبير المطلقة" عن رغبته في إصلاح ما اعتبره رقابة المنصة المفرطة على المحتوى. وقال في بيان نشرته "تويتر" إنّ "حرية التعبير هي حجر الأساس لديموقراطية فاعلة، وتويتر هو الساحة الرقمية العامة حيث تناقش موضوعات حيوية بالنسبة إلى مستقبل الإنسانية". وأضاف: "أريد أيضاً جعل تويتر أفضل من أي وقت مضى، عبر تعزيز الخدمة بميزات جديدة، وجعل الخوارزميات مفتوحة المصدر لزيادة الثقة، والقضاء على روبوتات النشر المبرمجة (بوتس)، وتوثيق حسابات البشر كلّهم".

لكنّ منظمات عدة حذرت من نوع المحتوى الذي قد يسمح به ماسك على المنصة، وقال رئيس منظمة الحقوق المدنية "إن إيه إيه سي بي" ديريك جونسون: "لا تسمحوا لتويتر بأن تصبح منصة لخطاب الكراهية والتضليل أو المعلومات الكاذبة. حماية ديمقراطيتنا لها الأهمية القصوى". ورأى رئيس منظمة ميديا ماترز فور أميركا، أنجيلو كاروسون، أنّ بيع "تويتر" لماسك "سيكون انتصاراً للمعلومات المضللة ومروجيها. يمكن أن يطلق ماسك العنان لموجة من السُميّة والمضايقات، ويلغي جهود تويتر لزيادة التفاعلات ذات الجودة وجعل منصتها أكثر أماناً للمستخدمين"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.

يريد إيلون ماسك تعزيز الخدمة بميزات جديدة، وجعل الخوارزميات مفتوحة المصدر لزيادة الثقة، والقضاء على "بوتس"، وتوثيق حسابات البشر كلّهم

وقالت الناطقة الرسمية باسم البيت الأبيض، جين ساكي، إنّه بغض النظر عمن يمتلك تويتر أو يديره، فإنّ الرئيس جو بايدن الذي يستخدم هو نفسه المنصة قلق بشأن قوة منصات التواصل الاجتماعي العملاقة. وأكدت أن البيت الأبيض يواصل العمل من أجل إلغاء القانون 230 الذي يحمي شركات الإنترنت من المحاسبة على المحتوى الذي ينشره المستخدمون، ويدعم تشديد إجراءات الشفافية ومكافحة الاحتكار على شركات التكنولوجيا.

القصة من أولها

اشترى ماسك 9 في المائة من أسهم "تويتر" في إبريل/ نيسان الحالي، ثم عرض شراء الشركة بأكملها، معلناً أن هدفه الحفاظ على حرية التعبير. وأعلن مجلس إدارة الشركة في البداية أنه يدرس عرضه، ثم عاد لاحقاً ورفضه، معتمداً خطة "الحبّة السامة" التي صعّبت على ماسك الحصول على حصة تخوله السيطرة على "تويتر".

لكنّ ماسك قال الأسبوع الماضي إنّه جمع تمويلاً بنحو 46.5 مليار دولار لإجراء عملية الشراء. وأفادت الشركة المطروحة للتداول العام، في بيان، بأنّها ستصبح شركة خاصة مملوكة لماسك الذي تفاوض على سعر شراء قيمته 54.20 دولاراً للسهم الواحد.

وغرّد الرئيس التنفيذي للشركة باراغ أغراوال أنّ منصة تويتر لها "غاية وأهمية تؤثران على العالم بأسره".

أثارت جهود ماسك آمالاً بشأن الإمكانات التجارية لـ "تويتر" التي كافحت لتحقيق نمو مربح رغم مكانتها المهمة في الثقافة والسياسة. وأشارت شركة تراست سيكيوريتيز، في مذكرة تحليلية، إلى أنّ أغراوال الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي لـ "تويتر" أواخر العام الماضي أحرز تقدماً في وضع خدمات مدفوعة مثل خيارات الاشتراك في الحسابات في المنصة، مضيفة أن "حضور ماسك على المدى القصير في هذه المرحلة ينطوي على أخطار تعطيل تلك الجهود".

عودة ترامب

اشتهر موقع تويتر بأنّه أداة التواصل المحببة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قبل حظره. وأعربت منظمات تقدمية عن خشيتها من أن يسمح ماسك بعودة ترامب إلى المنصة التي حظرته، بعد هجوم أنصار له العام الماضي على مبنى الكابيتول الأميركي في مسعى لإلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
أكد ترامب أنه لن يعود إلى منصة تويتر، مفضلاً البقاء على شبكته تروث سوشال
أما ترامب نفسه، فقال في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، الإثنين: "لن أذهب إلى تويتر"، مفضلاً البقاء في الشبكة التي يمتلكها. وأضاف: "آمل أن يشتري إيلون (ماسك) تويتر، لأنّه سيجري تحسينات عليه، وهو رجل طيب، لكنّني سأبقى في تروث سوشال". ولفت إلى أنه سيُفعل حساباً رسمياً له على "تروث سوشال" الناشئة خلال الأيام السبعة المقبلة.

موظفو "تويتر"

قال أغراوال للموظفين، الإثنين، إن الضبابية تكتنف مستقبل الشركة، وفق ما نقلت وكالة رويترز. وأبلغهم أن ماسك سيشاركهم في جلسة أسئلة وأجوبة في وقت لاحق. وعندما طُرحت على أغراوال أسئلة حول خطط ماسك بالنسبة للشركة واحتمالات تسريح عاملين ومبررات مجلس الإدارة لقبول الصفقة، أجّل الكثير من الأسئلة، معتبراً أنه يجب طرحها على ماسك. غير أنه قال للموظفين إنه ليست هناك خطط حالياً لتسريح عاملين.

ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، تفاوتت تفاعلات موظفي "تويتر" إزاء استحواذ ماسك عليها بين الحماسة والخوف والسخرية. وغرّد المسؤول عن إدارة الصحة المجتمعية في "تويتر" الإثنين: "هذا وقت الشك والقلق. معظمنا يؤمنون أن تويتر أكثر من مجرد منصة تقنية؛ لدينا مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع. أتمنى أن يفهم المالك الجديد ذلك".

وأيد المؤسس والرئيس التنفيذي السابق، جاك دورسي، في سلسلة من التغريدات فجر الثلاثاء "هدف ماسك لإنشاء منصة موثوق بها إلى أقصى حد وشاملة".

وأعرب البعض عن قلقهم، وقال أحدهم، لـ "وول ستريت جورنال"، إن موظفي "تويتر" يأخذون مهمة المنصة على محمل الجد، وإن رؤية ماسك تتعارض مع هذه المهمة. وبعد دقائق من الإعلان عن الصفقة بدأ الموظفون، عبر خدمة "سلاك" الداخلية، يقولون إنهم يخططون للاستقالة، وفق ما كشف البعض للصحيفة الأميركية. وسأل بعضهم عما تعنيه الصفقة بالنسبة للموظفين من مجتمع الميم (المثليين، والمتحولين، ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري الهوية الجنسية).

الصفقة بين الديمقراطيين والجمهوريين

في واشنطن، أشاد المشرعون الجمهوريون الذين انتقدوا الشركة بسبب سياسات المحتوى الخاصة بها باستحواذ ماسك عليها، بينما قال الكثير من الديمقراطيين إن الاستحواذ يظهر أن المليارديرات يتمتعون بسلطة كبيرة ويجب فرض المزيد من التدقيق عليهم.

قبل الاستحواذ، جادل ماسك بأن الرقابة - وليس السلوك التعسفي من قبل المستخدمين - هي المشكلة الأساسية للشركة، وهو موقف يتبناه أيضاً المحافظون. يجادل آخرون بأن الإشراف القوي على المحتوى، بما في ذلك الحظر والعقوبات الأخرى على المستخدمين الذين يخالفون القواعد، ضروري للحد من المعلومات المضللة والمضايقات.

أشاد الجمهوريون بصفقة الاستحواذ، بينما حذر منها الديمقراطيون ودعوا إلى محاسبة عمالقة التكنولوجيا

دعا بعض الديمقراطيين إلى فرض ضرائب باهظة على المليارديرات، ورأوا أخطاراً في تركيز السلطة في أيديهم. وغردت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن: "هذه الصفقة خطيرة على ديمقراطيتنا. المليارديرات مثل إيلون ماسك يلعبون بموجب مجموعة مختلفة من القواعد عن أي شخص آخر، ويراكمون القوة لتحقيق مكاسبهم الخاصة. نحن بحاجة إلى ضريبة ثروة وقواعد قوية لمحاسبة شركات التكنولوجيا الكبرى". وقال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي: "أنا لا أستهدف إيلون ماسك شخصياً. هو يمتلك مجموعة من الشركات المفيدة حقاً للعالم. لكني أعتقد ــ بشكل عام ــ أنّ من السيئ أن يكون لدى حفنة من المليارديرات الكثير من السيطرة على حياتنا، سواء كانوا من أصحاب المليارات الصالحين أو المليارديرات السيئين".

المساهمون