متاحف العالم تتعامى عن جرائم إسرائيل

متاحف العالم تتعامى عن جرائم إسرائيل

06 ابريل 2024
من تظاهرة أمام مكتبة بروكلين في فبراير (مايكل نيغرو/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في فبراير/شباط، نظم ثمانية فنانين احتجاجًا في مؤسسة يربا بوينا للفنون بسان فرانسيسكو، شوهوا فيه أعمالهم اعتراضًا على صمت المؤسسة تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وأطلقوا عليه "رسائل حب إلى فلسطين".
- استجابة للاحتجاج، وصفت إدارة المؤسسة الفعل بالتخريبي، مما أدى إلى تصاعد الانتقادات ودعم موظفي المؤسسة للفنانين ببيان وجمع توقيعات، واستقالة الرئيسة التنفيذية بعد تعليق النشاط لشهر.
- مؤسسات فنية في أمريكا وأوروبا تواجه احتجاجات مماثلة تطالب بإدانة العدوان الإسرائيلي ودعم فلسطين، لكنها تجاهلت هذه المطالب بشكل كبير، مثل متحف متروبوليتان ومتحف بروكلين، والمتحف البريطاني الذي اكتفى بتعليق أنشطته لساعات.

في المعرض الجماعي الذي أقيم في مؤسسة يربا بوينا للفنون في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، خلال فبراير/شباط الماضي، شوّه ثمانية فنانين أعمالهم، اعتراضاً على صمتها بشأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. كان هذا الإجراء جزءاً من احتجاج مفاجئ اتفقوا على تنظيمه قبيل الافتتاح، اعتراضاً على تدخّل إدارة المؤسسة في أعمالهم، ولمطالبتها بإظهار دعمها للشعب الفلسطيني. أطلق هؤلاء الفنانون على احتجاجهم اسم "رسائل حب إلى فلسطين". شمل الحدث، أيضاً، اعتصاماً رمزياً ورفع لافتات وإلقاء كلمات، إلى جانب توزيع ورقة مطالب موجهة للمؤسسة، وبيان تضامني كي يوقّع عليه الحضور.

وصفت الإدارة حينها هذا الاحتجاج بأنه تخريبي، ما أدى إلى تصاعد حدة الانتقادات الموجهة إليها، إذ دخل موظفو المؤسسة أنفسهم على خط المواجهة، ونشروا بياناً للتوقيع يساند مطالب الفنانين. جمع هذا البيان أكثر من 800 توقيع، وهو يطالب الإدارة بالدعوة إلى وقف الحرب على قطاع غزة والالتزام بالمقاطعة الثقافية لإسرائيل.

وعلى الرغم من هذا التصعيد، فإن الإدارة لم تتجاوب أيضاً مع هذه المطالب، بل علّقت النشاط داخل المؤسسة لما يقرب من شهر، ولم تفتح أبوابها إلا بعد استقالة رئيستها التنفيذية سارة فينسكي باهات. وقالت باهات، في بيان استقالتها، إنها لا تستطيع الاستمرار في ظل "أجواء معادية للسامية".

بعد عودة النشاط الفني إلى مؤسسة يربا بوينا، أعيد افتتاح المعرض، ولكن هذه المرة وُضعت لافتات تشير إلى أن الآراء التي يعبّر عنها كل فنان تخصه وحده وليست آراء المؤسسة. تُشير إحدى هذه اللافتات إلى أن الأعمال قد عُدّلت، بينما تُحذّر أخرى من أن الأعمال تحتوي على رسائل حول "الحرب بين إسرائيل وحماس".

كورتني ديزيريه موريس، الفنانة المشاركة في الاحتجاج، وصفت هذه اللافتات بالمخادعة، لأنها ليست حرباً بين إسرائيل وحماس كما تقول، بل هي إبادة جماعية. قالت موريس: "من المدهش أن الإدارة شعرت بالحاجة إلى وضع علامات تحذيرية للمحتوى لتنأى بنفسها أو تتنصل من أعمال الفنانين، كما لو أنها خطيرة أو تحريضية". يفسر باز جي، أحد الفنانين المشاركين في الاحتجاج، وضع هذه اللافتات، بأن المؤسسة حريصة على عدم إغضاب الممولين الصهاينة، الذين يطلبون من المؤسسات التي تقبل أموالهم عدم التحدث ضد دولة إسرائيل.

لا تختلف "يربا بوينا"، وهي مؤسسة فنية محلية، عن المؤسسات الأخرى الكبرى في الولايات المتحدة أو أوروبا. فعلى الرغم من الاحتجاجات المستمرة منذ أشهر والبيانات التي تطالب هذه المؤسسات بإدانة العدوان أو المطالبة بوقف إطلاق النار، لم يصدر عنها أي بيان أو تصريح ينتقد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وإذا ما تم ذلك، فغالباً ما توصف الجرائم الإسرائيلية بـ"الحرب بين إسرائيل وحماس"، أو بـ"الصراع المثير للخلاف والانقسام في الشرق الأوسط".

خلال الأشهر الماضية، واجه متحف الفن الحديث في نيويورك أكثر من احتجاج وبيان يطالبه باتخاذ موقف، إلا أن إدارته لم تردّ على أي من هذه المطالبات والبيانات. وما يزال أعضاء مجلس الإدارة الذين اتهموا صراحة بدعم إسرائيل في أماكنهم.

أخيراً، سلّم العاملون في متحف متروبوليتان رسالة مفتوحة إلى المدير والرئيس التنفيذي ماكس هولين، يطلبون فيها من المؤسسة نشر بيان يدعو إلى إنهاء العدوان على قطاع غزة، واتخاذ خطوات لعرض مجموعة المتحف من الأعمال الفنية الفلسطينية. قبل أيام، تجمع عشرات المحتجين أمام مدخل المتحف لبسط لحاف ضخم مزين بالرسوم والرموز الفلسطينية، ووزّع آخرون منشورات توضح بالتفصيل علاقات المتحف مع الصهاينة.
كما طالب المتظاهرون باستقالة أعضاء مجلس الإدارة الذين لديهم مصالح وارتباطات مع شركات الأسلحة الإسرائيلية. وعلى الرغم من كل هذه الاحتجاجات والمطالبات المتوالية، إلا أن المتحف أصر على تجاهل هذه المطالب، ورفض التعليق. في نهاية مارس/آذار الماضي، اكتفى مدير المتحف بإلقاء كلمة أمام الموظفين. لم تتضمن الكلمة التي ألقاها هولين أي التزامات واضحة، كما يقول الموظفون، كما أنهم لم يتلقوا بعد أي رد على رسالتهم المفتوحة، التي نُشرت في فبراير/شباط الماضي. كان الموظفون قد طالبوا في هذه الرسالة إدارة المتحف بالمقاطعة الثقافية الشاملة لإسرائيل، وإصدار بيان يطالب بإدانة العدوان الإسرائيلي، أو المطالبة بوقف إطلاق النار. تجاهلت قيادة المتحف هذه الرسالة المفتوحة تماماً، على الرغم من اللقاءات المتكررة التي عقدت بين إدارة المتحف والموظفين خلال الفترة الماضية.

متحف متروبوليتان اكتفى بتسليط الضوء على جهوده الأخيرة لعرض أعمال الفنانين العرب والفلسطينيين. وقال المتحدث باسم المتحف، في مارس الماضي، إنه ملتزم بتمثيل التجارب ووجهات النظر المتنوعة في مجموعته ومعارضه وبرامجه. يذكر أن المتحف كان قد أعلن أخيراً عن تعاونه مع مركز راتي للنسيج في الولايات المتحدة لتنسيق مجموعته من الأزياء التراثية الفلسطينية، تمهيداً لتسليط الضوء عليها عبر مقالات ستنشر على الموقع الإلكتروني للمتحف.

كان متحف بروكلين من أوائل المؤسسات التي واجهت احتجاجات ومطالبات باتخاذ موقف واضح إزاء الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي بعد أسابيع قليلة من اندلاع العدوان الإسرائيلي، نشر موظفو المتحف رسالة مفتوحة تطالب الإدارة بإدانة العدوان. لم يستجب متحف بروكلين أيضاً لهذه المطالب، واكتفت الإدارة بالإعلان عن اجتماعات ومحادثات تُجرى مع الموظفين بشأن الوضع المأساوي "المثير للخلاف".

كما هو الحال في المتاحف الأميركية، لم تصدر كذلك أي بيانات إدانة أو مطالبات بوقف إطلاق النار من أي مؤسسة فنية أوروبية، رغم الاحتجاجات المتواصلة في معظم المدن الأوروبية منذ بدء العدوان. اكتفى المتحف البريطاني، على سبيل المثال، بتعليق أنشطته لعدة ساعات، رداً على الاحتجاجات التي اقتحمت ساحته في منتصف مارس الماضي. في بيانه الصادر عقب هذه الاحتجاجات، أعلن المتحف أنه يحترم حق الآخرين في التعبير عن آرائهم، ويسمح بالاحتجاج السلمي في موقع المتحف، طالما لا يوجد خطر على الأعمال الفنية أو الموظفين والزوار.

حول العالم
التحديثات الحية

في الحقيقة، لم تثن هذه الاحتجاجات إدارة المتحف عن تعاونها مع الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ يواصل المتحف تعاونه الثقافي والأكاديمي مع المؤسسات الإسرائيلية كالمعتاد. من بين مظاهر التعاون الأخيرة بين المتحف وإسرائيل، موافقة إدارة المتحف على إعارة أسطوانة قورش إلى المكتبة الوطنية في إسرائيل خلال شهر نوفمبر المقبل. أسطوانة قورش هي إحدى القطع الأثرية من مجموعة الآثار العراقية التي توثق قصة استيلاء الملك الإخميني قورش على بابل في القرن السادس قبل الميلاد، وجهوده في استتباب الأمن والسلام وإعادة المنفيين إلى ديارهم.

المساهمون