قصة إليزابيث هولمز وشركتها "ثيرانوس": قضية احتيال تهز سيليكون فالي

قصة إليزابيث هولمز وشركتها "ثيرانوس": قضية احتيال تهز سيليكون فالي

05 يناير 2022
اعتبرت هولمز خليفة ستيف جوبز (أندرو بورتون/Getty)
+ الخط -

وُصفت بخليفة ستيف جوبز واعتبرتها مجلة "فوربس" أصغر مليارديرة عصامية في العالم، وادعت إحداث ثورة في عالم تشخيص الأمراض. أما اليوم، فقد دينت إليزابيث هولمز، مؤسسة شركة "ثيرانوس"، بالاحتيال على المستثمرين بعد محاكمة تاريخية استمرت شهوراً.

ممثلو الادعاء قالوا إن هولمز كذبت عن قصد بادعائها أن التكنولوجيا الخاصة بشركتها يمكن أن تكتشف الأمراض، مثل السرطان والسكري، عبر بضع قطرات من الدم.

أثناء ترويجها لـ"اختراعها"، تحدثت التقارير عن ثورة في تشخيص الأمراض، ووضعتها المجلات على أغلفتها، وتوالت الاستثمارات على الشركة التي أسستها وبلغت قيمتها 9 مليارات دولار.

لكن المحلّفين وجدوا أن هولمز مذنبة في أربع تهم، بما في ذلك التآمر لارتكاب الاحتيال ضد المستثمرين، وثلاث تهم بالاحتيال الإلكتروني.

ونفت هولمز التهم الموجهة إليها والتي تصل العقوبة القصوى لكل واحدة منها إلى السجن 20 عاماً.

من هي إليزابيث هولمز؟ 

في عام 2014، كانت إليزابيث هولمز، التي كانت تبلغ من العمر 30 عاماً حينها، على قمة العالم. تركت جامعة ستانفورد، وأسست شركة تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار، ووعدت بإحداث ثورة في تشخيص الأمراض.

بضع قطرات من الدم تكفي، هكذا كان وعد شركتها "ثيرانوس"، مع أداة الاختبار Edison التي يمكن أن تكتشف حالات مثل السرطان والسكري بسرعة من دون متاعب الإبر. جلس كبار الشخصيات من هنري كيسنجر إلى الجنرال جيمس ماتيس معها.

 لكن خيوط قصة هذا الاختراع بدأت تتفكك، وفي غضون عام، تم الكشف عن أن هولمز مخادعة. لم تنجح التكنولوجيا التي روجت لها على الإطلاق، وبحلول عام 2018 انهارت الشركة التي أسستها.

ولا يزال من غير الواضح سبب قيام هولمز بهذه المقامرة على التكنولوجيا التي كانت تعلم أنها لم تنجح.

لقد نشأت في أسرة ميسورة الحال في واشنطن العاصمة، وكانت طفلة مهذبة ولكنها منعزلة، وفقاً لما نقلته "بي بي سي" عن أشخاص يعرفونها.

تكهن المخترع ورجل الأعمال، ريتشارد فيز (81 عاماً)، بأنه لا بد أنه كان هناك ضغط هائل على هولمز لتحقيق النجاح.

عاشت عائلة فيز بجوار هولمز لسنوات، لكنهم اختلفوا بعد نزاع بشأن براءة اختراع في عام 2011، وتمت تسويته لاحقاً.

أمضى والدا هولمز الكثير من حياتهما المهنية كبيروقراطيين في الكابيتول هيل. كانا مهتمين للغاية بالمكانة، وعاشا من أجل العلاقات. الجد الأكبر لوالدها أسس خميرة فليشمان، التي غيرت صناعة الخبز في أميركا، وكانت الأسرة واعية جداً بنسبها.

في سن التاسعة، كتبت إليزابيث الصغيرة رسالة إلى والدها تعلن فيها أن ما "تريده حقاً من الحياة هو أن تكتشف شيئاً جديداً، شيئاً لم تكن البشرية تعلم أنه من الممكن القيام به".

في سن الثامنة عشرة، أظهرت عناداً قادها إلى تأسيس شركة. بعد أشهر انسحبت من جامعة ستانفورد في سن التاسعة عشرة وأطلقت "ثيرانوس"، معلنةً ابتكار طريقة ثورية على ما يبدو لاختبار الدم من وخز إصبع بسيط.

هولمز… محاكمة ملحمية

ادعت إليزابيث هولمز كذباً أن آلات التشخيص الخاصة بها يمكنها تحليل مئات الأمراض. أنشأت شركة بقيمة 9 مليارات دولار وهي لا تزال في التاسعة عشرة من عمرها، وأشاد بها بيل كلينتون وجو بايدن، وكان العالم في لحظة من اللحظات تحت قدميها، تقول "بي بي سي".

بقي سيناريو البراءة مطروحاً طويلاً. من الصعب مقاضاة حالات الاحتيال هذه. طُلب من المحلفين النظر في مئات الوثائق الفنية والاطلاع على أدلة من عشرات الشهود.

كما قدمت هولمز شخصياً أدلة في المحكمة، وهو أمر غير معتاد في محاكمة الاحتيال.

وخلال المحاكمة اتهمت هولمز صديقها السابق وشريكها التجاري، راميش بالواني، بالاعتداء العاطفي والجنسي وقت ارتكاب الجرائم المزعومة، مما أضر بحالتها العقلية، على حد زعمها. 

وينفي بالواني (56 عاماً)، الذي يواجه نفس تهم الاحتيال، هذه المزاعم، ووصفها بأنها "مشينة".

ويعتقد دفاع هولمز أيضاً أن لديه حجة قوية، وهي أن هولمز لم تبع أبداً أسهمها، حتى عندما كانت الشركة تبلغ قيمتها ما يقرب من 10 مليارات دولار.

وجادل دفاعها بأنها لو كانت مخادعة حقيقية لكانت قد أخذت المال وهربت. وبدلاً من ذلك، قال إنها تؤمن بما تفعله.

ومع ذلك، يمكن أن يكون كلا الأمرين صحيحاً، تقول "بي بي سي"، يمكن أن يكون لديك رؤية، وهدف، ومهمة كما تسميها هولمز، وأن تكون متورطاً في قضايا احتيال.

واستخدمت هولمز شعارات "فايزر" و"غلاكسو سميث كلين" للإشارة إلى أن شركتي الأدوية قد أيدتا "ثيرانوس" رغم أن هذا لم يكن صحيحاً. جعل الادعاء هذا دعامة رئيسية في حجته. 

كما كان لدفاع هولمز ثغرة كبيرة. يقول مقربون إن هولمز أدارت الشركة مثل مستبدة مهووسة. كانت تعرف كل شيء عما كان يحدث.

ومع ذلك، قال جزء من دفاعها إنها لم تكن تعلم ما كان يحدث في شركتها، أو المشاكل الرئيسية في التكنولوجيا التي تبيعها. في كثير من الأحيان قالت إنها لم تكن على علم بالمعلومات التي قدمها لها الادعاء، أو أنها لا تتذكر الأحداث الرئيسية. لم يكن هذا صحيحاً.

أرادت هولمز دائماً أن تكون في موقع السيطرة. وتكهن البعض بأن هذا هو سبب قرارها الإدلاء بشهادتها، لتكون في مقعد القيادة للدفاع عن نفسها ولكنها لم تنجح.

وادي السيليكون مليء بالمحتالين والدجالين. يرى البعض أن هذه المحاكمة سوف تجعل مؤسسي المشاريع يتريثون لأن هناك عواقب لعدم إخبار المستثمرين بالحقيقة.

لكن آخرين يتساءلون عما إذا كان هذا الحكم سيغير أي شيء، إذ في وادي السيليكون لا تزال هناك مكافآت كبيرة لبيع الأحلام، ولإخبار المستثمرين بما يريدون سماعه بدلاً من الحقيقة.

المساهمون