فيلم "ميتال لوردز"... من المدرسة إلى جحيم الموسيقى

فيلم "ميتال لوردز"... من المدرسة إلى جحيم الموسيقى

28 ابريل 2022
يركّز الفيلم على التحديات التي يعيشها المراهقون (نتفليكس)
+ الخط -

أخيراً، بثت منصة "نتفليكس"، فيلم Metal Lords (أسياد موسيقى الميتال)، الذي كتبه دي. بي. ويس (D. B. Weiss) المعروف بمشاركته في صناعة مسلسل "صراع العروش" Game of Thrones. لكن، في "ملوك الميتال"، نحن أمام خلطة مختلفة، لا تنانين فيها، بل مراهقَان، هما هانتر، المتحمس لموسيقى الميتال، وكيفين الشاب غريب الأطوار. تجمع الشابّين صداقة متوترة، ويسعيان إلى تأسيس فرقة موسيقية، هدفها اكتساح مسابقة "صراع فرق الموسيقى"، والتحول إلى آلهة الميتال في المدرسة.

يمكن معرفة حبكة الفيلم منذ مشاهدة الفيديو الترويجي له؛ إذ ينتمي إلى الأفلام الموسيقية، التي تحكي رحلة التحول من شخص عادي إلى موسيقي ثوري يعادي "السلطة"، كما في الفيلم الشهير "مدرسة الروك" School of Rock، من بطولة جاك بلاك. لكن الاختلاف، أننا أمام نوع موسيقي، يُعرف بـ "ميتال ما بعد الموت" الذي لم يعد يمتلك الشهرة والتأثير الكافيين، ويبدو في الفيلم كأنه وسيلة للاختلاف عن المحيط؛ أي طلاب المدرسة الذين يتعاملون مع كيفين وهانتر على أنهما ليسا موجودين.

لا يخلو الفيلم من الضحك والكوميديا، إلى جانب المواقف الجدية التي تكشف تحديات يعيشها المراهقون؛ فالأزياء والموسيقى والتنكر الخاص بموسيقى الميتال، يكشف عن الأسلوب الذي يحاول عبره المراهقون تحقيق ذاتهم وحل مشاكلهم، فهانتر يحاول التعامل مع فقدانه لأمه، وكيفين يحاول أن يحيا بصورة طبيعية، أما إيميلي التي تنضم إلى الفرقة لاحقاً؛ فيبدو أنها تعاني من اضطراب ثنائي القطب، ووجدت في صداقتها مع كيفين وفرقته مخرجاً ومتنفساً لموجات التقلب التي تمر بها.

لا يقدم الفيلم ما هو جديد في العلاقة مع تاريخ الموسيقى، كما أنه يحوي رحلة التحول التقليدية؛ مراهق يعزف آلة إيقاعية لا يكترث بها، ثم يتعلم الأغاني الجديدة، ويتحول إلى عازف ممتاز ذي موهبة لم يكن يعرفها. هذا بالضبط ما يدفعنا إلى طرح التساؤل حول طبيعة الموهبة. الأفلام من هذا النوع تركز دائماً على مهارة خفيّة ودفينة، لا بد أن تظهر خارجاً بالتدريب وتجد لنفسها مكاناً؛ فإيمان الفرد بفكرة والعمل جاهداً في سبيل تحقيقها، لا بد أن يوصل الفرد إلى نتيجة. هذه الصيغة التي يقولها هانتر حرفياً، ولا يمكن تعميمها إلا في الولايات المتحدة وثقافة الفردانية فيها. ففي سياقات أخرى، لا يكفي أن نؤمن بالدور الذي نريد أن نلعبه وبما نريده حتى يتحقق.

الصيغة السابقة، أي "اكتشاف الموهبة الخفية"، تعرضت للكثير من الانتقادات، خصوصاً حين نشاهد مسلسلات مثل Sex Education و13 Reasons Why التي على اختلافها، تكشف لنا عن جانب خفي من حياة المراهقين، ولحظات قد تحدد مصيرهم بينما هم على مقاعد المدرسة، ليظهر فيلم "أسياد موسيقى الميتال"، في هذه الحالة، ترفيهياً، واحتفاءً بنوع موسيقي وشكل ثقافي تراجع أمام هيمنة الهيب هوب التي نشهدها حالياً (افتتاح السوبر بول هذا العام في الولايات المتحدة كان تكريماً للهيب هوب والراب).

يشير الفيلم أيضاً إلى الأهل، والمشكلات التي يقعون بها وأثرها على المراهقين. هذا ما نتلمّسه حين أرسل والد هانتر، ابنه إلى مركز نفسي بسبب تصرفاته والمشاكل التي يرتكبها، من دون حتى أن يسأله عنها، أو يحاوره حول ما يختبره في حياته. وهذا ما دفع بعضهم إلى وصف الفيلم بأنه "يتبع القالب" من دون أي تساؤلات. ناهيك عن أن أداء هانتر (أدريان غرين سميث) هو الذي "يحمل" الفيلم بما قدمه من طاقة وحيويّة، لم يصل إليها زملاؤه.

لا يترك الفيلم أثراً بعد مشاهدته، لكن ما يطفو في المخيلة هو الحس بالنوستالجيا، ذاك الذي تراهن عليه الإنتاجات الجديدة، النوستالجيا تلك الآفة التي تراهن فيها شركات الإنتاج على ما هو مألوف وماض، ويخاطب فينا حساً بالفقدان، وبأن العالم لم يعد بالشكل الذي كان عليه، فمقولات مواجهة السلطة والتعبير عن الذات، تحولت حالياً إلى شكل تجاري تتبناه منصات التواصل الاجتماعي، وخطاب ثقافي تتبناه منظمات المجتمع المدني.

المساهمون