تتجسد ملامح فلسطين التاريخية، بمعالمها ومبانيها القديمة، على صدر لوحات، أنتجها فريق من مدينة غزة، وفق تقنية الغرافيك وأطلق الفريق الشبابي على نفسه اسم "ميماس".
وفن الغرافيك لون خاص من ألوان الفنون التشكيلية، ويتعاون على تنفيذ معطياته مجموعة من المنتجين، يختصون بأعمال الطباعة، والبرمجة، والتغليف والتسويق، فيما يُركز بشكل أساسي على التمثيل المرئي للأفكار والرسائل.
ويضُم الفريق الذي أطلق على نفسه اسم "ميماس"، تيمناً بأحد أبواب غزة القديمة عند ميناء غزة القديم، أعضاء متكاملين، تتوزع المهام فيما بينهم وفق تخصصات التصميم، من تنفيذ "الكلائش" أي حفر الرسومات على الجلد، والتسويق داخل وخارج فلسطين.
يقول الفنان التشكيلي عادل الطويل (27 عاماً)، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ويعمل في مجال الفنون البصرية، إنه بدأ مع فريقه العمل بشراء الأدوات الأساسية عن طريق الإنترنت، إلا أنها لم تكن بالمستوى المطلوب، ما دفعهم إلى السفر إلى مصر، لتوفير الأدوات اللازمة، إلى جانب التشبيك مع بعض الفنانين.
ولم يسلم المشروع الناشئ في بداية طريقه من العقبات، إذ دمر المقر لحظة قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية عمارة كحيل، غربي مدينة غزة، خلال العدوان الأخير على قطاع غزة. إلا أن الفريق لملم أطرافه، وعاود افتتاح مشروعه، إيماناً منه بأهمية الفن في إيصال الرسالة.
ولصناعة أي عمل فني وفق تقنية الغرافيك، يوضح الطويل لـ "العربي الجديد" أنه يتطلب وجود الأدوات الأساسية، وهي الرول، وأدوات الحفر، والحبر المخصص، و"لينو"، وهو جلد طبيعي يشبه المطاط، إضافة إلى أوراق مخصصة.
يضيف أنه يجري الرسم والحفر على الجلد وتسمى القطعة "كليشة"، وبعد الانتهاء من الحفر، يتم "تحبير الكليشة" باللون المطلوب من خلال الرول، ثم طباعتها، وقد يستغرق عمل الكليشة الواحدة يوماً أو يومين أو أكثر أو أقل، وذلك وفق تفاصيل اللوحة وحجمها.
تُطبع الرسمة على الأوراق المخصصة لفن الغرافيك، طبقاً لمعيار ومقاسات محددة، وفق قوانين "فيينا" الخاصة بالطباعة عالمياً، إذ يحدد العدد المطلوب طباعته من كل لوحة، وتُرقم، بينما يخربش ويخرّب العمل ما بعد الأخير، ويطبع وهو على الهيئة المخربة، لضمان عدم تكرار طباعة الرسمة مجدداً بعد الانتهاء من آخر رقم حُدد.
وبعد الانتهاء من طباعة اللوحة، تُرفق شهادة منشأ مع كل عمل فني، تتضمن صورة العمل واسم الفنان، وتاريخ إنشائه، واسم العمل بقلم الرصاص، وذلك لضمان عدم التزوير وإثبات أصل العمل لحماية الرسومات، وإضافة قيمة إضافية لها، ثم تغليف المنت. فيما تدخل في عملية تحديد سعره عدة معايير، يتحكم فيها الحجم والتقنيات المستخدمة، والوقت المُستغرق في عملية إنتاج اللوحة.
تقول المُهندسة المعمارية صباح الشوا، والتي انشغلت بتغليف عدد من الأعمال الفنية، إن ما يميز فن الغرافيك أنه يعتمد بشكل أساسي على العمل اليدوي الذي يُضفي قيمة جمالية على الأعمال الفنية.
ويحمِل المشروع، وفق الشوا، هدفاً أساسياً هو الحِفاظ على التراث الفلسطيني، مثل ثوب المرأة الفلسطينية، وشجرة الزيتون، والأماكن الأثرية.
أما العضوة في الفريق إسلام صبري، فتوضح أن الغرافيك ليس فناً جديداً، وأن فريق "ميماس" يحاول التميز عبر الربط بين ذلك الفن، والتراث الفلسطيني، بهدف الحفاظ عليه.
ووفق صبري، فإن عملية التسويق والترويج للأعمال الفنية تمُر بمرحلتين أساسيتين، منصات ومواقع التواصل الاجتماعي لعرض المُنتجات، وتحديد الفئة المهتمة، ثم التواصل مع الشريحة المُهتمة مُباشرة، للتعريف بالمُنتَج وتفاصيله.
ولم يغفل المشروع كذلك تجسيد الطبيعة والبيئة البحرية مثل الأسماك والزلف والزلط والقواقع، إلى جانب البيئة البرية والطيور الفلسطينية، مثل عصفور الشمس الفلسطيني، علاوة على توثيق مُخيمات اللجوء والحياة في أزقتها وحواريها وتفاصيلها.