فرقة Lambchop: أستمع إلى قمر الشيطان

30 مايو 2021
إذا كان هذا هو آخر شيء نقوم به معاً، لنقع في الحب (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، أصدرت فرقة الروك الأميركية Lambchop ألبوماً جديداً بعنوان Show tunes، وهو الألبوم الرسمي السادس عشر في مسيرة الفرقة التي بدأت رحلتها في منتصف التسعينيات.

منذ تشكلت فرقة Lambchop، وخلال كلّ الفترات التي مرت بها وتبدلت فيها معظم عناصر الفرقة، كان صوت كورت فاغنر دائماً هو العنصر الأبرز فيها، سواءً بنسخ الـ Cover التي كان يؤدي فيها أغاني من كلاسيكيات الروك، أو بالأغاني التي كان يؤلفها بنفسه.

لذلك، فإنّ اسم الفرقة اقترن لوقتٍ طويل بصورة فاغنر وهو يعزف على الغيتار، ويؤدي أغاني لبرنس أو رولينغ ستونز، ما أثر على هوية الفرقة بشكل كبير، وجعل حضورها المستمر لأكثر من ربع قرن بهذه الصورة لغزاً محيراً. لكن فاغنر انتفض عام 2019 على ذاته، ليبدأ بسلسلة ألبومات جديدة يتمرد فيها على صورته السابقة، ويعيد اكتشاف صوته، لتتضمن هذه التجربة ثلاثة ألبومات حتى هذه اللحظة، وهي: This  (2019)، Trip (2020)، بالإضافة لألبوم Showtunes الجديد، والذي خطا فيه فاغنر خطوة جديدة في رحلته، تخلى فيها عن عزف الغيتار، واكتفى بأداء أغنياته الجديدة على موسيقى تطغى عليها آلة البيانو، التي أعادت عزف المقاطع التي لحنها فاغنر على الغيتار بنفسه. وقد نجم عن هذه التجربة واحداً من أفضل ألبومات  Lambchop في مسيرتها بالمجمل.

يتكون الألبوم من ست أغانٍ، بالإضافة إلى مقطوعتي Papa Was a Rolling Stone Journalist و Impossible Meatballs الموسيقيتين، واللتين تساهمان بشكل واضح بتعزيز الأجواء الحميمية والدافئة التي يرسمها الألبوم عبر الأغاني الرقيقة التي يتناغم فيها صوت فاغنر مع آلة البيانو، ليؤدي مقاطع شعرية قصيرة وغريبة، تنطوي على كمّ كبير من الجمالية والغموض.

بالكاد تشكل الكلمات سياقاً؛ فهي أشبه بترديد عبارات كتبت بتداعٍ حر، تنحرف الفكرة عن مسارها قبل أن تتبلور، لتبدو أشبه بومضة تختفي قبل أن تترك أثراً، لكنّها لا تفتقد للعمق، فالكلمات مجتمعة، أو منفصلة، تنطوي على حساسية شعرية عالية تجاه الذات والعالم المحيط، لكنّها تنعكس بعبارات مبهمة وغير مترابطة.

ففي أغنية Blue Leo، التي يؤديها فاغنر بصوت مشوه، يقول: "في الوقت الذي يصل فيه طائر الفينيق، سنكون هناك في الحشد حول الخضار الورقية" ليصنع فاغنر بعبارة واحدة صورة يمكن التقاطها من الواقع، ويكسرها بالأسطورة، التي تحضر في هامش الحياة اليومية، لتعطي معنى للأفعال الروتينية.

في الأغنية نفسها، يحدد فاغنر تموضعه بين هذه العوالم، إذ يقول: "سيكون هناك سفك دماء عندما يحلّ موعد مغادرتك لمكان عملك. أنا أستمع إلى قمر الشيطان الذي يحلق في الخارج ببطء" ليكون فاغنر -وفقاً لذلك- صلة الوصل بين عالمين: عالم الواقع الروتيني الرتيب، وعالم الأسطورة والخيالات المرعبة؛ فهو من يستحضرها ليكسر رتابة الواقع، وهو من يسمع صداها أولاً، وهو من يُنذر بها.

تزداد النبرة العاطفية في أغان أخرى، كما هي الحال في Fuku، التي يرد بها: "إذا كان هذا هو آخر شيء نقوم به معاً، لنقع في الحب" والتي تبدو كأنّها عبارات تتردد لمقاومة الفكر العدمي الطاغي.

وفي المسار الختامي The Last Benedict، يحاول فاغنر أن يفسر كلّ الأفكار الغريبة عنه، والتي أقحمها فجأة في ألبومه الجديد، ليقول: "هذه ليست إلاّ شجاعة من شخص أحمق" ليعود ويذكّرنا بأنّه رجل أمضى معظم مسيرته في اللعب بالمساحات الآمنة، ويؤكد أنّ هذه الثورة المستجدة في أسلوبه لا تتوافق مع فكره الفني.

المساهمون