صحيفة الإبادة... "الواقع" لإغراء الغزيين بالعمالة

صحيفة الإبادة... "الواقع" لإغراء الغزيين بالعمالة

01 مارس 2024
في رفح شمالي قطاع غزة (محمد عبد/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تعد إسرائيل تكتفي بإبادة الفلسطينيين في قطاع غزة قتلاً بالرصاص والصواريخ أو من سوء التغذية، إذ سلطت الصحافية ولاء صباح، في تقرير نشرته النسخة الإنكليزية من "العربي الجديد" (The New Arab)، الثلاثاء، الضوء على الأشكال المختلفة من الحرب النفسية التي تشنها قوات الاحتلال لترهيب الفلسطينيين في مختلف أنحاء قطاع غزة المحاصر.

إذ تبث الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، المجهزة بمكبرات الصوت، دعاية ضد الفصائل الفلسطينية، وتُسقط الطائرات مناشير تطالب الفلسطينيين بالفرار من منازلهم. وتتلقى النساء رسائل تهديد من أرقام إسرائيلية مجهولة. وتستخدم الفخاخ المتفجرة لإغراء الغزيين الذين يتضورون جوعاً أثناء انتظارهم للحصول على المساعدات.

وبعد ما يقرب من خمسة شهور على حرب الإبادة الجماعية، تبنت إسرائيل نهجاً جديداً في التعامل مع الحرب النفسية: إنشاء صحيفة تحت عنوان "الواقع"، هدفها نزع الثقة تجاه المسؤولين في غزة وإغراء المدنيين ليصبحوا جواسيس لها.

ووفقاً للصحافية ولاء صباح، أسقط العدد الأول من الصحيفة بطائرات بدون طيار في دير البلح، وسط قطاع غزة. أما العدد الثاني فأسقط في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة. وتضمن كلا الإصدارين رقماً للتواصل عبر تطبيق واتساب وعنواناً لقناة على "تليغرام" تحمل اسم NewGaza24.

العدد الأول من صحيفة "الواقع" في دير البلح (ولاء صباح)
العدد الأول من صحيفة "الواقع" في دير البلح (ولاء صباح)

وتحدثت أسماء (30 عاماً)، وهي أم نازحة، للنسخة الإنكليزية من "العربي الجديد"، عن كيفية حصولها على نسخة من "الواقع" في دير البلح، وقالت: "في 3 فبراير/ شباط، في نحو الساعة الثامنة صباحاً، ألقت طائرات بدون طيار إسرائيلية مناشير يظهر على صفحتها الأولى أطفال قتلى ومبان مدمرة. في الجزء العلوي الأيسر من الصحيفة كُتب: العدد الأول. وأفترض أنه سيكون هناك المزيد من الأعداد".

وأضافت: "بالنسبة لإسرائيل، يبدو أن القتل والدمار غير كافيين، لقد تبنوا استراتيجية جديدة لبث الخوف فينا (...) يبدو أن إسرائيل مهووسة بالحرب النفسية. وبصراحة، لا تحتاج إلى ذلك - لقد استنزفنا عاطفياً بالفعل. في 29 ديسمبر/ كانون الأول، قتلت ثمانية أفراد من عائلتي، بمن فيهم عمي وزوجته وأطفاله. لم يعد لدينا ما نبكي عليه، فحربهم النفسية لم تعد ذات أهمية".

كما تحدث فارس، وهو ممرض متطوع في رفح، عن تجربته مع المناشير الإسرائيلية للنسخة الإنكليزية من "العربي الجديد"، قائلاً: "خلال الأسابيع القليلة الأولى من العدوان الإسرائيلي، بدأت الطائرات بدون طيار بإسقاط مناشير تطالبنا بالفرار من منازلنا. وفي كل مرة يتم إسقاط منشور، نشعر وكأننا سنتشرد مرة أخرى. إن مجرد ذكر كلمة منشور يثير الآن في الأذهان اضطراباً عاطفياً شديداً. نحن نخشى احتمال الفرار مرة أخرى".

وبمجرد إسقاط العدد الثاني من صحيفة "الواقع"، سرعان ما أصبحت حديث الفلسطينيين في رفح. وأوضح فارس أن "الكلّ يتحدثون عنها. أسمع المرضى يحللون المحتوى ويخشون مما سيأتي بعد ذلك. يقولون: هل هو تهديد أم محاولة لإثارة الاضطرابات أم أنه بمثابة مقدمة لهجوم؟ كلما أسقط منشور، أسمع الأطفال يصرخون: إنهم يقتحمون رفح، ويتردد صدى أصواتهم في جميع أنحاء المخيمات".

أما نسرين (49 عاماً)، وهي أم لستة أطفال نازحة في خانيونس، فقالت إن إسرائيل تنتهج "اللعب القذر" بمشاعر النساء، وأوضحت، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يستهدف النساء المستضعفات اللاتي أهملهن المجتمع الدولي و"أولئك اللواتي يطلقن على أنفسهن صفة النسويات">

وسردت: "في 20 فبراير، تلقيت رسالة على هاتفي. كانت الرسالة مكتوبة باللغة العربية، وجاء في نصها: النساء لا يمثلن نصف المجتمع، بل يمثلن المجتمع كله. إلى نساء غزة الشجاعات، أنتن مجاهدات بطلات قادرات على إيقاف الدمار والاضطراب في غزة. قوتكن يمكن أن تؤمن المستقبل لأطفال غزة. يرجى مساعدتنا في جمع أي معلومات بخصوص الرهائن والجنود المحتجزين. تواصلن معنا على عبر اتصال أو رسالة من خلال تطبيق واتساب أو تليغرام على هذا الرقم..."، وأضافت مستنكرة: "لقد زودونا برقم لنتحدث إليهم. هذا مجرد إهدار للموارد والطاقة. لا ينبغي للنساء أن يتورطن في الحرب. لقد قتلت إسرائيل بالفعل أكثر من 8 آلاف امرأة منذ بدء عدوانها. كيف يتوقعون منا أن نصدقهم؟ إنهم لا يحترمون النساء ولا الأطفال".

المساهمون