صحافيون لبنانيون يعتصمون ضد الاستدعاءات الأمنية: حان وقت المحاسبة

صحافيون لبنانيون يعتصمون ضد الاستدعاءات الأمنية: حان وقت المحاسبة

03 ابريل 2023
من الاعتصام أمام قصر العدل (العربي الجديد)
+ الخط -

اعتصم صحافيون في لبنان، الاثنين، في منطقة العدلية في بيروت، احتجاجاً على الاستدعاءات الأمنية غير القانونية التي طاولت صحافيين وصحافيات خلال الأسبوع الماضي، معتبرين أنّها أساليب ترهيبية تعيد لبنان إلى زمن الوصاية والمليشيات. ودعا تجمع نقابة الصحافة البديلة للاعتصام، إضافةً إلى مجموعات أخرى منبثقة أيضاً من انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وبينها "مدى" وحزب "لنا"، تحت عنوان "ولى زمن الوصاية وحان زمن المحاسبة".

وتجمّع الصحافيون أمام مقرّ وزارة العدل ونقابة المحامين في بيروت احتجاجاً على الممارسات غير القانونية بحق الصحافيين. إذ استدعى جهاز "أمن الدولة" اللبناني، يوم الخميس الماضي، المؤسس المشارك في منصة "ميغافون"، جان قصير، للمثول أمامه يوم الجمعة الماضي، من دون الإفصاح عن سبب التحقيق. وكان أسلوب استدعاء قصير باعتراض سيارته خلال قيادته، وليس إلى عنوان سكنه أو عمله، أكثر ما أثار غضب الصحافيين كونه ليس فقط غير قانوني، إنما رأوا فيه "عودة إلى زمن الوصاية والمليشيات" الذي كان سائداً في لبنان ودفع صحافيون بسببه حياتهم ثمناً لهذا النهج الأمني.
رفع الصحافيون في الاعتصام لافتات كتب عليها "التحقيقات الأمنية مع الصحافيين غير قانونية" و"الصحافة حرة يا عسكر" و"فارون من العدالة يلاحقون الصحافيين" و"نحنا منلاحقكم مش إنتو بتلاحقونا" و"الصحافة مش مكسر عصا" وغيرها.

وقالت منسقة تجمع نقابة الصحافة البديلة إلسي مفرّج، في كلمة ألقتها خلال الاعتصام: "رأينا جهازاً أمنياً، رئيسُه مطلوبٌ إلى التحقيق في قضية انفجار 4 أغسطس/آب، يعترض طريق الزميل في منصة "ميغافون"، جان قصير، بطريقة مليشياوية ومخالفة لأبسط قواعد الاستدعاء، وبإشارة قضائية مخالفة للقانون صادرة عن مدّعٍ عام مطلوبٍ بدوره إلى التحقيق. لماذا هذا الانتهاك؟ بسبب منشور يتحدث عن تهرّب رئيس هذا الجهاز الأمني والمدعي العام نفسه من التحقيق، عنوانه: (لبنان يحكمه فارون من العدالة). ورأينا أيضاً حزباً شارك في الحرب اللبنانية، يُقاضي مؤسسةً إعلامية بسبب تحقيق عن واحدة من الجرائم البيئية التي ارتُكبت خلال الحرب، والتي لا يشملها قانون العفو العام الذي أصدره زعماء المليشيات عن جرائمهم بعد الحرب. ورأينا كيف أن هذا الاستدعاء حوّلته النيابة العامة إلى مكتبٍ، مهامُه يجب أن تكون محصورة بالدعم الفني لكشف وملاحقة الجرائم الإلكترونية، وليس للتحقيق مع الصحافيين والصحافيات على خلفية أقوالهم وكتاباتهم أو أفعالهم الصحافية".
 


وأضافت مفرّج: "من الواضح أن هذا النظام الذي ينهار ويتداعى يتهوّر أكثر فأكثر، ليكمل حفلة ترهيبه ضد الصحافة والمساحات التي تفضحه وتكشف يومياً عن انتهاكاته بحق حرية التعبير وإجرامه وفساده. يظن النظام أنه بهذه الحملات سوف يخيفنا ويُعيد لبنان - أو ما بقي منه - إلى زمن الترهيب والقمع وإسكات الأصوات الحرة".
وقال الصحافي جان قصير، في تعليق لـ"العربي الجديد"، إنّ "الموضوع يعني الصحافة ككل والمواطنين أيضاً"، مضيفاً أنّ "خطورة ما حصل هو في طريقة التبليغ والعودة إلى الأساليب الأمنية، وهو ما يظهر أنّ هذه (آخر خرطوشة) عند هذه السلطة العاجزة عن كثير من الأمور في هذا البلد، والتي تعترض على الأصوات التي تريد أن تخبر القصة كما هي، بعدما جوّعت وقتلت هذا الشعب".

من جهتها، قالت رئيسة تحرير "مصدر عام"، لارا بيطار، التي استُدعيت للمثول يوم الخميس المقبل أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، في تعليق لـ"العربي الجديد" خلال الاعتصام: "نحن هنا لندعم الصحافة المستقلة في لبنان بشكل عام. كان شائناً أن نرى كيفية استدعاء جان قصير بطريقة مليشياوية، وفي نفس الوقت، كنا نحن في (مصدر عام) نواجه حملة تخويف بسبب عملنا". وأضافت: "أعتقد أنه من الضروري أن نقف معاً في وجه هذه التكتيكات التي تستخدم ضدنا". 

وكانت "ميغافون" قد أعلنت يوم الجمعة الماضي أنّ "النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات هو من أصدر إشارةً للتحقيق مع مالكي موقع ميغافون، غالباً لورود اسمه ضمن المنشور كأحد الذين ادّعى عليهم المحقّق العدلي طارق بيطار في قضيّة المرفأ. وبذلك، يكون عويدات قد خالف القانون مرّةً جديدة، لأنّه لا يصحّ للنيابات العامّة التحرّك في قضايا القدح والذمّ من دون وجود ادّعاء شخصيّ من المتضرِّر، باستثناء القدح والذمّ الواقعَيْن على رئيس الجمهوريّة حصراً". وبناءً عليه، طلبت محامية المنصة ديالا شحادة تطبيق قانون المطبوعات لجهة عدم مثول الصحافيّ المعنيّ بالملاحقة سوى أمام قاضي تحقيق أو أمام محكمة المطبوعات.

من جهتها، أعلنت منصة "مصدر عام" المستقلة أنّها استدعيت للتحقيق أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية يوم الخميس 6 إبريل/نيسان المقبل، بناءً على دعوى مقدمة من "القوات اللبنانية" على خلفية مقال عن الجرائم البيئية خلال الحرب الأهلية اللبنانية. ويشار هنا إلى أنّ استدعاء المكتب الصحافيين هو أيضاً غير قانوني، إذ من مكتسبات الصحافيين في لبنان ألا يتم استدعاؤهم إلى الأجهزة الأمنية، بل يجرى التقاضي في المحكمة الخاصة بهم وهي محكمة المطبوعات.

المساهمون