صحافيات جزائريات ينظمن معرضاً لإبداعاتهن خارج قاعات الأخبار

صحافيات جزائريات ينظمن معرضاً لإبداعاتهن خارج قاعات الأخبار

18 مايو 2022
عرضت الصحافيات أعمالهن في قصر الرياس (فيسبوك)
+ الخط -

نظمت مجموعة من الصحافيات الجزائريات للمرة الأولى معرضاً لإبداعاتهن خارج المجال الصحافي، يضم إنجازات لهوياتهن خارج الصحافة، بعدما انتظمن في مجموعة على موقع فيسبوك باسم "صحافيات كل صبع بصنعة" تضم أكثر من أربعة آلاف من ممارسات مهنة الإعلام في الجزائر ومقيمات في عدد من الدول، لتلتقي بعضهن لأول مرة من خلال مواهبهن وإبداعاتهن.

وضعن الأقلام والدفاتر والكاميرا والكمبيوتر على جنب ليوم واحد، وأخذن إجازة من الصحافة. ساعات مقتطعة من عمر مهنة المتاعب لمعانقة بعض الحرف التي لم تطمسها مهنة السرعة، وودعن لفترة قصيرة ضغوطات العمل الميداني، وباتت أشغال أناملهن هي موضوع الحدث وزاوية من زوايا التغطية الإعلامية والحدث ثم التكريم أيضاً.

واختارت المجموعة الصحافية المكان المسمّى بـ"قصر الرياس" أو "الحصن 23" في الواجهة البحرية للعاصمة الجزائرية، لعرض إبداعاتهن في فعالية وُسِمت بعنوان "تفاصيل فنية بأنامل صحافية"، تحت إشراف مركز الفنون والثقافة وبمساهمة الجمعية الوطنية "تراثنا جزايرنا" و"المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار".

ويعدّ هذا المعرض الأول من نوعه في الجزائر، وحسب صاحبة فكرة الفعالية، سمية سعادة، هو "يعكس الجانب الخفي من عمل الصحافيات بعيداً عن قاعات التحرير وتسارع الأحداث، إذ ارتأين الالتفاف حول مشروع فني إبداعي، يمكنهن من الكشف عن مواهبهن وتقديم إبداعات الأنامل في مختلف المجالات الفنية".

الصورة
صحافيات كل صبع بصنعة
(فيسبوك)

وأكدت سعادة لـ"العربي الجديد" أن المعرض متميّز إذ أخرج الصحافيات من الشغف الإعلامي في محاولة لمس الشّغف الإبداعي، الذي "لا يمكن أن يبزغ نوره دون أن يتم صقله ومواصلة صقله والتدريب عليه كعمل يدوي".

من جانبها، تركت الصحافية، غنية قمراوي، صاحبة صحيفة "الأولى" مكتبها وروتين متابعاتها الصحافية للأحداث السياسية الاجتماعية والاقتصادية، وفتحت صندوق إبداعاتها، وشاركت في هذه التظاهرة معتبرةً إياها "فضاءً أوسع وأرحب وأكثر خصوصية".

وشاركت قمراوي بعدة منتجات بأناملها، إذ داعبت الألوان الزاهية عن طريق فنّ الرسم على الزجاج والتطريز أيضاً باعتبارهما هواية منذ الصغر تعلمتها منذ أن كانت في سن الطفولة، لتصقلها في البيت كلما تسنى لها ذلك كهواية لم تتركها رغم متاعب مهنة الصحافة.

وثمّنت الصحافية قمراوي المبادرة إذ أخرجت المجموعة من الفضاء الافتراضي إلى الفضاء الواقعي، مشددة في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن المبادرة يمكنها أن تذهب بعيداً في تشكيل نادٍ ثقافي للصحافيات يمكن من خلاله الاستفادة من تجاربهن وتنظيم أيام دراسة ومعارض أخرى، كما يمكنهن من طرح انشغالاتهن وابتعادهن أكثر عن رتابة العمل الروتيني اليومي.

التاريخ والتقاليد حاضران في إبداعات الصحافيات، وهو ما يعكس اختيار مكان المعرض الذي يحمل رمزية كبيرة، إذ يعدّ قصر "رياس البحر" معلماً تاريخياً بُني سنة 1576 في فترة الحكم العثماني، وصنّفته المنظمة الأممية للثقافة والعلوم (يونسكو) ضمن التراث العالمي المحمي، كما أنه جزء من مباني مدينة القصبة الأثرية الحية أيضاً.

خصوصية المكان غمرت الكثيرات، إذ عاد البعض منهن إلى تقديم عروض للملابس التقليدية من صناعة أنامل عدد من الصحافيات، انسجاماً مع الفسحة التاريخية التي يوفرها الحصن المعماري، إذ قدّمت الصحافية في الإذاعة الوطنية (القناة الأولى) أحلام روابح إبداعاتها في مجال التطريز والخياطة، تأسياً بمختلف أفراد عائلتها.

وقالت إنها أصيلة عاصمة الشرق الجزائري قسنطينة المعروفة بفنّ الطرز على القماش الحريري الفاخر وتعليم الفتيات منذ الصغر هذه الحرفة.

وبعيداً عن ميكروفون الإذاعة حملت روابح الإبرة والخيط قبل أن تحمل القلم والورقة في الصحافة منذ أكثر من عشريتين من الزمن، إذ هي تجيد الطرز كما هم جميع أفراد عائلتها، كما تأثرت بالبيئة التي عاشت فيها عندما انتقلت للعيش في وهران في الغرب الجزائري حيث يجيدون حرفة الطرز والخياطة والتصميم.

أما الصحافية ياسمين جنوحات، فاعتبرت هذه الفكرة بوابة لفتح آفاق كبيرة أمام الصحافيات بعيداً عن الهمّ اليومي الإعلامي، لافتةً إلى أن الإبداع لا حدود له في غياب تنظيم يجمع الصحافيات الجزائريات.

الصورة
صحافيات كل صبع بصنعة
(فيسبوك)

واقترحت جنوحات لـ"العربي الجديد" أن يتمّ التحضير لتظاهرات ثقافية وفنية أخرى وندوات تهمّ الصحافيات لتكون مفتوحة لهنّ وتبادل المعارف فيما بينهنّ.

من الرسم على الزجاج والأشغال اليدوية والخياطة والطرز إلى الطبخ وصناعة الحلويات التقليدية والعصرية، وعالم القصص والرواية، اعتبرت مديرة مركز الفنون والثقافة في قصر "رياس البحر" فايزة رياش المبادرة خطوة نحو تفعيل العمل الإبداعي للمرأة الجزائرية في مجال الإعلام، وإخراجها من النمطية نحو اكتشاف المواهب وتشجيعها للمشاركة في معارض أخرى.

وأكدت زياش في كلمتها حول المبادرة أنها تفتح الشهية لمتابعة تقديم عروض مختلفة في المؤسسة كفضاء ثقافي وفني وتاريخي للتواصل بين المبدعين في المجال الإعلامي سواء على المستوى المحلي والوطني والعربي أيضاً. كما حظيت الصحافيات بالتكريم عن إنجازاتهن من قبل مركز الثقافة والفنون للمعلم التاريخي (قصر الرياس-الحصن 23)، في التفاتة نالت استحسان المشاركات.

ولفت المعرض اهتمام الصحافيين والجمهور من مختلف الشرائح، إذ استقطب الفضاء التاريخي الشباب والنساء والرجال من المهتمين بالفنّ والإبداع، وجذب فضول الكثيرين ممن أرادوا التعرف عن قرب على صحافيات ألفوهن إما وراء الشاشة أو الميكروفون أو من خلال الأسماء عبر الصحف والمواقع الإلكترونية والتواصل معهن عن قرب بعيدا عن مهنة المتاعب.

المساهمون