رمز عاصمة سيبيريا يثير جدلاً بعد إلغاء فوز إنسان الغاب "باتو"

رمز عاصمة سيبيريا يثير جدلاً بعد إلغاء فوز إنسان الغاب "باتو"

17 فبراير 2022
إنسان الغاب "باتو" يعيش في مدينة نوفوسيبيرسك منذ 2008 (كيريل كوخمار/تاسّ)
+ الخط -

بعد تحولها إلى فضيحة سياسية إثر الجدل الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، قررت إدارة مدينة نوفوسيبيرسك (3000 كلم شرقي موسكو)، عاصمة إقليم سيبيريا، إلغاء نتائج التصويت لتحديد تميمة للمدينة كرمز لها، بعد اختيارها مدينة العام 2023 في روسيا. وأكدت السلطات المحلية في المدينة أنها ستعمل على اختيار تميمة مناسبة بطريقة أخرى في أقرب وقت.

بدأ الجدل منذ منتصف يناير/ كانون الثاني، فور إعلان حديقة الحيوانات في المدينة ترشيح خمسة حيوانات وطرح إدارة المدينة المرشحين للتصويت على موقعها الإلكتروني، وسخر مغردون من تضمن القائمة "إنسان الغاب" الذي يعيش عادة في المناخ الاستوائي، لكن المعارضة قررت انتهاز الفرصة، ودعت أنصارها إلى التصويت بكثافة لصالح إنسان الغاب، ما أسهم في تقدمه بشكل لافت على المرشحين الآخرين، وهم قط بالاس ونمر آمور والنمر الثلجي أو الدب القطبي.

ورداً على خطوة المعارضة حشدت السلطات مؤيديها لتغيير النتيجة، ولكن من دون جدوى، فقد انتهى التصويت بفوز إنسان الغاب "باتو" بنحو 40 في المائة، على حساب مرشح السلطة القط "بالاس -سايان" الذي لم يحظ رغم كل محاولات السلطة بأكثر من 37 في المائة من أصوات 133 ألفاً أدلوا برأيهم.

وبعد النتائج المخيبة، أصدرت حديقة الحيوان بياناً رسمياً، قالت فيه: "لقد دعونا سكان نوفوسيبيرسك للاختيار من بين حيواناتنا (حيوانات محددة موجودة في الحديقة)، تميمة رأس السنة الجديدة في روسيا عام 2023. كنا نأمل بالاهتمام الصادق والموقف الإيجابي تجاه فكرتنا. لسوء الحظ، نرى اليوم أن حيواناتنا أصبحت مشاركة في مهزلة نظمها الناس. يستخدم الاستطلاع لأغراض بعيدة كل البعد عن اختيار رمز احتفالي لمدينة نوفوسيبيرسك".

واتهمت الحديقة عدداً من المدونين والنواب والصحافيين من داخل المدينة وخارجها بدعوة جمهورهم إلى إضفاء صبغة سياسية على استطلاع الرأي، وخلصت إلى أن "الطبيعة السلبية لما يحدث مع اقتراب نهاية التصويت باتت تثير الشكوك".

وأعلنت نائبة العمدة آنا تيريشكوفا، في 7 فبراير/ شباط الحالي، أن مكتب العمدة يبحث عن طريقة جديدة لتحديد تميمة رأس السنة الجديدة، نظراً لأن نتائج استطلاع على موقع البلدية "فقدت مصداقيتها". وألمحت إلى أنه في التصويت المقبل لن تكون هناك حيوانات غريبة، وتلك التي لا تعيش في سيبيريا عامة.

فوجئ كثيرون بضم إنسان الغاب إلى القائمة. وعلى الرغم من عدم التحمس للحيوان الغريب عن روسيا في البداية، إلا أن حملات للتصويت لإنسان الغاب قادها مدونون وسياسيون وأشخاص من نوفوسيبيرسك يتمتعون بروح الدعابة. وتجاوزت شهرة إنسان الغاب "باتو" نوفوسيبيرسك، وأطلق عليه المدون الشهير من موسكو، إيليا فارلاموف، لقب "مرشح الشعب"، وحض المشتركين على التصويت.

ومعلوم أن إنسان الغاب المدرج ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض هو أقراب أنواع القرود إلى الإنسان وفقاً للحمض النووي، وكذلك لمستوى الذكاء، وقد يعيش حتى 60 عاماً. وأما "باتو" الذي فاز بنتائج التصويت، فقد ولد في حديقة حيوان في جمهورية التشيك في 1999، وفي أغسطس/ آب سيبلغ 23 عاماً، ومنذ 2008 يعيش في مدينة نوفوسيبيرسك. وخطف الأنظار، وبات الحيوان المفضل لزوار حديقة الحيوان في المدينة. ويعيش "باتو" مع شريكته "ميتشيل"، المولودة في حديقة موسكو للحيوانات في 2009، منذ 2017، وأنجبا "ماكيتو" في 2018، و"جوليا" في 2019، لكن لم يكتب لها الحياة طويلاً.

وكما انتهز مغردون معارضون الفرصة للسخرية من السلطات لاختيار حيوان استوائي رمزاً لمدينة تتراجع فيها الحرارة شتاء إلى أقل من 40 درجة مئوية، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات ساخرة من قرار إلغاء نتائج التصويت. وتحول "باتو" إلى رمز للنضال من أجل الحريات، وقالت أما أولغا في تغريدة إن "(باتو) أصبح رمزاً للسعي إلى الحرية". وأجرى مغردون مقاربات بين إلغاء نتائج التصويت على اختيار رمز المدينة والوضع السياسي العام في البلاد وطريقة التعامل مع المعارضين.

وفي إسقاط مباشر على رأي الكرملين من المعارض أليكسي نافالني، كتب مغرد تحت اسم "الطابور الخامس" على "تويتر" ساخراً: "لم يلفظ بوتين في خطاباته اسم (باتو) أبداً، مفضلاً مصطلحات مثل إنسان الغاب الذي ذكرته وممثل الرئيسيات هذا وهذه الشخصية الشبيهة بالبشر". ومعلوم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتعمد في كل إجاباته بشأن نافالني إلى تجنب النطق باسمه، ويكتفي بالإشارة إليه بالقول إن "الشخصية التي ذكرتموها".

وانتهز المعلق كينغ الفرصة للهجوم على أعضاء مجلس الدوما (البرلمان الروسي)، وقال في صفحته على "تويتر" إن "باتو" هو "مرشح الشعب في مجلس الدوما، وفي حال فوزه فإنه سيتفوق على أعضاء المجلس بمستوى ذكائه وانضباطه".

وفي ظل الحملة على المعارضين وتصنيفهم كعملاء أجانب أو متطرفين، كتب مغرد تحت اسم "وقائع التدهور": "تصنيف إنسان الغاب (باتو) كعميل أجنبي".

المساهمون