جورج خباز لـ"العربي الجديد": لماذا لا ندخل في حقل ألغام؟

03 ديسمبر 2022
الأزمة التي يعاني منها المسرح عربياً أزمة تعبير (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

قال الممثل اللبناني، جورج خباز، إن حضوره ضيفاً في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يأتي في سياق تواصله كفنان عربي مع ما يجري من تظاهرات فنية تستحق المتابعة والتقييم. وأضاف، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن سينما بلاد الشام، واللبنانية تحديداً، لم ترتقِ بعد لأن تصبح صناعة مقارنة بمثيلتها المصرية: "السينما في مصر قديمة وعريقة، وتسمى صناعة، وفي بلادنا ما زالت ضمن التجارب الذاتية والفردية، وعندما تصبح صناعة، قد نستطيع حينها المقارنة".

وصف خباز السينما اللبنانية بالنوعية، فهي تنافس دورياً في أهم المهرجانات العالمية، في كانّ وفينيسيا وبرلين وتورنتو، وتصل أيضاً إلى سباق أوسكار، كما فيلما "كفرناحوم" لنادين لبكي، و"قضية رقم 23" لزياد الدويري، معتبراً ذلك مدعاة فخر ومؤشر أمل بصناعة سينمائية في المستقبل.

يؤمن خباز بإمكانية العمل في مصر، لكنه ينتظر العمل الذي يستوفي الشروط الفنية والإنسانية في قصة تقدمه كفنان لبناني في مصر، وقال: "وصلت إليّ عشرات الأعمال بعد (أصحاب... ولا أعز)، لكن لم أجد فيها ما يغريني للظهور مجدداً. رأيت استهلاكية عالية لا تتفق مع توجهاتي الفنية، فاعتذرت".

وحول فيلم "أصحاب... ولا أعز"، رفض خباز وصف الفيلم بالجريء، قائلاً: "الفيلم ليس جريئاً، هو صريح بكل بساطة، لأن هناك أفلاماً أجرأ بكثير مثل (عمارة يعقوبيان) و(سيدة الأقمار السوداء)، لكنه لامس بصراحته، على ما يبدو، دواخل الناس الذين انتقدوه. أرى هؤلاء يعيشون في ازدواجية المعايير بشكل أو بآخر، والمسرحي العالمي موليير قال إن أكثر من ضحك على مسرحية (البخيل) هو البخيل نفسه".

مسلسل "براندو الشرق" الذي ألفه خباز سيبدأ عرضه خلال العام المقبل على منصة شاهد، ويتألف من 10 حلقات. ويراهن خباز عليه، لأن "فيه طرح ومقاربة جديدان ونوع من الكوميديا السوداء، ومبني على قاعدة درامية تنتمي إلى كوميديا الموقف، وهو من أرقى أنواع الكوميديا، وفيه أيضاً دراما وفانتازيا، وأعتبره نقلة نوعية لعملي في الدراما العربية". المسلسل من إخراج أمين درة، ويشارك في بطولته ــ إلى جانب خباز ــ الممثلة أمل عرفة، وفؤاد يمين، ولورا خباز، وزينة مكي، وكارين سلامة، وإيلي متري، وآخرون.

ولا يخشى خباز الدخول في حقل ألغام، عند حديثه عن مسلسل "النار بالنار" الذي يجمعه مع عابد فهد وكاريس بشار، من تأليف رامي كوسا وإخراج محمد عبد العزيز، وسيعرض في الموسم الدرامي الرمضاني. وقال: "لماذا لا ندخل في حقل ألغام؟ نحن نقدم الدراما التي تشبهنا. المسلسل يتحدث عن حارة شعبية عشوائية في لبنان، فيها صراع اجتماعي يومي بين اللبنانيين واللاجئين السوريين، بعد الأحداث السياسية والاقتصادية الأخيرة".

أكد خباز ارتياحه في التعامل مع شركة صبّاح إخوان في "براندو الشرق" و"النار بالنار"، مبيناً أنها وفرت كل عوامل النجاح للعملين. وكشف أنه سيدخل أيضاً مع الشركة في مشروع سينمائي عنوانه "الواوي" من تأليفه وبطولته، حال الانتهاء من تصوير مسلسله الرمضاني.

نفى خباز هجرته للمسرح نهائياً، بدلالة اشتغاله الدرامي والتلفزيوني هذه الفترة، وأؤكد أنه ما زال مسكوناً بحب الخشبة، قائلاً: "أنا مخلص للمسرح. على مدى 25 عاماً، قدمت أعمالي المسرحية من دون توقف، لكن جائحة كوفيد-19 والأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية التي يمر بها لبنان، أجبرتنا على التوقف قليلاً، لأن أولويات الشعب اللبناني صارت مختلفة. الفن لم يعد من الأولويات، في ظل البحث عن لقمة العيش والبنزين والكهرباء، لكنني سأعود قريباً حال توافر البيئة المناسبة".

يرى خباز أن الأزمة التي يعاني منها المسرح على صعيد عربي تعود إلى أزمة التعبير بالدرجة الأولى، موضحاً: "نحن نمر بأوقات صعبة جميعاً في العالم العربي، ولا نستطيع التعبير عما يجري بشكل حقيقي، كذلك نفتقد المسرحيين الذين يتحدثون بلسان الناس، لأن المسرح مرآة حقيقية للمجتمع، ونحن بحاجة لطرح موضوعات تعيد الناس إلى المسرح، بعيداً عن مسرح الابتذال والإغراء والتسويف".

وعن دور الفنانين اللبنانيين حالياً، في ظل الظروف الصعبة التي يعيش فيها الشعب اللبناني، قال خباز: "علينا العمل على تعزيز الإنسانية لدى الأفراد، لأننا عندما نعزز شخصية الفرد بالحرية والإنسانية والجمال فنياً، يصبح دورنا مهماً ومطلوباً على الأرض عبر بثّ رسائل توعوية إيجابية، وعلينا ألا نمنحهم الأمل الكاذب كما يفعل معهم السياسيون منذ عشرات السنين. دورنا الأساسي أن نقدم لهم الفن الحقيقي الذي يشبههم ويعبّر عنهم".

وحول تصريحه الذي قال فيه إن الدراما تقدم الواقع، لكن لا تعبّر عنه بشكل كامل، فسّر خباز قائلاً: "هناك من يخاف أن يدخل في التفاصيل، لكن الواقع هو الواقع المعبّر عن الحقيقة بنتائجه، ونحن نعيش كعرب في ظل العشوائيات والفوضى والمشاكل الطبقية والاجتماعية، لكننا لا نتحدث عن الأسباب، لذا علينا كفنانين وضع أيدينا على الأسباب والعمل على معالجتها، لا أن نعالج النتائج فقط، لأننا حينها سنبقى نقدم دراما في الهواء، تنظر إلى القشور، لا إلى الداخل".

المساهمون