تغطية الجنازات أزمة في الصحافة المصرية

تغطية الجنازات أزمة في الصحافة المصرية

12 اغسطس 2021
خلال جنازة دلال عبد العزيز (الأناضول)
+ الخط -

على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المجموعات الخاصة بالصحافيين فيها، ساد استياء من تصريحات نقيب الصحافيين المصريين، بشأن تصوير وتغطية الجنازات والعزاءات، على خلفية بعض الانتهاكات التي وقعت في تغطية جنازة الفنانة المصرية الراحلة، دلال عبد العزيز.

نقيب الصحافيين المصريين، ضياء رشوان، اختصّ الإعلامي المصري، يوسف الحسيني، وبرنامجه الذي عرض مساء الاثنين 9 أغسطس/آب الجاري، ببيان رسمي قدم فيه اعتذاره بشكل شخصي وباسم جموع الصحافيين، لأسرة الفنانة الراحلة، واعداً بتقديم مشروع ميثاق أخلاقي خاص بتغطية الجنازات والعزاءات تصويراً وتحريراً. وحسبما جاء في بيان ضياء رشوان الذي تلاه يوسف الحسيني على الهواء مباشرة أمام ضيوفه الحاضرين لمناقشة مهنية تغطية الجنازات والعزاءات، لانشغال نقيب الصحافيين وعدم قدرته على المشاركة في الحلقة، فقد قال نصاً: "يتقدم نقيب الصحافيين بأحرّ التعازي للأسرة الفنية عموماً، وعائلة الفقيدين الكبيرين سمير غانم ودلال عبد العزيز، خصوصاً، راجياً من الله قبولهما، أرجو من أسرة الفقيدة الكريمة دلال عبد العزيز، قبول اعتذاري الشخصي وباسم كل زملائي الصحافيين عن أي سلوك قد يكون صدر من بعض ممن ينتمي لمهنتنا النبيلة تصويراً أو تحريراً ويحمل أي إساءة أو تجاوز لحرمة الموت وجلال الجنازة وخصوصية كل حاضريها". وتابع ضياء رشوان: "وحتى نضمن عدم تكرار مثل هذه التجاوزات فإنني سأطرح على مجلس نقابة الصحافيين في اجتماعه القادم، مشروع "كود أخلاقي" لتغطية الجنازات والعزاءات تصويراً وتحريراً، يستقي بنوده من قانون نقابتنا وميثاق الشرف الصحافي والتقاليد المصرية الراسخة والخصوصية الواجب احترامها، وسأسعى فور إقرار هذا الكود للتنسيق مع كل الزملاء نقباء النقابات الفنية المعنية وكل المؤسسات النقابية والمعنية ذات الصلة لضمان تطبيق هذا الكود بالتعاون بيننا جميعاً".

اعتذار نقيب الصحافيين على الهواء أغضب صحافيين كثراً، دافعوا عن حق زملائهم في تغطية هذا النوع من المناسبات، على أساس أن الفنانين والمشاهير بشكل عام هم دائماً في بؤرة الأحداث، ومن حق الجماهير متابعة أخبارهم. والفريق المدافع عن حق الإعلام بتغطية هذا النوع من المناسبات، يرى أن مراسم تشييع جنازات المشاهير من رجال ونساء الفن والأدب والسياسة والإعلام والرياضة، تحظى باهتمام إعلامي كبير، بل إن بعض عائلات المشاهير يسعون إلى توثيق وتصوير مثل هذه المناسبات، للاحتفاظ بها على سبيل الذكرى.

لكن خلال تغطية هذه الأحداث قد يرتكب بعض المصورين والمراسلين مخالفات وتجاوزات تسبب مشادات ومشاحنات بين عائلة المتوفى ومحبيه، وبين مراسلي القنوات أو مصوري المواقع الاخبارية المكلفين تغطية الحدث. ومن هذا المنطلق تعالت الأصوات المطالبة بحظر تغطية جنازات وعزاءات المشاهير، بعد الأخطاء التي ارتكبها بعض مراسلي ومصوري القنوات والمواقع الإخبارية خلال تغطية جنازة الفنانة الراحلة دلال عبد العزيز.

وكان المرصد المصري للصحافة والإعلام، قد رصد عدداً من المخالفات المهنية التي وقعت خلال جنازة دلال عبد العزيز، وتلخصت بالتصوير من مسافات قريبة، واقتحام خصوصيات عائلة الفنانة الراحلة عبر تصوير مشاعرهم الطبيعية من بكاء وحسرة على موت فقيدتهم، والتعدي على حرمة الميت بتصويره داخل نعشه وفي أثناء الصلاة عليه، ومحاولة تصوير عملية الدفن، وملاحقة كبار النجوم الذين حضروا الجنازة وتصويرهم على غير رغبتهم.

وطالب عدد من نجوم الفن، وبعض الإعلاميين المتضامنين مع زميلهم رامي رضوان، زوج ابنة دلال عبد العزيز، دنيا، بحظر تغطية مراسم جنازات الفنانين احتراماً لمشاعر أسرته ومحبيه، نظراً لبعض الأخطاء المهنية التي يقع فيها المراسلون. أما الفريق المعارض لمنع تغطية الجنازات، فينطلق بموقفه هذا من المشاهد التاريخية التي لا تُنسى لجنازات شخصيات مصرية كبيرة، سواء على المستوى السياسي أو الفني، باعتبارهم شخصيات أثّرت في الوجدان المصري، لعل أبرزها جنازة كوكب الشرق أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وغيرهم.

ويؤكد الصحافيون والمصورون حقهم وحق الجماهير في توثيق هذه المشاهد التي تعتبر بمثابة وثائق تاريخية. ويرون أن أزمة تغطية العزاءات والجنازات تنتهي بوضع قواعد عامة ملزمة على الصحف، بعدم تكليف أثر من صحافي ومصور لنفس المهمة منعاً للتزاحم، حيث تحرص وسائل الإعلام على الدفع بفريق متكامل لتغطية الحدث والانتشار في موقع المناسبة. وطالبوا أيضاً بعدم تكليف المتدربين وصغار الصحافيين والمصورين لهذه المهام، والاعتماد على صحافيي الفن المألوفين لدى الفنانين والمشاهير، فضلاً عن اقتراح تصوير الجنازات من خلال لقطات كبيرة وزاوية واسعة، وعدم التقاط صور قريبة لأسرة المتوفى تظهر تأثرهم، فضلاً عن عدم انتهاك حرمة القبر وتصوير آخر لقطات الدفن. واعتبر الفريق الرافض لهذه الاعتذار والسعي نحو المنع، أن بعض الضوابط كفيلة بإنهاء الأزمة.

وكان المصور الصحافي المصري، وعضو شعبة المصورين الصحافيين بنقابة الصحافيين المصرية، عمرو نبيل، قد أعاد نشر وجهة نظره في تصوير جنازات المشاهير، مؤكداً أن تصوير الجنازات لأي مصور صحافي يعتبر من أثقل الموضوعات التي يُكلَّف تغطيتَها. وأضاف نبيل: "الآن وفي زمن الترند ومع انتشار وتعدد الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية، فكثيراً ما يقع المصور الصحافي في صراع بين أخلاقيات المهنة التي يحترمها وتعليمات مسؤول تحريره بقرارات وأوامر للحفاظ على الترند والمنافسة". وقال عمرو نبيل: "كل هذا وأكثر يحتاج إلى وقفة جادة وتنظيم وقرارات منها، السماح فقط بتصوير صلاة الجنازة والمشهد العام بعد موافقة أهل الفنان. وتجريم التصوير في لحظة الدفن بشكل واضح وصريح ومحاسبة المخالفين. ووجود أماكن خاصة لمن يرغب في الحديث للقنوات والمواقع يأتي إليها بمحض إرادته دون ملاحقة أو اقتحام من الصحافي. والتنبيه من المؤسسات بضرورة مراعاة الهيئة العامة للصحافي في هذه المواقف. ووجود نقاط ثابتة لتصوير المشهد العام".

المساهمون