تحية لعادل إمام: لا راحة لفنان في بلده

تحية لعادل إمام: لا راحة لفنان في بلده

24 يناير 2024
عادل إمام: ليكن اعتزاله راحة له (ربيع مُغربي/فرانس برس)
+ الخط -

 

لا يُراد لعادل إمام راحة. غيابٌ عن المشهد يُثير كلاماً غير لائق إلّا بمن يتفوّه به، إذْ يقترب معظمه من شتمٍ أو سخريةٍ، لكنّه يبقى فارغاً. تارة، يُقال إنّه توفِّيَ، فيُكذَّب الخبر. تارة أخرى، يُشاع أنّه مريض، فيتصدّى مقرّبون منه لقولٍ كهذا، كي ينفوه. صُورٌ، منشورة في مواقع تواصل اجتماعي، يتردّد أنّها حديثة، تكشف آثار عمرٍ على محيّاه، إلى حدّ يصعب تصديق الصورة، وإنْ سيبلغ الممثل 84 عاماً في 17 مايو/أيار 2024.

لا يُراد له راحة، لا في حضوره الطاغي في الفضاء العام، ولا في انسحابه منه، أيّاً يكن سبب الانسحاب. سنون مديدة يمضيها في التمثيل، فيشعر برغبة في انكفاء عن العمل، والتفرّغ لنفسه وعائلته. هذا حقّ له. مسرحياته وأفلامه السينمائية وأعماله التلفزيونية كافيةٌ لتذكّره، ومحرِّضة دائماً على قراءات نقدية لنقاشٍ، بل لمزيدٍ من نقاشٍ، يُفترض به أنْ يُقدِّم جديداً، إنْ أمكن. الشخصيّ في حياته مُلكٌ له، وإصداره مذكّراته أو سيرتيه المهنية والحياتية، إنْ يرغب في ذلك، إضافة يستفيد منها مهتمّون ومهتمّات، مع التمنّي بأنْ تكشف المذكّرات والسيرتان المهنية والحياتية حقائق ووقائع، يختار منها ما يعتبره قابلاً للإشهار علناً، لا أنْ يحصِّن الكتابة باحتيال ومواربة، ويسْتر ما يُفترض بالناس معرفته، وهذا غير قليل في الشخصيّ، كما في المهنيّ.

إعلانٌ أخير (21 يناير/كانون الثاني 2024) يؤكّد اعتزال عادل إمام الفنّ، والتفرّغ لحياته العائلية (رامي إمام). هذا يجب أنْ يضع حدّاً لثرثرة غير منتهية، تخمد أحياناً، لكنّها تتصدّر، أحياناً أخرى، واجهة فراغ، ثقافي وفني وإعلامي ـ صحافي واجتماعي وأخلاقي إلخ، يعانيه عالمٌ عربيّ فاقِد أبسط مقوّمات عيشٍ طبيعي، لشدّة ما فيه من انهيار، منسحبٍ على كلّ شيءٍ تقريباً. لكنّ إعلاناً كهذا، مكثَّفاً ومختَصراً وواضحاً، غير متمكّن من إسكات أناسٍ همّهم الوحيد ثرثرة فاقعة بتفاهتها، مع أنّ كلّ ثرثرة تافهةٌ أصلاً.

هذا غير مرتبط، إطلاقاً، بأيّ قراءة نقدية لنتاجه التمثيلي، المحتاج فعلياً إلى قراءات تجديدية، ففي بعض نتاجه ما يُثير متعة مُشاهدة وتساؤل وسجال، وفي بعضٍ آخر ما يصنع مللاً وتكراراً وانحداراً في المهنة والاشتغال. هذا مرتبطٌ بتحيةٍ لممثلٍ لن أردّد ما يوصف به (الزعيم)، فالألقاب والتسميات والأوصاف مسيئة إلى الفنان واشتغالاته، إنْ يكن مجدّداً ومبدعاً تحديداً، وإمام مُجدّدٌ ومُبدع، في مراحل مهنيّة من دون غيرها.

في هذه اللحظة، لا كلام يُفيد، باستثناء تمنٍّ بأنْ يكون اعتزاله راحةً له، فالثرثرة بائدةٌ دائماً، رغم أنّها مزعجة، ولو لوقتٍ عابر.

المساهمون