الممثل الفلسطيني أحمد طوباسي: المسرح مقاومة أيضاً

الممثل الفلسطيني أحمد طوباسي: المسرح مقاومة أيضاً

21 أكتوبر 2023
طوباسي على خشبة المسرح (فيسبوك)
+ الخط -

"يسمع الجمهور صوتاً فلسطينياً، هذا فعل مقاومة قوي"، يقول الممثل الفلسطيني أحمد طوباسي الذي يريد من خلال مسرحيته "وهنا أنا" أن يؤكد أن "الفلسطينيين ما زالوا موجودين، وهم موجودون أيضا كفنانين".

تروي المسرحية التي ألّفها الكاتب العراقي حسن عبد الرازق على شكل عرض منفرد (مونودراما)، على مدى ثمانين دقيقة حياة طوباسي، من ولادته في مخيم للاجئين في الضفة الغربية إلى انخراطه في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي في شبابه، ثم أسره لمدة أربع سنوات، وانتقاله عند الإفراج عنه إلى العمل المسرحي في "مسرح الحرية" في مخيم جنين، حتى اغتيال مدير الفرقة ومرشده في هذا المسار جوليانو مير-خميس، عام 2011.

وقال الممثل البالغ 39 عاماً الذي عايش الانتفاضتين، الأولى (طفلاً) بين 1987 و1993، والثانية بين 2000 و2005، متحدثاً لوكالة فرانس برس، إن المسرحية تروي "قصة حقيقية تتحدث عن أمور ملموسة وأوضاع تشرح ما يعني لفتى فلسطيني أن يشبّ".

اعتقل طوباسي عام 2002 بعدما فشل- على حد قوله- في إلقاء متفجرة على آلية عسكرية إسرائيلية، ثم تخلى لاحقاً عن حمل السلاح، واختار "الكفاح من خلال المسرح والفن وتنفيس العنف". إذ أدرك فيما كان معتقلاً في سجن كتسيعوت "إلى أي مدى يمكن أن يكون المسرح مفيداً".

كان يقلّد أمام المعتقلين الآخرين شخصية من مسلسل تلفزيوني شهير، وما زال يذكر البلبلة التي كانت تسيطر- على حد قوله- على السلطات الإسرائيلية عند بث مقاطع فيديو يظهر فيها على خشبة المسرح. يقول في المقابلة مع وكالة فرانس برس: "كان هذا انتصاراً، وكنت أريد تكراره".

قدم طوباسي للمرة الأولى المسرحية لأول مرة عام 2016، وهي باللغتين العربية والإنكليزية مع ترجمة فرنسية، وعرضت حتى الآن في إنكلترا وفرنسا. وعرضت هذا الأسبوع في ليون وسط شرق فرنسا، في إطار مهرجان "سانس إنتردي" Sens Interdit المسرحي المعروف باستضافته أعمالاً ملتزمة. وأرجئ عرضها في شوازي لو روا في ضاحية باريس غداة بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وعلقت المخرجة البريطانية زوي لافرتي قائلة: "نعرف ما يعنيه التأجيل..."، مبدية خشيتها من إلغاء العرض في نهاية المطاف.

ومن المقرر تقديم عروض أخرى للمسرحية، لكن برنامج الأيام المقبلة غير محسوم بسبب الصعوبات المالية والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين و"الضغوط السياسية"، بحسب ما أوضحت المخرجة والممثل. وفي ليون، تقرر في اللحظة الأخيرة نقل المسرحية من مسرح نوفيل جينيراسيون إلى مسرح تجريبي أقيم في أرض خلاء حولت إلى موقع فنيّ، وذلك "لأسباب فنية" بحسب التبرير الرسمي.

عند خروجه من المعتقل، واجه واقعاً متناقضاً بسبب صفة "الأسير السياسي" الملازمة له، إذ استبعده البعض لاعتبارها وصمة، فيما حاولت الفصائل الفلسطينية استقطابه للسبب نفسه. وفي أحد المشاهد النادرة القاتمة في المسرحية التي تزخر بالفكاهة والسخرية، يفرغ على نفسه محتوى صفيحة بلاستيكية ويقرّب من نفسه ولّاعة. وفي المشهد التالي، نراه يدفع باب مسرح جنين ويبدل حياته.

وهو يعرض طوال المسرحية صور أصدقائه الذين سقطوا وهم يقاومون الاحتلال الإسرائيلي أو اغتيلوا، معلقة على لوح أسود منصوب في قعر المسرح، في تذكير لصور الشهداء التي تكسو جدران مخيم جنين.

يقول الممثل الذي يفضل القتال على خشبة المسرح: "ليس مطلوب منا أن نموت، بل أن نبقى على قيد الحياة لأطول وقت ممكن ونروي قصتنا".

يذكر أن طيران الاحتلال يواصل غارات كثيفة على مناطق عدة في قطاع غزة، في استمرار لمجازر الإبادة المستمرة بحق المدنيين، في العدوان المتواصل لليوم الـ16 على التوالي. وتخطت حصيلة الشهداء حاجز 4 آلاف، أغلبهم من الأطفال والنساء.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون