الدراما الأردنية: هل فاتتها فرصة الانتشار عربياً؟

الدراما الأردنية: هل فاتتها فرصة الانتشار عربياً؟

07 يناير 2022
توجه نحو الاستعانة بممثلين عرب في المسلسلات الأردنية (مجموعة المركز العربي الإعلامية)
+ الخط -

لطالما اقترن نجاح الدراما الأردنية وانتشارها بالمسلسلات البدوية، إذ تصدرت خلال السنوات الماضية شاشات الفضائيات العربية أعمال بينها "نمر بن عدوان" (2007)، و"راس غليص" (2006)، و"وضحا وابن عجلان" (2007)، و"توم الغرة" (2013)، و"آخر الفرسان" (2002)، و"أخوة الدم" (2014)، و"جلمود الصحارى" (2021)، وغيرها.

لكن وسط الاندفاع الدرامي الأردني نحو اللون البدوي، كان الحضور الدرامي الاجتماعي خجولاً محلياً وعربياً، فلم تحقق التجارب الدرامية من هذا النمط حضوراً موازياً لدراما الدول المجاورة. وعلى الرغم من نجاح مسلسلات مثل "الاجتياح" (2007)، و"الفرداوي" (1995)، و"سلطانة" (2007)، و"حارة أبو عواد" (1981)، إلا أنها تجارب لم تشكل حالة فنية أردنية تنافس عربياً، علماً أن مخرجين وممثلين أردنيين حاضرون بقوة، وبينهم صبا مبارك وصفاء سلطان ومنذر رياحنة وإياد نصار ومحمد عزيزية ومحمد لطفي.

يقول الممثل الأردني منذر رياحنة إن الحالة الفنية الأردنية "ميؤوس منها"، لعدم وجود قرار حكومي واضح بدعمها. ويضيف متحدثاً لـ"العربي الجديد": "عندما أدعى لتقديم مسلسل أردني، أشارك بحماسة واضعاً أي معيقات خلف ظهري، لأن في الأردن حالة فنية تستحق الانتشار عربياً. لكن كل مرة تنبت المعيقات والحواجز أمامنا، بلا أسباب واضحة". ويبين رياحنة أنه حتى الآن لا يرفض المشاركة في عمل أردني "لأن من واجبي نصرة دراما بلدي". ويكشف أنه تقدم إلى جهات فنية أردنية بمقترح تقديم مسلسل درامي اجتماعي معاصر يجمعه بإياد نصار وصبا مبارك، واقترح تسويقه عربياً على أهم المحطات التلفزيونية، شرط إنتاجه بصورة لائقة، لكنه لم يجد آذاناً صاغية.

المنتج عصام حجاوي، يرى أن للدراما التلفزيونية دوراً أساسياً في رسم ملامح الهوية الوطنية لأي بلد، ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الإنتاج الجيد استثمار يدر على الوطن ربحاً مادياً مجزياً إن قُدّم بصورة لائقة، كما ينتشل مئات الفنانين والفنيين من بؤرة البطالة". ويعرج الحجاوي على فترة ازدهار الدراما الأردنية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أن الدراما البدوية ساهمت في تعريف الجمهور العربي بالفن الأردني، وأن "الأردن كان سباقا في توفير تقنيات البث والتصوير والاستديوهات، لكن كل ذلك تبخر، لغياب إدارة ناجعة تستثمر مناجم الفكر والإبداع وتسوقها عربياً".

وتستذكر الكاتبة الصحافية رنا حداد سعي وزير الثقافة السابق الراحل جريس سماوي لإنشاء صندوق حكومي يدعم الدراما الأردنية ويساهم في تسويقها، وتقول لـ"العربي الجديد" إن الفكرة أُقرت بعد سنوات من اقتراحها، وتبنتها الحكومة الأردنية بالتعاون مع التلفزيون الأردني الذي "قام بمحاولات إنتاج لأعمال لم يشاهدها أحد، كان هدفها الأساس تشغيل العاطلين من العمل، من دون تقديم رؤية فنية فكرية تستنهض الحراك الفني".

سينما ودراما
التحديثات الحية

وبعد أقل من 90 يوماً على حلول الموسم الرمضاني المقبل، يبدو جلياً أن الدراما الأردنية تسعى للنهوض عربياً، عبر إشراك مجموعة من الفنانين العرب في إنتاجاتها الجديدة، إذ صورت أربعة أعمال بخلطة فنية أردنية عربية، هي "ذهب أيلول" و"حضور لموكب الغياب" و"على بُعد مسافة من الحب" و"جلطة 4".

يشير مصدر مسؤول في "مجموعة المركز العربي الإعلامية" إلى أن مشاركة الفنانين العرب في إنتاجاتها الدرامية ليست جديدة. ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "لطالما شارك فنانون من سورية والعراق وفلسطين والسعودية وقطر والكويت في إنتاجات المجموعة"، بينها مسلسلات "شام شريف" و"امرؤ القيس" و"شهرزاد" و"الاجتياح" و"الطريق الوعر". وتنتج المجموعة حالياً مسلسل "ذهب أيلول" بمشاركة ممثلين أردنيين وعرب، منهم شكران مرتجى ومرح جبر من سورية، وعمار شلق من لبنان، وآخرون.

وتشارك الممثلة السورية ديما بياعة وجهاد عبده ومازن الناطور في بطولة مسلسل "حضور لموكب الغياب"، فيما اشتركت المصريتان مي سليم ومنى عبد الغني في بطولة مسلسل "على بُعد مسافة من الحب"، وانضم الممثلان السوريان محمد خير الجراح وجيني أسبر للجزء الرابع من المسلسل الكوميدي "جلطة".

يبين الصحافي غيث التل أن حضور ممثلين عرب في الدراما الأردنية يسلط الضوء عليها، لكنه لا يرى في ذلك انتصاراً للدراما. ويوضح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "حتى تضمن الدراما الأردنية مكاناً ثابتاً في الساحة العربية يجب أن يزيد حجم الإنتاج الفني كماً ونوعاً، ليصل عدد الأعمال المنتجة إلى 15 عملاً بقصص درامية محبوكة متسقة برؤية إخراجية توازي الأعمال العربية على الأقل، وفوق ذلك كله أن يجد المسلسل الأردني قنوات متابعة ولها جمهورها تقدم المسلسل الأردني في وقت الذروة، لأن إشراك الفنان العربي في مسلسل أردني يعرض على قناة محلية، لا يحقق الهدف المطلوب من وجوده".

وينظر الكاتب الصحافي طلعت شناعة إلى تسويق الدراما الأردنية بتشاؤم، مؤكداً أن تعريف الدراما الأردنية بشقها البدوي أثر على انتشارها في المنطقة، ويقول لـ"العربي الجديد" إن "من يتابع المسلسل البدوي هو جمهور أردني وخليجي فقط، ونحن دائماً ما نعلق نجاحنا على هذا اللون الدرامي، ونتفاخر بانتشاره عربياً، من دون أن نعي أننا خسرنا وجودنا الفني في مناطق عربية أخرى. وإذا عدنا لسنوات ازدهار الدراما الأردنية، نجد أننا أغرقنا أنفسنا بالأعمال البدوية ــ وهي ميزة ــ لكننا لم ننتبه لأشكال الدراما الأخرى، فخسرنا فنانين أردنيين لم يكن أحد يدرك مهاراتهم ومواهبهم".
 حتى ظهروا نجوماً في أعمال عربية لدول شقيقة، فالأصل، قبل البحث عن طرق التسويق، إيجاد قاعدة صلبة للدراما الأردنية تقدم أعمالاً نوعية تستحق أن يطلق عليها دراما أردنية".

المساهمون