الأب الغاضب والأم الهاربة في مسلسل "بكير"

الأب الغاضب والأم الهاربة في مسلسل "بكير"

17 مارس 2022
يؤدي عمار شلق دوره بإتقان (Day Two Pictures)
+ الخط -

قبل أسبوعين، بدأ عرض مسلسل لبناني جديد بعنوان، "بكير"؛ قصة كلوديا مرشليان، وإخراج سمير حبشي. محاولة أخرى للقول إن الدراما اللبنانية، ما زال أمامها فرصة للخروج بمسلسل درامي، ينقذها من حال الضعف والرتابة التي تعانيها. لكن نكتشف سريعًا أن "بكير" ما هو إلاّ العودة إلى نمط درامي، دأبت الكاتبة كلوديا مرشليان على تقديمه في نصوص معدّة سلفاً أو مكررة، وهذا يدخل في صميم الأزمة التي تحاصر الإنتاج الدرامي اللبناني منذ سنوات ما بعد الحرب. ولا يغيب عن الشراكة التي تؤمنها محطات التلفزة اللبنانية في تسهيل عملية الإنتاج رغبةً في كسب العرض.
في عام 2015، قدم المنتج اللبناني مروان حداد، مسلسلاً كتبته كلوديا مرشليان وأخرجه سمير حبشي، بعنوان "أحمد وكريستينا". كان العمل بمثابة تجربة أولى للخروج بالدراما المحلية إلى عالم جديد. لكن محتوى العمل اعتمد على كليشيه التعايش من خلال زواج شاب مسلم من فتاة مسيحية. لم يخلُ السيناريو من تعابير نمطية، تتضمن وعظاً ودعوة إلى التسامح والتعايش بين الديانات.
تعمل الكاتبة مرشليان في "بكير" على عنوان عريض، يتمثل باستقواء الرجل على عائلته في إحدى القرى اللبنانية. حكاية مستهلكة جداً، شاهدناها في الدراما اللبنانية والمصرية والسورية. تهرب الزوجة المغلوب على أمرها من دار عائلتها لتنقذ ابنتها المراهقة، بعد إصرار الأب على تزويج ابنته، ما سيحمل الأم مسؤولية كبيرة نتيجة فعلتها، خصوصاً بوجود "العمّة" التي تشعل دائماً فتيل الفتنة، بين شقيقها وزوجته، وتطالبه بالقصاص.
يؤدي فريق الممثلين عمله بجدية. عمّار شلق يعرف كيف ينقلب مجدداً، ويقوم بالدور الموكل إليه بطريقة مقنعة جداً. لكنها لا تضيف له الكثير، ولا تحفزه للتقدم. السبب هو التكرار، وتوظيفه انفعالاته في حكاية مألوفة؛ الأب المغلوب على أمره، الحائر بين العادات والتقاليد، وعاطفته الظاهرة، التي لا يستطيع شلق إغفالها.
لا يمكن للمخرج سمير حبشي الخروج عن رؤيته في كل المسلسلات التي عُرضت وحملت توقيعه، إذ يحصر نفسه في دوامة القرى والبيئة الشعبية، والقُرى التي تصطدم بعادات وتقاليد مر عليها الزمن.
يعمل حبشي مع الكاتبة كلوديا مرشليان في هذا النمط حتى الإجهاد، لتقديم دراما تعاني التكرار في الطرح، وتعتمد على الإرشاد والإصلاح والوعظ. هذا ما يقلل من حظوظ مرشليان في التعاون مع شركات إنتاج عربية، بعدما أعادت نفسها في أعمال درامية معدودة في النوع المُشترك، ولم تحقق المطلوب، كما حصل في "ما فيي" إخراج رشا شربتجي، و"خرزة زرقا" إخراج جوليان معلوف.

في وقت يرى المنتج أو الكاتب، وحتى المخرج، أن تنفيذ مسلسل لبناني في هذه الظروف هو إنجاز كبير، خصوصاً ضمن ما يعانيه لبنان والإنتاج الدرامي والتلفزيوني عموماً، لكنه يغفل أن بإمكانه تقديم محتوى درامي متكامل في الحدّ الأدنى، يقوم على الواقع الحالي، ولا يتخذ من حكايات الماضي أحداثاً لمسلسل يحاول البحث عن مكان في ظل منافسة المنصات، والجمهور الذي أصبح مدركاً لتفاصيل كثيرة قد يغفل عنها المنتج.

المساهمون