إليزابيث الثانية والصحافة... فتورٌ لم تبدده عقود

10 سبتمبر 2022
شاهدة على محطات مختلفة في تاريخ المملكة المتحدة (ماكس مامبي/Getty)
+ الخط -

لم توافق الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت الخميس عن 96 عاماً على إجراء أي مقابلة صحافية، طوال 70 عاماً تولت فيها العرش. مرة واحدة كسرت فيها هذا الجليد، عندما أطلت في وثائقي بثته شبكة بي بي سي عنها، عام 2018، في الذكرى الـ65 لتتويجها، حمل عنوان "التتويج" The Coronation.

يستمر حداد العائلة المالكة في بريطانيا حتى اليوم السابع بعد جنازة الملكة إليزابيث، مع بقاء الأعلام منكسة في جميع القصور الملكية. ولم يذكر القصر موعد الجنازة، لكن من المرجح أن تقام بعد نحو 11 يوماً من وفاتها. والملكة الراحلة حاضرة في حياة البريطانيين، من الأوراق النقدية إلى الطوابع. وكان عشرات الآلاف من الأشخاص تجمعوا مطلع يونيو/حزيران، لرؤية الملكة للمرة الأخيرة على شرفة قصر باكنغهام بمناسبة اليوبيل البلاتيني لاعتلائها العرش قبل سبعين عاماً. قدّم قادة الدول تعازيهم بوفاة الملكة إليزابيث الثانية التي تبوّأت عرش بريطانيا لسبعين عاماً، معتبرين أنّها طبعت بلادها والعالم ونجحت في استقطاب محبّة البريطانيّين وغير البريطانيّين. 

أمضت "بي بي سي" 22 عاماً في إعداد هذا الوثائقي الذي شكّل انقلاباً إعلامياً، نظراً لإحجام الملكة إليزابيث الثانية التاريخي عن التعامل مباشرة مع الصحافة بأي شكل من الأشكال. صحيحٌ أن إليزابيث الثانية سمحت بإمكانية الاطلاع على كواليس الحياة الملكية، وأطلت في خطابات متلفزة من حين لآخر، لكن "التتويج" كان المرة الأولى التي تتبادل فيها حديثاً مباشراً مع أحد الصحافيين، هو أليستر بروس.

في مقابلة مع منتج الفيلم الوثائقي، أنتوني غيفين، عام 2018، كشف أن مسلسل "التاج" كان عنصراً رئيسياً اعتمده والمقدّم أليستر بروس لإقناع قصر باكنغهام في العدول عن مقاطعة الصحافة. وقال غيفين: "شاهدت الحلقة التي تناولت التتويج في (التاج)، وأذهلتني: لدينا بيتر مورغان، وهو كاتب رائع، لكن لم يكن بإمكانه الوصول إلى الملكة، وهو يروي نسخته عما حصل، وأحبّها الناس. في المقابل، هناك نسخة عام 1953 حول ما حصل، والوحيدة التي يمكن أن تخبرنا الحقيقة عما حصل هي الملكة نفسها".

وفي "التتويج"، صورت للمرة الأولى جواهر التاج الملكي البريطاني، وقال غيفين: "عليك أن تدرك أن التيجان مقدسة للغاية، وحتى تصويرها يُنظر إليه كما لو كان يمكن أن يقلل من قيمتها بطريقة ما".

وعلى الرغم من مقاطعة الملكة للمقابلات الصحافية، فإن المصورين الذين تولوا التقاط صورها على مدار السنين كشفوا بعضاً من جوانب شخصيتها، وبينهم كريس جاكسون الذي نشر العام الماضي كتاباً عنوانه "إليزابيث الثانية: ملكة لعصرنا" ضم 150 صورة ملونة ضمن مجموعة أنجزها خلال نحو عقدين من الزمن جاب فيها العالم لتصوير العائلة الملكية البريطانية. في حديث جاكسون لمجلة فانيتي فير، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، قال إنه استمتع بالتقاط صور كل أفراد العائلة المالكة، لكنْ "هناك بالتأكيد أمر مميز للغاية في تصوير الملكة" التي وصفها بـ"المحترفة"، و"المتفانية"، و"صاحبة الطاقة المذهلة".

أما السير سيسيل بيتون (1904 – 1980) فهو أهم من صوّر الملكة، إذ كان عمله أساسياً في تشكيل الصورة العامة للملكية في منتصف القرن العشرين. كانت إليزابيث الثانية لا تزال أميرة شابة عندما جلست لأول مرة مع بيتون الذي كان مصور أزياء ناجحاً، عام 1942. وعلى مدار العقود الثلاثة التالية، دعي لتصوير الملكة في مناسبات مهمة عدة، بما في ذلك يوم تتويجها عام 1953.

تيم روك حظي بفرصة أيضاً لتصوير الملكة. وصف روك، في حديث لشبكة سي أن أن، في مايو/أيار الماضي، تجربة الاقتراب من إليزابيث الثانية بـ"السريالية"، وقال: "في رأيي، لا يوجد شخص أكثر شهرة في العالم من جلالة الملكة. لطالما كان الناس في جميع أنحاء العالم، وسيظلون دائماً، مفتونين بكل حركة تبديها، والأمر متروك لي لالتقاط صورها في تلك اللحظات الخاصة حتى تتمكن وسائل الإعلام من مشاركتها مع العالم. على سبيل المثال لا الحصر، سافرت مع الملكة إلى أستراليا وجنوب أفريقيا، وكندا، وتايلاند، وأيرلندا. الجولات هي دائماً الجزء المفضل لدي من وظيفتي، لحضور عدد أقل من وسائل الإعلام، ويبدو أن العائلة الملكية تكون أكثر استرخاءً".

المساهمون