إعادة الحياة إلى "أكبر أرغن في العالم" في أتلانتيك سيتي الأميركية

إعادة الحياة إلى "أكبر أرغن في العالم" في أتلانتيك سيتي الأميركية

04 نوفمبر 2022
بنيت هذه الآلة خلال عشرينيات القرن الماضي (أنجيلا فايس/ فرانس برس)
+ الخط -

تصدح معزوفة باخ الشهيرة "توكاتا وفيوغ" لتهزّ زوايا أحد مسارح أتلانتيك سيتي على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، إذ أُعيد إلى الحياة "أكبر أرغن في العالم" بفضل عمّال يعملون على إصلاحه خلف الكواليس.

وقرب المسرح، يبدو الأرغن الخشبي القديم والمُضاء صغيراً جداً مقارنةً بحجم "بوردووك هول". وفي داخل الأرغن تضمّ قاعدته وحدة تحكّم مذهلة فيها سبع لوحات مفاتيح، وهو رقم قياسي لآلة موسيقية مماثلة، وصفوفاً من النقرات والدواسات التي تتحكم في الممر الهوائي والأنابيب التي لا يعمل سوى ثلثيها.

ويقول عازف الأرغن ديلان ديفيد شو (23 عاماً): "إنّها تجربة صعبة الوصف"، مضيفاً: "كلّ نغمة أوركسترالية يمكن تخيّلها هي في متناول يديك، من تلك التي تصدرها آلات الوتر والنفخ مروراً بالأبواق والمزامير وكلّ ما يمكن تخيله في النغمات الإيقاعية، كما أنّ الأرغن يحوي في أحد جوانبه بيانو كبيراً كاملاً". ويتابع: "إنّها تجربة سحرية بالفعل".

وتتشارك الآلة الموسيقية التي بنتها شركة ميدمر-لوش أرغن التاريخ نفسه مع مسرح "بوردووك هول"، الذي يمثّل مبنى مهيباً يطلّ على المحيط الأطلسي نُظّمت فيه نسخ عدة من مسابقة ملكة جمال الولايات المتحدة، واستضاف المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي عام 1964، بالإضافة إلى تنظيم مباريات ملاكمة شارك فيها مايك تايسون.

وعند الانتهاء من بنائه في أواخر عشرينيات القرن الماضي، خلال العصر الذهبي لأتلانتيك سيتي، "كان لا بد من إضفاء الموسيقى على هذا المسرح الضخم"، بحسب المسؤول عن الحفاظ على الأرغن ناثان برايسون. ويضيف: "لذا بنوا هذه الآلة الضخمة التي تستطيع إحاطة المستمعين بالموسيقى".

وخلف الجدران التي تحيط بطبقات الأرغن يوجد 33112 أنبوباً و449 صفّاً من الأنابيب" ضمن أقسام خشبية يمكن الوصول إليها عن طريق درج ضيق ثم سلالم.

وللمقارنة، يضمّ الأرغن الكبير لكاتدرائية نوتردام في باريس ما لا يقل عن ثمانية آلاف أنبوب.

ويشير حافظ الأرغن إلى أنّ "الأنابيب تحيط فعلياً بالحاضرين، لبث موسيقى يمكن أن يستمتع إليها 40 ألف شخص" في تلك المرحلة، مشبّهاً قوة إحدى النغمات بتلك الخاصة بـ"مروحية تحلّق في السماء". ويقول "هي نغمة تشعر بها أكثر ممّا تسمعها". وعندما يلعب عازف الأرغن النشيد الوطني الأميركي يشعر المستمع وكأنّ جسده يهتز مع نغمات النشيد.

إلّا أنّ الآلة تضررت بفعل إعصار سُجّل عام 1944، وتداعت بمرور الزمن نتيجة إهمالها لعقود، ممّا جعلها غير صالحة للاستعمال خلال فترة من الوقت.

وفيما يحمل أرغن أتلانتيك سيتي الرقم القياسي لناحية عدد الأنابيب فيه، تضمّ فيلادلفيا التي تبعد نحو ساعة بالسيارة أرغن وانامايكر الموجود في أحد متاجر سلسلة مايسيز، والذي يُعدّ أكبر أرغن قابل للاستخدام في العالم.

وتشكلت منذ عام 2004 لجنة لإصلاح الأرغن مموّلة من التبرعات، وتضمّ الشغوفين بهذه الآلة الموسيقية والراغبين في إعادة الحياة إليها.

وفي كواليس مسرح بوردووك هول مشهد يشبه المشغل الصغير؛ إذ يجلس دين نوربيك، وهو مهندس كهربائي متقاعد، أمام طاولة طويلة، ويضع بتأنٍّ على أحد الألواح مغناطيسات صغيرة من شأنها دفع الهواء عبر الأنابيب لإنتاج النغمات.

ومع أنّه يسهل تحديد بعض الإصلاحات فإنه "قد يكون صعباً أحياناً فهم سبب عدم عمل الأنابيب وأين يكمن العطل"، بحسب برايسون.

ويعتبر عازف الأرغن ديلان ديفيد شو أنّ الآلة أصبحت حالياً "قابلة للاستخدام بنسبة تزيد عن 50%".

ويشير أمين الأرغن إلى أنّ تكلفة الإصلاح الإجمالية تبلغ 16 مليون دولار، جرى تأمين خمسة ملايين منها.

(فرانس برس)

المساهمون