أنغام وشيرين: سباق بين أصوات فقدت صداها

أنغام وشيرين: سباق بين أصوات فقدت صداها

10 أكتوبر 2023
لم تطلق أنغام ألبوماً منذ ثلاثة أعوام (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

وسط حالة الركود التي تعاني منها سوق موسيقى البوب في العالم العربي حالياً، وقلة الإنتاج، وابتعاد العديد من النجوم عن الساحة، احتدمت المنافسة على الألقاب الجماهيرية بين بعض النجوم، لينضموا إلى حروب روابط المعجبين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أحياناً تبدأ من عند المطربين أنفسهم، وتنتقل إلى الجمهور، وأحياناً العكس، وأحدثها معركة لقب "صوت مصر" بين أنغام وشيرين عبد الوهاب، التي ما زالت توابعها مستمرة إلى الآن.
مسألة صراع النجوم على الألقاب الجماهيرية ليست ظاهرة حديثة، لكنها تطورت مع مرور الوقت، وباتت في بعض الأحيان مثيرة للسخرية. فقديماً، كانت عملية إطلاق الألقاب تأتي من النقاد والإعلاميين، وتتحول بعد ذلك إلى ألقاب جماهيرية يقتصر استخدامها في الصحف والمقابلات التلفزيونية من باب المجاملة والمبالغة، ومن بعدها استخدمها المنتجون في الدعاية والحروب الإنتاجية، مثل الصراع الشهير بين نادية الجندي ونبيلة عبيد حول لقب "نجمة الجماهير"، وكان الصراع إلى حد ما مبرراً لارتباطه بالإيرادات وحالة التنافس الكبيرة في السينما وقتها بين النجمتين.
ولكننا الآن، لم نعد في السبعينيات والثمانينيات، ولا يوجد مبرر إنتاجي أو جماهيري لهوس بعض النجوم بالألقاب، والدخول في صراعات من أجلها، خاصة بين المطربين في الوقت الحالي، ولا يوجد سبب منطقي لتنازع الأسماء الكبيرة في الساحة الغنائية على الألقاب، سوى شعورهم بالتهديد، أو بقلة الثقة في مسيرتهم وأسمائهم. فماذا تحتاج أنغام وشيرين عبد الوهاب مثلاً من لقب "صوت مصر"؟ هل هذا يجعلهما أكثر إنتاجية وتنافسية؟

عودة الصراع

التنافس بين أنغام وشيرين عبد الوهاب لم يكن وليد اللحظة الراهنة، ولكنه بدأ بعد صعود شيرين المدوي في بداياتها الفنية في 2002، وكانت أنغام وقتها في ذروة تألقها الفني بعد مضي 15 عاماً لها على الساحة، وأصبح هناك صوت مصري نسائي جديد. كانت المناوشة الأولى بين النجمتين، بعدما وصفت أنغام وقتها منافستها شيرين بأنها "مطربة شعبية"، وكان ذلك أول استخدام للألقاب في المعركة. واعتبرت شيرين هذا الوصف محاولة لتحجيمها وحصرها في الغناء الشعبي فقط، ولم تدم المعركة طويلاً بسبب غزارة إنتاج النجمتين في تلك الفترة، وكانت المنافسة بالفعل في سوق الغناء.
أطلقت شيرين في تلك المرحلة ثلاثة ألبومات متتالية وناجحة، والأمر نفسه مع أنغام التي أطلقت ألبومات جماهيرية مثل "بحبك وحشتيني" و"عمري معاك". وبعد سنوات طويلة، عاد الصراع بينهما، ولكن على لقب "صوت مصر". المختلف هذه المرة أن المعركة تأتي في مرحلة ركود للنجمتين في سوق الغناء، فشيرين عبد الوهاب مبتعدة عن إطلاق الألبومات والأغاني الجديدة منذ أكثر من خمس سنوات، وأنغام لم تطلق ألبومات منذ ألبومها الخليجي "مزح" في 2020، ولم تتصدر المنافسة الغنائية منذ سنوات أيضاً.
احتد الصراع بين جمهور النجمتين على اللقب الجديد، وتحول إلى موضوع جدلي يناقشه النجوم الآخرون في البرامج والنقاشات، ما يفتح الباب أمام مقارنة غير عادلة بين الاثنتين، فأنغام يتجاوز عمرها الفني 36 عاماً، في حين لم يتجاوز عمر شيرين عبد الوهاب الفني 21 عاماً. وتحولت المقارنة إلى تهميش واضح للأصوات الغنائية الأخرى، التي تستحق أيضاً وصفها بـ"صوت مصر"، خاصة أن اللقب يناسب أيضاً المغنين الرجال، ويناسب المغنين من أصول غير مصرية، أو من جنسيات أخرى، مثل الفنانة المغربية سميرة سعيد التي ساهمت بشكل قوي في الأغنية المصرية منذ أكثر من 50 عاماً وما زالت، وحاملة بالمناسبة الجنسية المصرية منذ عشرات السنين.

المطربون يستيقظون

عودة ظاهرة الألقاب الفنية في العصر الحالي، سببها الرئيسي شركة روتانا وهيئة الترفيه السعودية فيما بعد، فالأولى توسعت في استخدام الألقاب من أجل تمييز مطربيها، وإعلاء قيمتهم أمام مطربي الشركات الأخرى، واختزال البلاد العربية والأنواع الموسيقية في صوت واحد لحسم المنافسة، مثل معركة لقب "نجمة الخليج الأولى" بين أحلام ونوال الكويتية، وإطلاق لقب "فنان العرب" على محمد عبده، ولقب "ملكة الإحساس" على إليسا. وأخيراً، أطلقت "روتانا" لقب "أيقونة الشرق" على أصالة، حتى إن الشركة أصبحت تتلاعب بهذه الألقاب في تعاقداتها، مثل استخدامها لقب "ملكة الإحساس" في وصف شيرين أحياناً، بعد تعاقدها مع الشركة، وفسخ عقد إليسا.
تحوّلت الألقاب حالياً إلى ظاهرة "روتانية"، وانتقلت العدوى إلى هيئة الترفيه السعودية، التي تستخدم الألقاب الشاملة والحاسمة للترويج للحفلات الجديدة، ومن أجل إضفاء الأهمية على نجومها، وكذلك لأنها تتعامل بنظرة شاملة على الأسواق المحلية خارج المملكة، فحين تنظم حفلاً بعنوان "ليلة الأغنية المغربية" فهي تحصرها في عبد الوهاب الدوكالي وحاتم عمور ولطيفة رأفت، وحين تقيم حفلاً عنوانه "ليلة الزمن الجميل"؛ فهي تعني ميادة الحناوي ومحمد ثروت وعفاف راضي فقط، وهكذا إلى أن وصلت إلى ليلة "صوت مصر"، وتعني بذلك أنغام.
أيقظت هذه السياسة إحساس المطربين بأهمية وضع أنفسهم في صدارة تصنيفات محددة، من أجل الحضور في حفلات السعودية ليس أكثر، لأنها سياسة مستمرة في تنظيم الحفلات في المملكة، مثل حفلات "كاسيت 90" لرموز جيل التسعينيات، وحفل "ليلة الدموع" لنجوم الأغاني الحزينة.

نجوم وفن
التحديثات الحية

ربما ذلك كان السبب الحقيقي وراء سخونة معركة "صوت مصر" بين أنغام وشيرين، لأنه لا يوجد داع منطقي لعودة هذا الصراع في 2023، فحينما تحصل أنغام على لقب "صوت مصر"، وإليسا على لقب "ملكة الإحساس"، فما الحجة الترويجية التي تتيح لشيرين الحضور في حفل ضخم بالسعودية؟ لذلك، انتفضت بقوة مع جمهورها ضد لقب "صوت مصر"، قبل أن تحصل على ترضية بإطلاق لقب "صوت إحساس العرب" عليها، من قبل رئيس هيئة الترفيه بنفسه، بالتزامن مع تعاقدها مع "روتانا" مجدداً.

المساهمون