ألمانيا مجدداً: كرنفال العنصرية ضد الفلسطينيين

ألمانيا مجدداً: كرنفال العنصرية ضد الفلسطينيين

17 فبراير 2024
في كولونيا (ينغ تانغ/ Getty)
+ الخط -

"الفلسطينيون، كلاب تحمل في داخلها الكراهية والعنف، وحركة حماس تستخدم المدنيين دروعاً بشرية"، هذا ليس تعليقاً عنصرياً ومسيئاً عبر الإنترنت، أو تعليقاً لسياسي يميني متطرف، بل هو جزء من منحوتات صنعها نحّاتو المهرجانات في ألمانيا وعرضوها في كرنفال ألمانيا الشهير قبل أيام. 
يعتبر الكرنفال الألماني، أحد أهم المهرجانات في أوروبا وفي ألمانيا، ويحضره كل عام ملايين الزوار من أنحاء العالم، ويعتبره الألمان "وقت الاحتفال والتطور الإبداعي"، إذ يعرض الفنانون منحوتاتهم فوق عربات المهرجان. 
وفي حين يستعرض بعضهم إبداعاتهم، فإن البعض يستغل الأمر من أجل بث رسائل سياسية. وهذا العام وجدت الحرب على غزة طريقها إلى ما وصفه الصحافي أحمد الشهابي في موقع "دي فرايهايتز ليبي"، بـ "عوامة الحمقى"، بعدما استغل الفنانون الألمان الحرب لبث موجة من العنصرية والتنميط المعادي للفلسطينيين. 
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو لاثنتين من العربات في مدينتي كولونيا ودوسلدورف، بسبب تصويرها أحادي الجانب للعدوان على غزة. وفي كل من المدينتين، "فشل صانعو العربات في تقديم منظور متوازن بشأن القضية المعقدة المتمثلة في الصراع في الشرق الأوسط، وبدلاً من ذلك، جرى استخدام الصور النمطية"، كما عبر موقع "دي فرايهايتز ليبي" الذي يعنى بقضايا الحرية والحقوق الإنسانية. 

العنصرية العلنية في ألمانيا

المنحوتة الأولى عُرضت في مدينة كولونيا، وأثارت غضب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تعبر مباشرة عن عنصرية تجاه الفلسطينيين.
وأعادت المنحوتة إنتاج الصور النمطية والكليشيهات عن الفلسطينيين بشكل "مستفز وعنصري". وتمثل المنحوتة امرأة عجوزاً ترتدي الكوفية الفلسطينية، ووشاحاً كتب عليه "معاداة السامية"، وتقود كلبين يرتديان أطواقاً بالعلم الفلسطيني (في إشارة إلى الفلسطينيين)، على أحدهما كُتب "الكراهية" وعلى الآخر "العنف"، ورجل يقبل يدها ويحمل لافتة مكتوباً عليها بالألمانية: "العودة إلى المجتمع"، بمعنى أن معاداة السامية تعود إلى المجتمع الألماني، عن طريق الفلسطينيين والمؤيدين لهم.

وعلقت لمياء س. وهي فلسطينية ألمانية، لـ"العربي الجديد"، على المنحوتة، قائلة: "إن هذه العنصرية العلنية في ألمانيا أصبحت مقبولة، وشكّلها وروّج لها الإعلام الألماني وتصريحات السياسيين. على كل المناهضين لليمين المتطرف، سواء كانوا سياسيين أو رؤساء بلديات وغيرهم، أن يعربوا فوراً وعلناً عن انتقادات واضحة وحادة ضد العنصرية التي يتم إظهارها ضد الفلسطينيين". وأضافت أن شعاري "ضد اليمين" و"لن يحدث مرة أخرى أبداً"، اللذين يرفعهما متظاهرون يفترض أنهم يدافعون عن قيم العدالة والديمقراطية والكرامة الإنسانية "هما شعاران بعيدان كل البعد عن المجتمع والسياسة الألمانية"، في ظل التحريض المتواصل على الفلسطينيين.

في دوسلدورف

أما المنحوتة الثانية، فنفذها الفنان جاك تيلي وعرضت في دوسلدورف. في المنحوتة نرى دبابة عليها نجمة داوود، وأمامها عائلة فلسطينية يدفعها مقاوم فلسطيني، في إشارة إلى أن حركة حماس تستخدم المدنيين دروعاً بشرية. بينما يصوّر "العمل الفني" هذا، جيش الاحتلال الإسرائيلي وكأنه "مجبر" على إطلاق النار على المدنيين، وذلك في تجاهل سافر لحجم الجرائم الإسرائيلية والانتهاكات في حرب الإبادة التي أطلقها ضد المدنيين في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

ويعتبر جاك تيلي أشهر صانع عربات مهرجانات في ألمانيا، واشتهر بمنحوتاته السياسية في قوالب ساخرة، وسبق له أن نشر منحوتات عنصرية، وتهدف إلى تنميط المسلمين والعرب، ففي مهرجان عام 2007، صنع تمثالين متطابقين يمثلان "الشكل النمطي العنصري" للمسلمين، ويظهرهم على أنهم غاضبون وعنيفون، وكتب على أحدهما "الحقيقة" وعلى الآخر "التنميط"، بمعنى أن المسلمين عنيفون بطبيعتهم، وهذا ليس فقط تنميطاً.
ويذكر الصحافي أحمد الشهابي أن المنحوتات في الكرنفال عزّزت الصور النمطية تجاه الفلسطينيين، وأكد أن هذا قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية في ألمانيا، ويجعل الفلسطينيين أكثر عرضة لأن يصبحوا ضحايا للعنصرية
وتواصل ألمانيا سياستها التمييزية تجاه الفلسطينيين، حيث منعت مظاهرات عدة مؤيدة لغزة، إضافة إلى ملاحقتها الناشطين ومضايقتهم، فيما يستمر إعلام الدولة باستهداف الفلسطينيين، وبث الأخبار أحادية الجانب، والداعمة بشكل أعمى لإسرائيل.

المساهمون