أدلة على بدء صناعة الملابس في المغرب قبل 120 ألف عام

أدلة على بدء صناعة الملابس في المغرب قبل 120 ألف عام

17 سبتمبر 2021
كهف كونتريبانديرس في المغرب (إميلي هاليت)
+ الخط -

عثر باحثون في معهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري وجامعة ولاية أريزونا، على مجموعة عظام وجدت في كهف بالقرب من الساحل الأطلسي للمغرب، يعود تاريخها إلى ما بين 120.000 إلى 90.000 سنة مضت، وتعد أقدم دليل على صناعة الملابس منذ ما قبل 120 ألف عام.

من بين ما يقرب من 12000 قطعة عظمية، عثر الباحثون على 60 أداة مصنوعة من العظام وأداة واحدة مصنوعة من أسنان الحوتيات التي تشمل الحيتان، والدلافين، وخنازير البحر، صنعها البشر لاستخدامها كأدوات. في الوقت نفسه، حددوا نمطاً من علامات القطع على عظام الحيوانات آكلة اللحوم مما يشير إلى أنه بدلاً من أسر هذه الحيوانات من أجل تناول لحومها، كان ساكنو الكهوف يسلخونها للحصول على الفراء.

عثر على هذه العظام للمرة الأولى في كهف كونتريبانديرس وتعني "المهربين" في المغرب في عام 2011، وفق الدراسة التي نشرت يوم أمس الخميس في مجلة iScience.

يعد ابتكار الملابس وتطوير الأدوات اللازمة لتنفيذها أحد أهم معالم الحضارة الإنسانية، وكانت خطوة ضرورية في تمكين البشر الأوائل من توسيع مكانتهم من أفريقيا في العصور الجيولوجية السحيقة والانتقال إلى بيئات جديدة مع تحديات بيئية جديدة. لكن ورغم أهميتها، لا يزال أصل الملابس غير واضح بالنسبة للعلماء.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة إميلي هاليت باحثة ما بعد الدكتوراه في  معهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري إن نتائج الدراسة تظهر أن البشر الأوائل في ساحل المغرب كانوا يصنعون أدوات عظام متخصصة، ويسلخون آكلات اللحوم من أجل فرائها، ثم يستخدمون أدوات العظام لمعالجة جلود وفراء الحيوانات آكلات اللحوم. وأضافت هاليت في حديثها لـ"العربي الجديد": "هذا مهم لأننا كعلماء آثار مهتمون بمعرفة أصول أشياء مثل الملابس والتقنيات الحديثة. نحن نفترض أن الملابس كانت جزءا لا يتجزأ من توسع جنسنا في الموائل الباردة خلال العصر الجليدي، ولكن من غير المرجح أن يتم الاحتفاظ بالفراء ومواد الملابس العضوية الأخرى في السجل الآثاري، خاصة في الرواسب التي يعود تاريخها إلى حوالي 100 ألف عام.

وعبرت الباحثة عن دهشتها عندما اكتشفت أن علامات القطع على عظام الحيوانات آكلة اللحوم الصغيرة كانت منقوشة بشكل واضح ومقتصرة على الكفوف والفم. وقالت إن هذا النمط من الشقوق هو نفسه الموجود اليوم، أما جلد الحيوان فيترك سليما.

كانت أسنان الحوت مفاجأة لأن الفريق لم يكن يتوقع العثور عليها حيث لم يتم التعرف على بقايا الحوت في أي سياقات من عصر البليستوسين في شمال أفريقيا. بعد تحليل جميع عظام وأسنان الحيوانات، كانت هناك سن واحدة لا تشبه أسنان الثدييات والأسماك والزواحف التي كانت هاليت على دراية بها.

وتستطرد قائلة: "بمجرد أن أدركت أنها يمكن أن تكون إحدى أسنان الحوت، أرسلت الصور إلى علماء الأحياء البحرية وعلماء الآثار البحرية الذين أكدوا أنها من أسنان الحوت، وأعتقدوا أنها على الأرجح من أسنان حوت العنبر. لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين أنها إحدى أسنان حوت العنبر حتى نتمكن من التعرف عليها باستخدام البروتينات... إن أسنان الحوت مثيرة للاهتمام حقا لأنها كانت تستخدم بشكل شائع كزينة شخصية في سياقات ما قبل التاريخ والتاريخية".

ويتوقع معدو الدراسة أن تتعرض استنتاجاتهم للنقد من قبل العلماء الآخرين الذين سيطرحون أسئلة حول تحديد تصنيفي للحيوانات التي استخدمت عظامها في صنع الأدوات.

تشير المؤلفة المشاركة في الدراسة إلى أن الملاعق صنعت من ضلوع البقر، على الرغم من عدم قدرة الفريق على تحديد أنواع الأبقار التي صنعت منها. أما بالنسبة لأدوات العظام الأخرى، فقد استخدم بعضها لتشكيل الأدوات الحجرية. وهناك العديد من أدوات العظام التي لم يعرف الباحثون وظيفتها حتى الآن، والتي يأملون أن يتمكنوا من تحديد وظيفتها في المستقبل.

المساهمون