النوم على صافرات الإنذار: تمجيد الألم

النوم على صافرات الإنذار: تمجيد الألم

15 سبتمبر 2019
استمرّت الفرقة رغم مغادرة مؤسّسها كيلين كويم (Getty)
+ الخط -
قبل أيام، أصدرت فرقة "Sleeping with Sirens" (النوم على صافرات الإنذار) ألبوماً جديداً حمل عنوان "How It Feels To Be Lost"، وهو ألبوم الاستوديو السادس في مسيرة الفرقة، التي تمكنت خلال السنوات العشر الماضية من أن تحتل مكانة مهمّة على خارطة الموسيقى العالمية، من خلال أسلوبها الخاص الذي يمزج ما بين عدة أنماط موسيقية متباعدة، وهي: "البوست هاردكور" و"الميتال" و"البوب" و"البانك روك"، ومن خلال ما قدمته من أغانٍ اتسمت بالغرابة، ولا سيما أغنيتها الأولى "If I'm James Dean, You're Audrey Hepburn"، التي ضمنت لهم النجاح السريع والانتشار عالمياً.

لم يتوقّع كثيرون من "Sleeping with Sirens" أن تستمر بذات الروح هذه المدة الطويلة، خصوصاً بعد تخلي جميع الأعضاء المؤسسين عن نجم الفرقة، كيلين كويم، بعد عام واحد فقط من تأسيسها، إلا أن الفرقة استمرت وتمكنت من إنتاج ستة ألبومات وإقامة جولات عالمية خلال عشرة أعوام، ولم تؤثر مداورة الأسماء والانقسامات على مسيرة الفرقة، كما لم يؤثر قرار عازف الإيقاع، جاب براهام (ثاني أقدم أعضاء الفرقة)، بالانسحاب من الفرقة في إصدار الألبوم بموعده المحدد؛ ليبدو أن كل ما يحدث على هامش الأغاني السوداوية التي تميز الفرقة غير قادر على إيقاف إيقاع المأساة.

العمل الجديد لا يختلف عن نتاجات الفرقة السابقة، فهو ليس سوى حلقة جديدة من حلقات السوداوية المبهجة التي تتغنى بها الفرقة ومرحلة جديدة من مراحل تمجيد الألم، ربما يبدو أكثر نضجاً ويتفوق بشعريته على الألبومات السابقة، ولكنه لا يختلف من حيث الأسلوب والتوجه. تتجلى الشعرية في الألبوم بالعديد من الصور التي تحيلنا إلى الرغبات المتصارعة بين الانتحار وبين التعايش مع الألم والوحدة؛ ومن أجملها ما يرد في أغنية "Agree To Disagree": "المزاج الذي أنا عالقٌ فيه، دائم التغير وكأنه الطقس. لذا يمكنك الاحتفاظ بالشمس، لأنني أفضل الليل أكثر".

على خلاف "Agree To Disagree"، التي تبدو صوغاً شعرياً لأسلوب حياة خاص ينتهج التعايش مع الألم، فإن بعض الأغاني تبدو بها ميول أكثر نحو الانتحار وفيها توق للنهاية، ولا سيما الأغنية الافتتاحية "Leave It All Behind"، التي يرد بها: "أنا مجرد إنسان، لذا لا تتوقع مني الكثير. لقد فقدت إيماني، ولا أعتقد بأنني أستطيع أن أكون بمأمن مما أهرب منه. هل ستتذكرني إذا سقطت إلى السماء؟ وهم ماذا سيقولون عني إن تركت كل شيء خلفي ورحلت".

يتضح الصراع ما بين الاستمرار والاستسلام للموت أكثر بالأغنية الرئيسية في الألبوم "How It Feels To Be Lost"، حيث يرد بها: "الحياة تمشي على حبل مشدود، معصوبة الأعين. إن الطريق طويلة. إنها كالسكين في الظهر، كالرصاصة في الرأس. لماذا لا أفهم؟ الدم على يدي! إنني الآن أقف على الحافة وليس لدي مكان لأذهب إليه".

في بعض الأغاني تزداد حدة المأساة لتتجسد في أسئلة وجودية حول طبيعة الحياة، كما هو الحال بأغنية "Ghost"، التي تتكون لازمتها من العديد من الأسئلة، وهي: "هل نحن مجرد أشباح تعيش في الليل؟ هل نحن أشباح تنتظر الضوء الساطع لتختفي؟ هل نعيش في عالم مزور أم أن هذا حقيقي؟".

الأمر الذي يزيد من جمالية هذه الأشعار الرومانسية، التي تغالي بتمجيد الألم، هو اقترانها بموسيقى صخبة وإيقاعات سريعة راقصة؛ لتبدو الموسيقى بإيقاعها السريع الذي لا يتوقف تقاوم اليأس والسوداوية المفرطة، وتخلق عالماً موازياً، لا يبدو فيه اللون الأسود حزيناً كما توحي كلمات الألبوم.

دلالات

المساهمون