"هوا أصفر"... بيروت ودمشق معاً

"هوا أصفر"... بيروت ودمشق معاً

22 مايو 2019
فادي إبراهيم ويوسف الخال "هوا أصفر"(فيسبوك)
+ الخط -
ليس من السهل أن تتكرر الشراكة في العمل الدرامي، خصوصاً بين الكتّاب الشباب، إلا أن الإصرار كان عنوان الشراكة بين الناقد السينمائي علي وجيه والممثل يامن الحجلي، التي نتج عنها نص حمل عنوان "هوا أصفر". ورغم تأجيل عرضه عاماً كاملاً، إلا أن المسلسل حجز حصة من العرض هذا الموسم على قناة "الجديد" اللبنانية.
تنطلق الحكاية من تلوث الأفكار والمشاعر الذي ينتاب المنطقة في محاولة لتقديم دراما بطابع مشترك ضمن سياق مبرر، وليس مقحماً، فالمناخ العام للفساد والاستغلال واحد، سواء كان في سورية أو لبنان، فضلاً عن رجال الأعمال والمافيا والتجار الذين يعملون بين البلدين، ويتنقلون في ثرواتهم بين بيروت ودمشق.
بذلك، تنطلق الحكاية من داخل "كازينو لبنان"، من دون تحويله مسرحاً رئيسياً للأحداث، لكنه نقطة انطلاق للشخصيات، حيث يبرز الصراع الحاد منذ الحلقة الأولى بين "شغف" و"كريم"، ليدخل على خط الصراع في ما بعد "سوار"، القادم من دمشق إلى بيروت، ليلعب القمار وينقذ شقيقه "أمير" من حبل الإعدام.
تظهر في العمل حكائية عالية تبرز جهد الكاتبين في رسم ملامح مستقلة للشخصيات، وإن تقاطعت في بعض نماذجها مع شخصيات لمحنا مثيلاً لها في مسلسلات المافيا الأجنبية، أو ضمن سياق الدراما المشتركة في الأعوام الأخيرة. لكنّ الحكاية تتحرر من التقليد حين تبحث عن ارتباطها المكاني من خلال التأسيس لنماذج منطقية تمثل طبقات مختلفة من المجتمع، وإن جاءت متحررة وأكثر استقلالاً في القسم السوري من القسم اللبناني، وذلك يعود إلى جنسية الكاتبين وحياتيهما داخل دمشق، ما جعل الشخصيات السورية تبدو متنوعة على صعيد الملامح، رغم وجود سوية أداء عالية من قبل الممثلين اللبنانيين، مع صورة إخراجية تمكنت من خلال توحيد نمط اللقطات وأسلوب التلوين من خلق بيئة واحدة تشمل مشاهد دمشق وبيروت معاً، مع لون فلتر يميل للون الأصفر بما ينسجم مع اسم العمل وهويته.
العمل الذي يجمع لأول مرة في عمل واحد كلاً من سلاف فواخرجي ويوسف الخال ووائل شرف، ينجح في عدم سحب بساط العمل لصالح نجم منهم دون الآخرين، أو لصالحهم على حساب باقي أبطال العمل. فالجميع أبطال في أماكنهم، وإن جاءت أنوثة سلاف الطاغية وهدوء حضور وائل والدور الجديد ليوسف في مسيرته الفنية عوامل ساعدت في إظهار المسلسل بصيغة المختلف عن السائد.
أما في القصة، فتعتمد على تراكم أحاسيس الأبطال، فلا مشاهد مبالغ فيها مثل النماذج المقدمة في الدراما المرادفة أو المنافسة لطبيعة الأعمال المشتركة، "الهيبة" و"خمسة ونص"، فتفوق دفء حضور الممثلين على مدى قوة الحوارات وغابت الجمل الرنانة عن مسامع المشاهدين.
قد لا يجيب النص بشكل كامل عن التساؤل؛ لأن حكاياه المتعددة لم تمنح فكرة التصعيد لقصة رئيسية، بل جاء التنوع ليرصد حالة عامة في المجتمع رغم خشية الكاتبين الاقتراب من الخطوط الحمر، فجاء العمل ليصفع الواقع أكثر مما يصفع المسببين في صناعة هذا الواقع المزري.

دلالات

المساهمون