عزيزة جلال... عودة بعد غيابٍ دام 35 عاماً

عزيزة جلال... عودة بعد غيابٍ دام 35 عاماً

16 ديسمبر 2019
هل ستساهم في إحياء الأغنية الطربية؟ (فيسبوك)
+ الخط -

ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر عودة الفنانة المغربية، عزيزة جلال، إلى الغناء مرة أخرى، بعد اعتزالٍ دام ما يقارب 35 عاماً. وستكون عودتها الرسمية من خلال حفلةٍ، من المقرّر أن تحييها في الـ 26 من شهر ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري، في المملكة العربية السعودية، ضمن فعاليات مهرجان "شتاء طنطورة".

وكانت جلال قد اعتزلت الغناء منذ عام 1985، بعد زواجها من رجل أعمال سعودي. واختفت عن الوسط الإعلامي والفني بشكل كامل، لتفتح الباب أمام تساؤلات وتأويلات عديدة، تدور حول السبب الذي كان وراء اعتزالها. ورجح الناس حينها أن السبب وراء اتّخاذها هذا القرار المفاجئ هو رغبة زوجها في ابتعادها عن الوسط الفني. وفعلياً، كان قرار اعتزالها صادماً، وخصوصاً أنها، ومنذ ظهورها الأول، قدّمت نفسها كنجمةٍ مستقلّة متمرّدة على كل الصور النمطية السائدة التي لازمت الفنانات في تلك الحقبة. فمنذ إطلالتها الأولى، ارتدت عزيزة نظارتها الطبية الكبيرة، وأصرَّت على ارتدائها في جميع حفلاتها وإطلالاتها، ضاربة بعرض الحائط المعايير الجمالية التي كانت تقيّد الفنانات حينها، كما أنَّها بنت لنفسها هوية بصرية خاصة، كانت مستهجنة من قبل كثيرين في ذلك الوقت.

كانت جلال في ذروة نجاحها وشهرتها عندما أعلنت اعتزالها، إذْ كانت قد بدأت التعاون مع كبار الملحنين أمثال بليغ حمدي وسيد مكاوي. وكانت أغانيها قد حققت شهرة عربية واسعة، مما خلق حالة من التعجب، رافقت قرار اعتزلها وهي في القمة؛ إذْ إن كثيرين من النقاد، تنبؤوا، آنذاك، بأن جلال ستكون امتداداً لعمالقة الطرب كأم كلثوم وأسمهان، خاصةً بعد أن انتشرَ خبر تعاونها مع الفنان محمد عبد الوهاب. وبعد اعتزالها، غابت جلال عن الأضواء تماماً، مما أتاح المجال لانتشار كثير من الإشاعات حينها عن تعرضها لضغوطات مختلفة أجبرتها على اتخاذ هذا القرار. خاصةً أن الغناء كان حلمها منذ أن كانت طفلة، وأنها كافحت لتحققه، وتمرَّدت على عائلتها التي لم تكن مُرحِّبة بفكرة دخولها عالم الفن، فدفعها حماسها إلى الاشتراك في برنامج "مواهب" على التلفزيون المغربي، عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها، لتكون تلك التجربة أولى محطات مشوارها الفني.



رحلة جلال الفنية كانت قصيرة لم تتجاوز العشرة أعوام، ولم تطرح خلالها أي ألبوم، بل اكتفت خلال مسيرتها بطرح بعض الأغاني التي لم يتجاوز عددها العشرين أغنية، منهم ثلاث أغنيات باللهجة الخليجية، من ألحان جابر الجاسم وهي: "سيدي يا سيد ساداتي" و"غزيل فله" و"يا شوق هزني الهوى الشوق"، إذْ كان الخليج العربي البوابة الأولى لشهرة جلال، قبل أن تنتقل إلى محطة مصر، التي سطَّرت فيها أفضل ما قدمته خلال رحلتها. وكانت البداية في مصر مع أغنية "أول ما تقابلنا" من كلمات مأمون الشناوي وألحان محمد الموجي. وبعدها جاءت الأغنية التي تسببت بشهرتها الواسعة في الوطن العربي، وهي أغنية "هو الحب لعبة"، والتي كانت أيضاً من تأليف مأمون الشناوي وألحان الموجي. لكن أفضل ما قدَّمته جلال، كانت الأغنيتان المطروحتان قبيل اعتزالها، من ألحان بليغ حمدي، وهما: "مستنياك" و"حرمت الحب عليا"، إذْ تُعتبَران من أفضل الأغاني الطربية التي صدرت في الثمانينيات.



ولم تفصح جلال عن سبب اعتزالها إلا بعد 34 سنة من الغياب، وكان ذلك في إطلالتها الإعلامية الأولى بعد الاعتزال، والتي بُثَّت على قناة "إم بي سي" في رمضان الفائت. وجاء كلام جلال أغرب من كل الشائعات والتوقعات، إذْ أنكرت كل الشائعات والتوقعات التي ربطت اعتزالها بضغوطات مارسها عليها زوجها (الذي توفي العام الماضي)، وصرحت أن سبب اعتزالها الفن هو خوفها وانزعاجها من الشهرة، وقناعتها بأن الدور الحقيقي للمرأة، مهما كانت مهنتها، هو الإنجاب والاهتمام بأطفالها وزوجها. لذلك قررت أن تعتزل الفن لتذهب لتأدية دورها، على حسب تعبيرها. فكسرت جلال بتصريحاتها صورتها المتمردة القديمة، وعكست صورة نمطية لامرأة شرقية، مستعدّة لأن تهدم حياتها المهنية ونجاحها من أجل رجل.
وفعلياً، إن ارتباط اعتزال جلال للفن بزواجها، وارتباط عودتها بوفاة زوجها، قد دفعت كثيرين للاعتقاد بأن ما قالته جلال في لقائها الأخير لا يعبِّر عن الحقيقة. وبغضّ النظر عن الأسباب، فإن خبر عودة عزيزة جلال إلى الغناء مجدداً كان مزلزلاً ومفرحاً، ولا سيما لعشاق الأغنية الطربية.

ولكن هل ستتمكن جلال التي تجاوزت الستين من عمرها من تعويض ما فاتها بعد عودتها؟ وهل ستساهم في إحياء الأغنية الطربية؟ وهل هي قادرة اليوم على إحداث أي أثر؟


المساهمون