وثائقي ريتا باسيل: تاريخ مسرح وسيرة فرد

06 نوفمبر 2017
منير أبو دبس (الملف الصحافي للفيلم)
+ الخط -
في "صالون الكتاب الفرنكوفوني الـ24" (3 ـ 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017) في بيروت، احتفالٌ بالمسرح اللبناني: شابّة عاملة في الكتابة والصحافة والفنون، ترافق مسرحيّاً تجديديّاً، في مكاشفةٍ إنسانية يقوم بها المسرحيّ أمام كاميرا المخرجة، في لقاءٍ لن يبقى مجرّد حوار عن ذكرياتٍ، بقدر ما يشي ـ ولو بشكلٍ مبطّن وخفر ـ بأنه حوار بين جيلين مختلفين تماماً، أحدهما عن الآخر، من دون أن يكون الاختلاف عائقاً أمام رحلةٍ في الجغرافيا والزمن، وفي الإبداع والتفكيك والتجديد، وفي صناعة انقلابٍ لن يوافق عليه مسرحيون كثيرون حينها، رغم ما يحمله الانقلاب من مفردات مغايرة لمألوف تلك الفترة (ستينيات القرن الـ20 تحديداً).

مع ريتا باسيل، يتابع المهتمّون رحلة المسرحي اللبناني منير أبو دبس (1928 ـ 2016)، في الوثائقيّ "منير أبو دبس: في ظلّ المسرح" (7 مساء غدٍ الثلاثاء، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، في مركز "بيال"، بيروت). وثائقيّ قصير ومُكثَّف، يُقدِّم 3 شهادات لعاملين في المسرح اللبناني (ميراي معلوف وأنطوان كرباج وروجيه عساف)، تكشف جوانب من آلية العمل الخاص بالمسرحيّ الفرنكوفوني، الذي يمتلك براعة المواجهة والتجديد في لغة المسرح، كأن يُدرِّب الممثلين على التعرفّ الذاتي الداخلي العميق على أنفسهم، وعلى امتلاك لغة الصمت في البوح الانفعاليّ (معلوف وكرباج). لكن مفردات كهذه لن تؤثّر إيجاباً بمسرحيين، يعتبرون المسرح إطلالة على العالم والمجتمع، ومرافقة لهما في تحدّياتهما ومساراتهما (عساف).

لن يكون الوثائقيّ سجالياً، لابتعاده المقصود عن كلّ نقاشٍ نقديّ يتناول أفعال منير أبو دبس، وآراءه ونظرته إلى الحياة والفن والعلاقات والمسرح والناس. فهو، بدقائقه الـ35، محاولة بصرية لرسم صورة عن المخرج، وعن تاريخه وذاكرته وأبرز محطات اشتغاله، من أنطلياس والفريكة، إلى مهرجانات بعلبك والعمل التلفزيوني، مروراً بباريس والثقافة الفرنسية والغربية. وهو، بسلاسته وبساطته، شهادة توثيقية عن مسرحيّ عاملٍ في المسرحين اللبناني والفرنسي، في أعوامٍ لبنانية تُشكِّل مساحة إبداع، مفتوحة على تساؤلات كثيرة؛ وفي مرحلة الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، التي تدفع منير أبو دبس إلى الهجرة إلى بلدٍ يعرفه سابقاً (فرنسا).

"في ظلّ المسرح" عنوانٌ يليق بمنير أبو دبس وسيرته وأحلامه واشتغالاته. بعينيه الصغيرتين وشبه المغمضتين، يوحي كأنه ذاهبٌ إلى ما هو أعمق من الظاهر، في سرده بعض تلك المقتطفات الحياتية الخاصّة به. ومع كاميرا تقترب منه وتلاحقه في أمكنته الأثيرة وذكرياته الأحبّ، ينكشف الرجل والمسرحيّ أمام ذاته والآخر، في محاولة وثائقية متواضعة لتحصين ذاكرةٍ ترتبط بالرجل والمسرحيّ معاً، كما بالبلد وتاريخه وحكاياته وأحواله.

لعلّ المكتوب في بداية الفيلم (قول للمسرحيّ نفسه)، يُلخِّص هذا العمل الوثائقي، الذي يمنح المهتمّ شيئاً من حكايات المسرحيّ: "التغييرات الحقيقية هي، نوعاً ما، بين اليدين السحريتين للشاعر، أكثر مما هي بين يديّ ذلك الذي يقود الطريق".





المساهمون