جهاد عبدو… من قمع النظام السوري إلى هوليوود

جهاد عبدو… من قمع النظام السوري إلى هوليوود

30 أكتوبر 2016
جهاد عبدو أصبح "جاي عبدو" (فيفين كيليلا/ Getty)
+ الخط -
عندما اندلعت الثورة في سورية، دفع السوريون ضريبة آرائهم السياسية، بمن فيهم الفنانون، الذين تعرضوا للضغط والابتزاز، ولم تتكفل شهرتهم بحمايتهم من بطش النظام، الذي حاربهم في البداية من خلال التضييق المادي عليهم، فحرمهم من ممارسة مهنتهم، قبل أن يشن حملات الاعتقال ومجالس التأديب على الفنانين السوريين المعارضين، الذين لم يجدوا ملاذاً سوى بالهرب من سورية، والبحث عن مكان يستطيعون أن يكملوا فيه مسيرتهم الفنية.

ولم يلقَ نجوم الصف الأول صعوبة بالاستمرار في عملهم خارج سورية، مثل النجم السوري، جمال سليمان، الذي فُتحت له الأبواب، وحاز على الكثير من الفرص في مصر، ولكن الوضع يختلف عند نجوم الصف الثاني في سورية، والذين أدى بهم موقفهم السياسي للتوقف عن العمل، والاضطرار للجوء إلى مهن أخرى ليتمكنوا من إيجاد لقمة العيش، بعد التضييق عليهم في سورية، ومنعهم من أخذ أدوار البطولة في المسلسلات داخل سورية.

وذلك هو حال الممثل السوري، جهاد عبدو، الذي هرب خوفاً من بطش النظام إلى الولايات المتحدة الأميركيّة. وكأي لاجئ، عانى جهاد في بداية رحلته من صعوبات التأقلم مع مكان إقامته الجديد، اضطرته للعمل في مجالات بعيدة عن إطار الفن والتمثيل، فعمل كسائق تكسي، وفي توصيل الورود والبيتزا لمدة عامين، وخلال تلك الفترة، أرسل سيرته الذاتية للعديد من المخرجين والنجوم في هوليوود، لعل أحدهم يقدم له فرصة ليعود لمزاولة مهنة التمثيل. وحاز في البداية على بطولة بعض الأفلام القصيرة، بالإضافة لأدوار ثانوية للشخصيات العربية في أفلام هوليوود، قبل أن يتحول لظاهرة، وينال أدوار البطولة برفقة أبرز نجوم هوليوود، أمثال: نيكول كدمان وتوم هانكس وميرل ستريب. كما أُنتِج مؤخراً فيلمٌ، يتناول قصة جهاد عبدو ورحلته من الحرب والظلم إلى عالم النجومية في هوليوود، بعنوان "جهاد إن هوليوود". وهو فيلم وثائقي، إذ علّق عبدو على أحد السائلين عن موضوع الفيلم، كاتباً على حسابه الخاص على فيسبوك أن الفيلم يروي قصته. كما علق قائلاً إن عنوان الوثائقي وحده "كفيل بإحداث صدمة"، لا سيما في تلك الظروف.

وجدير بالذكر، بأنّ عبدو الذي تعود عليه متابعو الدراما العربية في مسلسل "مرايا" و"بقعة ضوء"، قال في أحد لقاءاته الصحافية بأنه تمكن من المشاركة في الفيلم عبر أحد المنتجين الأميركيين من أصل سوري، والذي قدمه للمخرج الذي كان يبحث عن شخصية تتحدث العربية والإنكليزية باللهجة البريطانية.
الملفت في الأمر، أن جهاد عبدو لم يحصل خلال مسيرته في سورية، والتي دامت قرابة العشرين عاماً، على أي دور بطولة في الدراما السورية، رغم أنَّه لمع نجمه في بداية مسيرته الفنية، وتحديداً في سنة 1998، عندما لعب شخصية "أنوار" في مسلسل "الطير"، إذ عرفه الناس من خلال هذا الدور، ولكنّها لم تكن كافية ليحصل على ثقة المخرجين وصنّاع الدراما. ولم تتح له بعدها الفرصة ليصبح من نجوم الصف الأول. ولكن جهاد استطاع إثبات موهبته وسط نجوم هوليوود، وحصل على عضوية نقابة الفنانين الأميركيين في الولايات المتحدة الأميركية، وقدم من خلال الأعمال التي قام بها صورة جيدة للفنانين السوريين، في ظل حالة التردي التي تعيشها الدراما السورية في السنين الأخيرة، ليثبت بأن مشكلة الفن السوري ليست مُتعلّقة بانعدام الموهبة، وإنما تتعلّق بالفكر الذي يتحكّم بالمؤسسات القائمة على عمليات الإنتاج في الوقت الحالي، وهيمنة النظام السوري ومنعه من إنتاج أي عمل فني خارج من نطاق سلطته.


ومع ذلك، فإن الكثير من الانتقادات طاولت جهاد بسبب تغييره لاسمه، حيث اختار لنفسه اسم "جاي عبدو" منذ أن أصبح نجماً هوليوودياً، رغم أن أغلب المنتقدين لم يشاهدوا أياً من أعماله، وإنما تعاملوا معه بالعقلية النقدية التي رسخها النظام، والتي تتعلق بالتخوين أو الولاء للوطن والقائد.

المساهمون