وضعت دراسة لمعهد دراسات سياسة الطاقة العالمية التابع لجامعة كولومبيا الأميركية، خمسة سيناريوهات أمام روسيا لتصدير الغاز بعد نهاية الحرب في أوكرانيا.
وهذه السيناريوهات هي، العودة إلى تصدير الغاز إلى أوروبا وحتى لو بكميات منخفضة عما كانت عليه في العام 2021 قبل الحرب، وزيادة مبيعات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى آسيا، ورفع حجم صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى دول العالم، وزيادة الصادرات إلى آسيا الوسطى. والسيناريو الأخير هو التصدير من خلال وسطاء وعلى رأسهم تركيا التي تطمح إلى أن تصبح مركزاً رئيسياً لتجميع الغاز وتصديره إلى أوروبا.
وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا وما تلاه من عقوبات إلى خفض إمدادات الغاز الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك إلى تعطيل خط أنابيب "نورد ستريم2" وإلى انخفاض كبير في صادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية الأخرى. وكانت شركة غاز بروم تصدر نحو 140 مليار متر مكعب سنوياً إلى دول الاتحاد الأوروبي قبل غزو أوكرانيا.
وحتى الآن أضر الغزو وما تلاه من عقوبات غربية بسمعة شركة "غاز بروم" باعتبارها مورد غاز موثوقا به لأجل طويل، والبقاء لاعبًا مهمًا في أسواق الغاز الأوروبية. ويقول معهد دراسات سياسة الطاقة العالمية، يبدو أن إبرام أي عقود جديدة طويلة الأجل أو تجديد العقود الحالية بين شركة غازبروم والمستوردين الأوروبيين الرئيسيين أمر غير مرجح إلى حد بعيد.
ولكن لا يلغي فقدان روسيا للسوق الأوروبي، دورها الرئيسي في أسواق الغاز العالمية بمجرد انتهاء الحرب، ولكن متى وكيف ستنتهي الحرب؟ سيحددان ماهية هذا الدور.
وترى الدراسة أن العثور على سوق لـ 140 مليار متر مكعب من صادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية التي كانت تصدرها إلى دول الاتحاد الأوروبي لن يكون أمرًا سهلاً، حتى لو تمكنت روسيا من إيجاد طريقها مرة أخرى إلى سوق الغاز في الاتحاد الأوروبي.
حتى الآن تركز شركات الغاز الروسية على السوق الآسيوية لتعويض خسارتها في أوروبا ولكن يبدو أن الطريق طويل وربما يأخذ سنوات، حيث إن روسيا ليس لديها شبكة أنابيب أرضية كبيرة تربط حقولها للغاز مع آسيا كما هو الحال مع أوروبا، كما أن صناعة الغاز المسال الروسية لا تزال في طور الطفولة.
وحسب الدراسة في نهاية عام 2022، كانت صادرات الغاز الروسية عبر خطوط الأنابيب إلى آسيا تعادل تقريبًا الصادرات إلى أوروبا لأول مرة.
وأعلنت روسيا بالفعل عن خطط لربط شبكة الغاز الغربية الخاصة بها، والتي تخدم بشكل أساسي أوروبا وآسيا الوسطى بالأسواق الآسيوية، مما يوفر لها المرونة في تدفق الغاز عبر خط الأنابيب إما غربًا أو شرقًا.
ولطالما سعت روسيا إلى هذا الخيار كوسيلة تمكنها من موقف تفاوضي أفضل مع الدول الغربية. ودفع الغزو إلى زيادة سعة خط الأنابيب "سيبيريا باورد2" إلى 55 مليار متر مكعب في السنة إلى أعلى قائمة أولويات شركة "غاز بروم".
وفي عام 2021 باعت روسيا حوالي 30 مليار متر مكعب من الغاز إلى آسيا ولكنها لا تزال بعيدة جداً عن خسارتها في أوروبا، حيث كانت تصدر 155 مليار متر مكعب لدول الاتحاد الأوروبي قبل الغزو.
ولدى روسيا مشروعان للغاز المسال، هما مشروع سخالين الذي يصدر ثلثي الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا، ومشروع "يامال للغاز المسال" في شمال غرب سيبيريا بقية الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا.
كما تشغل روسيا نظام خط أنابيب "باور سيبريا 1" في شرقي سيبيريا بطاقة 38 مليار متر مكعب، وهو يربط حقولها مع شمال شرقي الصين. كما وقعت موسكو في فبراير/ شباط الماضي اتفاقية لتوفير 10 مليارات متر مكعب إضافية إلى الصين، عبر خط أنابيب الغاز (باور سيبريا 3) الذي يمر عبر خاباروفسك وفلاديفوستوك مع معبر حدودي في مكان ما بين خاباروفسك وفلاديفوستوك.
على صعيد الغاز المسال، ترى الدراسة أن الاستثمار في التحول من خط الأنابيب إلى تصدير الغاز الطبيعي المسال من شأنه أن يوفر لروسيا مزيدًا من المرونة في التسويق.
وصدرت روسيا 39.6 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال في عام 2021، من عدة مصادر منها مصنع "غازبروم سخالين 2" الذي تبلغ طاقته 15 مليار متر مكعب ومصنع يامال للغاز الطبيعي المسال التابع لشركة نوفاتك والذي يبلغ حجمه 24 مليار متر مكعب.