تعثر المشاريع في تونس يدفع الممولين نحو الدعم الفني

تعثر المشاريع في تونس يدفع الممولين نحو الدعم الفني

29 يناير 2020
لا يزال التونسيون يطالبون بالتشغيل والتنمية(شدلي بن إبراهيم/ Getty)
+ الخط -

يسجل الاقتصاديون في تونس بداية تبدل في نوع المساعدات التي تتلقاها البلاد من المؤسسات الدولية، مع انتقالها من المستوى المادي إلى الفني، وسط تعثر عدد من المشاريع التنموية والاقتصادية.

ويبدأ البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نهاية يناير/ كانون الثاني الحالي، في اجتماعات مع ممثلي الحكومة التونسية والمنظمات وخبراء التنمية والاقتصاد من أجل ضبط سياسة مساعدة تونس على إعداد خطة خروج من الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها. وأعلنت المنظمتان الدوليتان الأربعاء، عن المبادرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحت عنوان "حوار السياسيات الاقتصادية " الذي سيعقد في مقر الأمم المتحدة في تونس. ويحظى هذا الحوار باهتمام الأوساط الاقتصادية التي أكدت أن هذه البرامج قادرة على إفادة تونس في مجالات إصلاح الجباية ووضع برنامج تنمية جديد، خاصة وأن إطلاق الحوارات يتزامن مع ميلاد الحكومة الجديدة التي يترقب التونسيون الكثير منها.

وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس ستيف ووترولغ في تصريحات إعلامية، إن هذه المبادرة المشتركة تهدف إلى تنظيم اجتماعات كل يوم خميس من كل شهر، تجمع بين نحو 20 شخصا من ممثلي الأطراف الوطنية التونسية والدولية الفاعلة لتبادل وجهات النظر والنقاش مع ممثلي القطاعين العام والخاص ومجال الأعمال والأكاديميين وخبراء التنمية الدوليين من تونس والخارج، حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية الحالية في البلاد.


وأكد ووترولغ، أن هذه التوصيات سيتم توجيه نسخ منها إلى تسع شركاء لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي من المانحين الدوليين، في محاولة لمساعدة الأطراف التونسية على تحديد الأولويات الاقتصادية والإنمائية بشكل مشترك ووضع الحلول الممكنة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين التنمية الجهوية، وخلق فرص التشغيل للشباب مع إدماج اقتصادي ومالي أوسع في ظل احترام سيادة الدولة التونسية وخيارات قياداتها.

وتسعى تونس التي تواجه ضغوطاً من المانحين الدوليين بسبب تأخر الإصلاحات الاقتصادية، إلى كسب دعم المؤسسات الاقتصادية والمالية الكبرى ومنها البنك الدولي الذي قدم مساعدات لتونس بقيمة 5 مليارات دولار. وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي قال ممثل البنك الدولي بتونس، طوني فارهايغن، إنّ البنك منح تونس 15 مليار دينار (حوالي 5 مليارات دولار) منذ العام 2011، مشيرا إلى أن علاقة البنك بتونس غير عادية، باعتبار أن حجم التمويلات التي وضعها البنك لفائدة تونس على امتداد السنوات الماضية فاق ما يسند عادة إلى بلد في حجمها من الناحية الاقتصادية. وأضاف فارهايغن أنّ الحكومة التونسية عاجزة عن إنجاز المشاريع الممولة من البنك الدولي رغم توافر الأموال، لافتًا إلى أن الموازنات المخصصة لإصلاح المؤسسات العمومية لم تحقق النجاح المأمول وأنّ الوضعية الحالية أقرب إلى "الفشل تقريبا"، بحسب تعبيره.

وأعلن فارهايغن أن نتائج أعمال خبراء البنك سترسل في شكل توصيات إلى الحكومة التونسية ومجلس نواب الشعب. ورجّح مصدر مسؤول في وزارة المالية في تصريح لـ"العربي الجديد" أن يغيّر البنك الدولي تعامله مع تونس في مبادرة الحوار حول السياسات الاقتصادية بالاكتفاء بتقديم الدعم الفني للهياكل الحكومية بعد الاستشارات الموسعة التي سيقوم بها فريق الخبراء لتحديد حاجات القطاعين الحكومي والخاص لتحسين أداء الاقتصاد.


واعتبر المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن الدعم الفني الذي يقدمه المانحون الدوليون وشركاء تونس على غرار البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ساعد على تطوير أجهزة حكومية، ومن بينها الجمارك التي استفادت من حزمة مساعدات فنية ومالية لتحسين أداء الجهاز في الموانئ والمعابر الحدودية وتسهيل إجراءات التعامل مع المصدرين والمستثمرين. وأضاف المصدر ذاته أن المساعدات المادية قد تفقد قيمتها إذا لم يتم رصد المخصصات لتطوير مشاريع سبقتها دراسات وخطط جدوى. وقال الخبير الاقتصادي بلحسن الزمني لـ"العربي الجديد" إن حصول تونس على دعم البنك الدولي يساعد على تحسين سمعة البلاد في أسواق المال العالمية ووكالات التصنيف الائتماني، مشيرا إلى أن الدعم الفني لا يقل قيمة عن الدعم المادي الذي تحصل عليه تونس. وانتقد الخبير الاقتصادي تفريط تونس في مساعدات مالية كبيرة حصلت عليها من المانحين الدوليين نتيجة ضعف أداء أجهزة الدولة وغياب المتابعة للمشاريع التي يعرضها المانحون على الوزارات.

لكنه أشار إلى أن مواصلة المانحين دعمهم تونس مالياً أو فنياً مؤشر إيجابي على تواصل الثقة في قدرة تونس على تجاوز صعوباتها الاقتصادية. ودفعت الأزمة المالية تونس نحو الاقتراض الخارجي، وبموجب اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي، حصلت الحكومة على 1.9 مليار دولار، ويتبقى 900 مليون دولار. وتسود مخاوف في الأوساط الاقتصادية من تداعيات تفاقم الديون في ظل الاتجاه الحكومي المتواصل نحو مزيد من الاقتراض الخارجي.

المساهمون