الاحتيال يشوّه سمعة الشيكات المصرفية في المغرب... والحكومة تطرح حلاً

20 ديسمبر 2019
3.2 ملايين شيك بدون رصيد في المغرب (Getty)
+ الخط -


تراجعت سمعة الشيك في المغرب بسبب ممارسات تدليسية واحتيالية، ما دفع الحكومة عبر موازنة العام المقبل 2020 إلى تبني تدبير يقوم على العفو عمن له سوابق في إصدار شيكات بدون رصيد مقابل أداء مساهمة إبرائية (غرامة).

وبلغ عدد الممنوعين من إصدار شيكات حتى منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي نحو 670 ألف شخص، من بينهم 88 في المائة من الأشخاص الذاتيين، حسب بيانات بنك المغرب المركزي، علما أن 3.2 ملايين شيك بدون رصيد لم يتم تسويتها، ما يمثل 95.74 مليار درهم، أي حوالي 10 في المائة من الودائع لدى المصارف المغربية.

وما زال إصدار الشيكات بدون رصيد يغري بعض المستثمرين، فعندما أثيرت قضية شركة "باب دارنا" العقارية أمام محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، الثلاثاء الماضي، أكد أن صاحب الشركة الذي يوجد رهن الاعتقال أصدر المئات من الشيكات بدون رصيد.

وتوجه انتقادات لبعض المصحات الخاصة التي تطلب من المتعاملين معها وضع شيكات على سبيل الضمان، رغم أن القانون يحددها باعتبارهم وسيلة أداء.

ويرى المحاسب طارق علالي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هذه الطريقة في التعامل يمكن أن تؤدي إلى تراكم حالات الشيكات بدون رصيد، معتبرا أن ذلك ينال من سمعتها.


ويحيل على تقرير لبنك المغرب المركزي الذي يؤكد أن سمعة الشيك في تراجع بالمغرب، حيث لم يمثّل في العام الماضي سوى 14 في المائة على مستوى وسائل الأداء المتداولة، مقابل 24 في المائة قبل ذلك بعام، بينما ارتفعت حصة الأداء عبر التحويلات من 35 إلى 40 في المائة والبطاقات البنكية من 26 إلى 29 في المائة.

وفي هذا السياق، يعتبر الخبير في قطاع التأمينات والمصارف محمد العربي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الشيكات بدون رصيد تنال من عنصر الثقة الذي يفترض أن يسود في العلاقات بين المتعاملين بهذه الوسيلة، مشيرا إلى أن عدم الثقة يمكن أن يمتد حتى إلى المؤسسات التي يفترض فيها تصحيح الخروقات التي تشوب تلك العلاقة.

وفي سبيل تطبيع العلاقة مع الشيك، سن قانون مالية العام المقبل، مساهمة إبرائية برسم الغرامات المالية ذات الصلة بإصدار شيكات بدون رصيد، والتي لم تتم تسويتها، فيما يتصل بالشيكات المقدمة على أبعد تقدير حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وحددت المساهمة الإبرائية في حدود 1.5 في المائة من قيمة الشيك موضع النزاع، شريطة أداء تلك المساهمة للخزانة العامة للمملكة خلال العام المقبل.


وحدد سقف المساهمة في 1000 دولار للأشخاص الذاتيين و5 آلاف دولار للأشخاص المعنويين أيا كانت قيمة الشيكات بدون رصيد التي لم تتم تسويتها.

ويراد من هذه الخطوة إعفاء الأشخاص المعنيين بأداء الغرامات المالية المرتبطة بإصدار شيكات بدون رصيد، من أجل تسوية أوضاعهم تجاه القانون.

واتخذ التدبير الحكومي الجديد بتنسيق مع البنك المركزي، الذي يتجه، حسب مصدر مطلع في وزارة الاقتصاد والمالية، إلى فتح الباب أمام التجار في العام المقبل من أجل الولوج إلى مركزية الشيك بدون رصيد، التي ستمكنهم من الحد من المخاطر المرتبطة بقبول الشيكات، عبر الاطلاع على بيانات ذات صلة حول سوابق في ذلك المجال لزبائنهم.

وأكد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" أن التدبير المتضمن في قانون المالية، إيجابي على اعتبار أن العديد من الفاعلين الاقتصاديين يتطلعون إلى تطبيع علاقاتهم مع المصارف، بعد إصدار شيكات بدون رصيد في مرحلة من حياتهم، غير أنهم يتعذر عليهم ذلك بسبب تراكم الغرامات التي لا يستطيعون الوفاء بها.

ويعتبر مراقبون أن العفو الذي سنه مشروع قانون المالية، يمكن أن يدفع مصدري شيكات بدون رصيد إلى التمادي في ذلك، من منطلق ظنهم أنهم سيستفيدون من العفو مرة أخرى رغم خرقهم للقانون.

دلالات
المساهمون