6 قطاعات مصرية تخسر من مقاطعة قطر 3 منها تترقب رد الدوحة

07 يونيو 2017
شحنة غاز قطري تصل إلى مصر بعد يومين(فرانس برس)
+ الخط -
أقدمت مصر على قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، وإغلاق مجالها الجوي والبري والبحري معها، متبعة في ذلك الإجراءات التي اتخذتها كل من السعودية والإمارات والبحرين، إلا أن مؤشرات اقتصادية تشير إلى أن القاهرة ستتكبد خسائر من المقاطعة التي بادرت باتخاذها. 
وهناك ستة قطاعات اقتصادية مصرية ستتأثر بالأزمة الحالية، المفتعلة من قبل النظام المصري، منها ثلاثة قطاعات تتوقف على أي إجراء تصعيدي ضد مصر أو جاليتها.
الاقتصاد المصري المأزوم بالأساس لا يتحمل أي أزمات اقتصادية جديدة، خاصة مع تراجع إيرادات النقد الأجنبي واعتماد 72 % من إيرادات الموازنة على الضرائب، ويعاني من تضخم وصلت نسبته إلى 33% وتمثل التحويلات رافدًا مهما للنقد الأجنبي.
وبحسب اقتصاديين فإن هناك ثلاثة مجالات ستتأثر مباشرة بالقرار المصري، وهي تأثر السوق المحلي باضطراب إجازات العمالة المصرية في الصيف والصادرات وخسائر شركة مصر للطيران الحكومية، وهناك أيضا خسائر متوقعة لمصر حال اتخاذ قطر لقرارات كرد فعل على القرارات المصرية، وتتعلق بالعمالة المصرية والتحويلات والغاز المسال الذي تورده إلى مصر.

مصر للطيران
تعاني شركة مصر للطيران التي تملكها الدولة من خسائر باهظة سنوياً تراكمت على مدار السنوات الماضية وصولا إلى 15 مليار جنيه تمثل 3 أضعاف رأس مال الشركة وفقا لوزير الطيران المدني شريف فتحي.
وتعتمد الشركة في نسبة كبيرة من دخلها على الرحلات من وإلى الدول العربية لوجود نسبة كبيرة من المصريين بالخارج في هذه الدول، واعتماد مصر مؤخرا على السياحة العربية مصدراً للدخل بعد توقف السياحة الروسية والأوروبية.
ووفقا للشركة فإن عدد الرحلات الأسبوعية التي تُسيرها الشركة إلى مدن الشرق الأوسط في صيف 2015 وصل إلى 228 رحلة أسبوعية، بينما بلغ عدد الرحلات التي تسيرها مصر للطيران إلى المدن الأوروبية نحو 158 رحلة أسبوعياً.
وتنظم مصر للطيران 29 رحلة أسبوعية إلى الدوحة بينما تنظم الخطوط القطرية 16 رحلة بين الدوحة والقاهرة أسبوعياً، فضلا عن رحلات الترانزيت والمباشر، التي تنظمها شركات عربية أخرى مثل طيران العربية وفلاي دبي الإماراتيتين والخليج البحرينية.
وبقطع العلاقات تخسر مصر للطيران التي تعاني بالأساس من خسائر كبيرة، إيرادات رحلاتها من وإلى الدوحة، والتي تزداد خلال فصل الصيف، وهو موسم عودة العاملين في الخارج وأسرهم، كما تخسر مصر رسوم المرور واستخدام مطاراتها من الشركات العربية التي تنقل الركاب من المطارات المصرية للدوحة والعكس.


السياحة والأسواق
يتوقع أن يؤدي قرار منع الطيران القطري من دخول مصر ومنع رحلات مصر للطيران إلى الدوحة إلى الاضطراب في حجوزات الطيران ومن ثم إمكانية عدم قضاء كثير من العاملين المصريين في قطر وأسرهم إجازة هذا الصيف في مصر وهو الأمر الذي سيترتب عليه آثار اقتصادية يشعر بها العاملون في مجالات العقارات والسياحة الداخلية وغيرها.
ومن المعروف في مصر أن قطاع العقارات والإنشاءات ينتعش في الصيف بسبب عودة العمالة المصرية لقضاء إجازة الصيف في بلدها، كما أن حركة الأسواق تشهد انتعاشا أيضا لذات السبب.
الأمر لا يقتصر على قطاع العقارات والسياحة الداخلية فقط، بل يمتد أيضا إلى السياحة الأجنبية خاصة الآسيوية منها، حيث يستحوذ الطيران القطري على نقل نحو 70% من السياحة شرق الآسيوية الوافدة إلى مصر، وتحديداً من الصين واليابان والهند، مما يفاقم معاناة قطاع السياحة المصري الذي يشهد أزمة منذ إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء، والتي أدت لتوقف السياحة الروسية والبريطانية.
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن محمد عثمان، الخبير السياحي قوله إن الخطوط القطرية كانت هي فقط التي تنقل سياح البلدان الثلاثة، وبلدان عدة من شرق آسيا إلى مصر، مضيفاً أن وفود منظمي الرحلات السياحية، في الصين والهند واليابان، بجانب وفود حكومية، كانت تصل إلى مصر عبر الدوحة.
أيضا سيتأثر قطاع السياحة المصري بغياب السياح القطريين الذين يأتون إليها صيفا لقضاء عطلاتهم، حيث يمثل السياح العرب، ومن بينهم القطريون، رافدا مهما للسياحة المصرية في مأزقها الحالي.

التبادل التجاري والاستثمارات
يبلغ حجم التبادل التجاري وفقاً لتقديرات بين البلدين 1.9 مليار دولار تقريباً، وتتمثل أهم الصادرات المصرية إلى قطر في سلع هندسية وإلكترونية، محاصيل زراعية، صناعات غذائية، مواد بناء، منتجات كيماوية وأسمدة، أثاث، ملابس جاهزة ومفروشات، غزل ونسيج، صناعات يدوية، جلود، وكتب. بينما تنحصر الواردات المصرية من قطر بشكل كبير في منتجات كيماوية، ومواد بناء، وأثاث، وسلع هندسية.
وقطع العلاقات بين البلدين سيحرم مصر من دخل مهم للنقد الأجنبي في ظل مأزق تراجع موارد النقد الأجنبي، فضلا عن المأزق الذي تواجهه الصادرات الزراعية المصرية من قرارات الحظر التي فرضتها دول مثل السعودية والإمارات والسودان، ومازال القرار سارياً في بعضها، وتعد قطر من الدول القليلة التي لم تفرض حظرا شاملا على الصادرات المصرية، ومن ثم فإن أي قرار يتعلق بهذه المنتجات سيزيد من أزمتها وما ينجم عنه من انعكاسات على الاقتصاد المصري.
ويشير تقرير للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر، إلى أن قطر تحتل المرتبة التاسعة من حيث دول العالم المستثمرة في مصر بعدد 210 شركات، وتتباين الأرقام حول إجمالي الاستثمارات القطرية والتي يقدرها جمال بيومي، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب بـ 18 مليار دولار بنهاية 2015.
ووفقا لتقرير البنك المركزي المصري في يونيو/حزيران 2016، فإن الدوحة تحتل المركز الثاني للاستثمارات في مصر بإجمالي استثمارات 104.8 مليون دولار في الربع الثاني من العام المالي الماضي 2015 /2016، مقابل 33.3 مليون دولار في الربع الأول بزيادة قدرها 215%.
ومن أبرز الشركات القطرية في مصر الديار القطرية، التي تنفذ مشروع "نايل كورنيش" بقيمة 464.3 مليون دولار، ومنتجع سياحي في شرم الشيخ بقيمة 79.5 مليون دولار، وتوفر هذه المشروعات نحو 6 آلاف فرصة عمل، حسب بيان للشركة.


أدوات قطرية للرد
أما الخسائر المتوقعة في حال قيام قطر بالرد على القرار المصري بقطع العلاقات الدبلوماسية فهي تشمل عدداً من القطاعات الاقتصادية منها:

العمالة المصرية
تختلف الأرقام المعلنة عن عدد المصريين المقيمين في قطر ومن بينهم العمالة المصرية، وإن كان هناك اتفاق على أن عدد المصريين في قطر يأتي في المرتبة الرابعة بعد الهند ونيبال والفيليبين.
وفقا لتقديرات فإن عدد العاملين المصريين في قطر يتراوح بين 180 إلى 200 ألف مصري، بينما التقديرات الرسمية تشير إلى أن إجمالي المصريين بين 250 ألفاً إلى 300 ألف مصري يشملون العمالة والأسر والموجودين بشكل غير رسمي أو بنظام الزيارات العائلية والتجارية.
وتمثل نوعية العمالة المصرية في قطر مثل عدد من دول الخليج الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة في غالبيتها لارتفاع الدخل في قطر ولكون غالبية الوظائف تتركز في مجالات التدريس سواء الجامعي أو ما قبل الجامعي ومهن الهندسة والطب والقضاء والإعلام يضاف إلى ذلك نسبة أقل من العمالة العادية في مجال الإنشاءات والزراعة وغيرها.
وتعتبر قطر من أقل الدول التي تواجه العمالة المصرية فيها مشاكل تتعلق بالعمالة أو حقوقها والحصول على مستحقاتها، بل وتعتبر عمالة مرحباً بها وقديمة في الدولة، وتكاد تهيمن على بعض المهن خاصة التدريس التي يقدر بعضهم نسبة المصريين فيها بحوالي 50% من إجمالي العاملين في مجال التدريس، إضافة لوجود ملحوظ في مجالات الطب والإنشاءات والعلاقات العامة والتجارة.

التحويلات المالية
يرتبط بعدد ونوعية وظائف المصريين في قطر حجم التحويلات السنوية التي تقوم بها الجالية المصرية، ووفقاً لإحصاءات رسمية قطرية ومصرية فإن المصريين العاملين في قطر قاموا بتحويل مليار دولار لبلدهم خلال 2016 تمثل المرتبة الرابعة بعد تحويلات المصريين في السعودية والكويت والإمارات، ولكنها تمثل في الوقت ذاته المركز الأول من حيث متوسط قيمة التحويلات بنحو 463 دولاراً شهرياً.
ووفقا لإحصاءات رسمية قطرية فقد بلغت التحويلات المالية للمصريين خلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2016 نحو 1.2 مليار ريال (330 مليون دولار) من إجمالي التحويلات المقدرة بنحو 42 مليار ريال، وتضاعفت مع تحرير الجنيه المصري وهي مرشحة للزيادة خلال العام الجاري 2017.
ومن ثم فإن المتوقع في حالة اتخاذ قطر رد فعل للرد على القرارات المصرية الأخيرة أن تفقد مصر آلاف فرص العمالة والتي سيضاف نسبة كبيرة منها إلى طابور البطالة في مصر، إضافة إلى حرمانها من مليار دولار سنوياً تحويلات هذه العمالة والتي تمثل تقريبا في المتوسط 5-6% من إجمالي تحويلات المصريين بالخارج.

الغاز المسال
تحتل قطر المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج الغاز المسال، والذي زادت أهميته خلال السنوات الأخيرة، خصوصا في مجال توليد الطاقة الكهربائية.
وتحصل مصر على كميات كبيرة من الغاز المسال من قطر بطريقة غير مباشرة وفق تجار دوليين، وذلك من خلال شركات سويسرية لتجارة السلع الأولية.
وقال مصدر تجاري لرويترز يوم الثلاثاء الماضي إن شركات ترافيغورا وغلينكور وفيتول، تشتري الغاز المسال من قطر وتسلمه إلى مصر، مشيرا إلى أن ملكية الشحنات تنتقل إليهم في الميناء القطري ولا يستخدمون سفناُ قطرية. وأضاف " قطر تستطيع وقف الصادرات لدول معينة من خلال فرض ما يعرف بقيود الوجهات".
وانتهت مصر بالفعل من نصف برنامج تسليمات الغاز المسال للعام الحالي، حيث لا تزال تنتظر وصول 50 شحنة من بينها 10 شحنات على الأقل ذات منشأ قطري، حسبما قاله مصدر في قطاع الطاقة في القاهرة.
وتتوقع مصر تسلم الشحنة المقبلة من الغاز القطري في العاشر من يونيو/حزيران الجاري، وأخرى في اليوم التالي بحسب "ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس".
ويرى مراقبون أن أي قرار قطري بوقف تصدير شحنات الغاز المسال، سوف يؤثر بشكل كبير على إنتاج الطاقة الكهربائية في مصر والتي تعاني من نقص حاد فيها، خصوصا خلال الصيف، ورغم إمكانية تعويض مصر لهذه الشحنات من مصادر أخرى إلا أن ذلك سيستغرق وقتاً وبتكلفة أكبر.