مخاطر تحاصر صادرات "الترانزيت" الإيرانية عبر تركيا

مخاطر تحاصر صادرات "الترانزيت" الإيرانية عبر تركيا

25 يوليو 2016
السلع الإيرانية تواجه عقبات أمام تصديرها عبر تركيا (Getty)
+ الخط -
تعد تركيا الدولة الجارة لإيران من حدودها الغربية، شريكاً تجارياً رئيساً ونافذة مهمة أمام طهران لتصدير بضائعها إلى أوروبا، وأدت المحاولة الانقلابية العسكرية الفاشلة إلى خسائر مالية لإيران بعد توقف مرور صادراتها عبر منافذ تركيا البرية لعدة أيام.
ورغم عودة العمل بالمنافذ، مؤخراً، إلا أن المصدّرين الإيرانيين ما زالوا يتابعون عن قرب تداعيات المحاولة الانقلابية، وحذروا من مخاطر ما زالت مستمرة على تجارة البلدين.
وكان الطرفان قد أغلقا حدودهما البرية، خلال الأيام القليلة التي أعقبت الانقلاب الفاشل، حيث تم منع الشاحنات والمركبات من نقل البضائع لعدة أيام، ما أثر سلبا على الصادرات الإيرانية، المتوجهة لتركيا ولجميع الدول الأخرى ولا سيما أوروبا.
وحسب رئيس اتحاد الصادرات الإيرانية محمد لاهوتي، لـ"العربي الجديد"، عادت حركة الشاحنات بين البلدين لوتيرتها الطبيعية، قائلا إن قرار إيقاف التصدير جاء لحفظ أمن الشاحنات والناقلات.
وفي سؤال عن حجم الخسائر التي تكبدتها الصادرات الإيرانية خلال أيام من توقفها عقب الانقلاب، لم يذكر لاهوتي، معلومات وأرقام محددة ودقيقة، إلا أنه اكتفى بالقول إنها خسارة محدودة كون الحدود فتحت بعد أيام قليلة، مؤكدا أنه سيتم التعويض عنها بشتى الوسائل الممكنة.
واعتبر لاهوتي، أن الأوضاع والتطورات الأمنية والسياسية التركية مهمة للغاية بالنسبة لإيران، فالتجارة الخارجية لبلاده تتأثر بشكل مباشر سلبا أو إيجابا بتبعات أي مستجدات، وأشاد بدور الحكومة التركية التي استطاعت أن تمسك بزمام الأمور سريعا.
إلا أن لاهوتي، أكد كما غيره من المعنيين بأن الأخطار لم تنته بعد، ولا سيما أن الشاحنات والمركبات الإيرانية تعرضت لعدة هجمات بعد عبورها الحدود مع تركيا، وتم إحراق عدد من الشاحنات الإيرانية من قبل مسلحين ومجهولين في الداخل التركي خلال الأشهر الماضية، ما يزيد من احتمالية التهديدات الأمنية في طرق التجارة البرية، حسب تعبيره.
وذكر لاهوتي، أن تركيا من أهم الشركاء الاقتصاديين بالنسبة لطهران، حيث إنها واحدة من أول خمس دول في العلاقات التجارية مع بلده، معتبرا أن الأهمية لا تتعلق بالصادرات فقط، وإنما كذلك بالواردات التركية سواء تلك الموجهة لإيران أو التي تعبر أراضيها إلى دول تقع في الجهة الشرقية منها.
وفي الحديث عن البدائل، يرى لاهوتي، أن تركيا ملتحمة جغرافيا مع إيران، وهذا يجعل تكاليف النقل عبرها مناسباً، مؤكدا أن طهران تدرس خيارات بديلة لتصدير بضائعها لكنه قال إن الأمر لن يكون سهلاً.


وكان رئيس اتحاد الصادرات الإيرانية، أعرب عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، عن قلقه من الظروف والأوضاع التي استجدت في تركيا، مؤكدا أنه كان لها تبعات سلبية انعكست على تجارة الترانزيت بالذات بين الطرفين، واصفا في تصريحات نقلتها عنه المواقع الرسمية الإيرانية، الطرف التركي بالشريك الاستراتيجي الذي لا يمكن لطهران أن تخسره.
ويرى خبراء اقتصاد إيرانيون، أن البحث عن بدائل لتصدير البضائع الإيرانية إلى أوروبا، أمر مهم خلال هذه المرحلة التي تشهد فيها تركيا والمنطقة مستجدات تهدد الأمن والاستقرار، وخاصة أن طهران تعمل جاهدة للاستفادة إيجابا من تبعات اتفاقها النووي مع الغرب، الذي توصلت إليه بعد جولات تفاوضية صعبة مع السداسية الدولية شهر يوليو/تموز العام الماضي، ودخل حيز التنفيذ العملي مطلع العام الجاري، فرفع الحظر الاقتصادي عن البلاد، ولوحظ تركيز طهران على علاقاتها الاقتصادية مع دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص.
وفي هذا السياق، يقول الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني على إمامي، لـ"العربي الجديد"، إن غرفة التجارة الإيرانية وغيرها من المعنيين في القطاع الاقتصادي الإيراني، يدرسون في الوقت الراهن الخطوط البديلة التي من الممكن أن تفتح الطريق أمام البضائع الإيرانية المتجهة نحو أوروبا، قائلا إن الخيارات تشمل بلدانا كأرمينيا وبلغاريا وحتى رومانيا، وغيرها من الدول الواقعة شمالي بحر قزوين الذي يحد إيران من الشمال.
لكنه اعتبر أن تطبيق هذه الخطط على المدى القريب والمتوسط أمر صعب وخاصة أن كل الأمور جاهزة ومرتبة مع الشريك التركي حيث تفضل طهران الحفاظ على الأمور وإبقائها على ماهي عليه.

وأوضح إمامي، أن العلاقات مع تركيا استراتيجية ومهمة، حيث يشكل هذا البلد النقطة التي تصل بين إيران والغرب من جهة، كما يعد ممرا لنقل البضائع القادمة من الصين والهند ودول من آسيا الوسطى. وأضاف، أن عدم الاستقرار في تركيا يؤثر سلبا على التجارة الإيرانية، وسيجعل نقل البضائع أصعب وأعلى تكلفة، حتى بفتح المنافذ الحدودية بشكل دائم.
وفي الوقت الذي يرى فيه إمامي، أن المعوقات الأمنية تهدد التجارة الإيرانية بالفعل كونه لا يوجد بدائل سهلة ومتوفرة للنقل والترانزيت، أعرب رئيس مكتب الترانزيت والنقل عبر المنافذ البرية في مؤسسة الطرق، محمد جواد عطرتشيان، في وقت سابق، عن أن الأوضاع طبيعية، وستعمل طهران على الحفاظ على مستوى علاقاتها مع تركيا ولرفع مستوى التبادل التجاري بين الطرفين بحسب الاتفاق بين رئيسي البلدين حسن روحاني، ورجب طيب أردوغان، من 15 مليار إلى 30 مليار دولار.
ونقلت الوكالات الإيرانية عن عطرتشيان قوله، أيضا إن المفاوضات مستمرة لتحسين طرق الترانزيت وتطويرها بين إيران وتركيا، قائلا إن التجارة قد تتطور لتشمل عددا أكبر من الناقلات والقطارات.
وأكد عطرتشيان، على أن حجم تجارة الترانزيت انخفض بالفعل حتى قبل المحاولة الانقلابية، بسبب الهجمات التي تعرضت لها حافلات وشاحنات إيرانية، إلا أنه شدّد على أن طهران ستلتزم بما عليها لتطوير التعاون التجاري والاقتصادي.
ونقلت وكالة مهر الإيرانية، أنه خلال الأشهر الخمس الأولى من العام الجاري عبر ما يزيد عن 21 ألف شاحنة إيرانية محملة بالبضائع إلى تركيا، إما لنقل البضائع إلى سوقها، أو لتصديرها لأوروبا، وبلغ عدد الشاحنات التي تحمل بضائع الترانزيت الإيرانية ستة آلاف تقريبا.
بالمقابل، وخلال الفترة ذاتها، عبر ما يزيد عن 31 ألف شاحنة تركية الحدود المشتركة مع إيران، خمسة آلاف منها فرغت بضائعها في النقاط الحدودية، و13 ألفا كانت تحمل بضائع تركية للترانزيت عبر إيران لدول أخرى، وما تبقى توجه لنقاط في الداخل الإيراني.
والجدير بالذكر أنه بين تركيا والدول المجاورة منفذ حدودي واحد أو اثنين بأقصى تقدير، لكن يوجد مع إيران أربعة منافذ مع تركيا.
وحسب التقارير الرسمية تشمل الصادرات الإيرانية من البضائع والسلع كما تشمل المحروقات والصناعات البتروكيماوية بالإضافة للمحصولات الزراعية، أما تركيا فتصدر لإيران أو عبر أراضيها آلات تستخدم في المعامل والمصانع وهي المصنعة في تركيا بامتياز أوروبي، وكل هذا يجعل الطرفان يترقبان تطور الأوضاع الأمنية كونهما معنيين بشكل مباشر بالأمر الذي سينعكس سلبا أو إيجابا على كليهما، وتسود حالة من التفاؤل الحذر في الأوساط الاقتصادية في ظل نجاح تركيا في السيطرة على الأوضاع عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة.

المساهمون