أوروبا تهدد فلسطين بوقف المساعدات بدءاً من أبريل

أوروبا تهدد فلسطين بوقف المساعدات بدءاً من أبريل

25 فبراير 2014
+ الخط -
 
كشف وزير فلسطيني عن تهديدات من دول أوروبية بالتوقف عن دعم السلطة الفلسطينية ماليا، اعتبارا من شهر أبريل/نيسان المقبل، في حال استمرت الحكومة في رام الله في دفع رواتب موظفي السلطة المتوقفين عن العمل في قطاع غزة.

ومن المقرر أن تحصل حكومة السلطة الفلسطينية على منح ومساعدات أجنبية خلال العام الجاري 2014 بنحو 1.6 مليار دولار، ما يمثل 37٪ من إجمالي الموازنة العامة.

وحسب بيانات جديدة صدرت عن وزارة المالية في رام الله، فإن عجز الميزانية في يناير/كانون الثاني الماضي بلغ 80 مليون دولار.

 

وتدفع السلطة قرابة 100 مليون دولار شهريا إلى حوالي 60 ألف موظف في قطاع غزة ما بين مدنيين وعسكريين يمتنع أكثرهم عن الذهاب إلى أماكن عملهم بأوامر من حكومة رام الله.

وفي وقت تمتنع فيه شركات فلسطينية عن تزويد المستشفيات الحكومية بالأدوية نتيجة تراكم الديون، قال وزير المالية في حكومة رام الله، شكري بشارة، إن وزارته "تمكنت من تغطية فاتورة الرواتب عن الشهر الماضي دون مساعدات خارجية".

ولقي تصريح وزير المالية حول الرواتب استياء من أوساط حكومية وسياسية نظرا إلى ما أوحى إليه من انطباع بأن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية في أفضل حالاته، بخلاف الحقائق.

أما وزير الاقتصاد، جواد الناجي، فأشار في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إلى أن "النرويج أبلغت السلطة رسميا بأنها لن تقدم أي أموال اعتبارا من أبريل/ نيسان المقبل إذا ما استمرت السلطة في رام الله في دفع رواتب لموظفيها في قطاع غزة".

 

ومنذ سيطرة حركة حماس على غزة عام 2007، طلبت السلطة من موظفيها الاستنكاف عن العمل، بينما ترى دول أوروبية ان الاستمرار في دفع رواتب هؤلاء يمثل هدراً للأموال المقدمة إلى السلطة.

وبلغت قيمة العجز في الموازنة السنوية لعام 2014، 1.3 مليار دولار من أصل 4.2 مليار دولار، وتعول السلطة على سد العجز من المنح الخارجية إن توفرت.

وكان ممثل صندوق النقد الدولي في الأراضي الفلسطينية، أودو كوك، قد أكد في تصريحات سابقة ان الديون على الحكومة تستمر في التراكم، ووصلت في عام 2013 إلى أعلى النسب(4.4 مليار دولار)، محذرا من "مخاطر ديون البنوك المتراكمة على الحكومة، وهو ما يؤثر بشكل حقيقي على الوضع الاقتصادي".

في المقابل، يقول رئيس الوزراء رامي الحمد الله، إن حكومته نجحت في تخفيض الدين العام بما قيمته 400 مليون دولار منذ توليها مهامها قبل 8 أشهر. وهو ما لا تؤيده المعطيات المتوفرة وتصريحات مسؤولين في مؤسسات دولية.

 وخلال الشهور الماضية انتظمت الحكومة في صرف رواتب الموظفين، الفاتورة الأضخم في النفقات (حوالي 200 دولار شهريا)، في حين يترجم العجز المالي بتضخم الديون للقطاع الخاص الفلسطيني الذي يقول ممثلوه إنهم أصبحوا على حافة الإفلاس.

 

ويبدو القطاع الصحي المتضرر الأكبر، إذ يقول وزير الصحة الفلسطيني، جواد عواد، إن حجم الديون على وزارته بلغ 200 مليون دولار، الأمر الذي جعلها عاجزة عن تقديم خدماتها للفئات التي يغطيها التأمين الحكومي.

ويقول موردو الأدوية إن ديونهم على الحكومة بلغت 77 مليون دولار، مما جعلهم عاجزين عن توريد مزيد من الادوية والمواد الطبية.

ونظم مواطنون احتجاجات في الضفة الغربية بسبب نقص الأدوية، ووصل الأمر إلى تهديد فتاة فلسطينية، تدعى عهود مرقطن، بالانتحار في وسط رام الله الأربعاء الماضي في حال عدم توفر علاج لمرض التصلب اللويحي الذي تعاني منه مما يجعلها عرضة للشلل.

وأدى نقص الادوية في القطاع الصحي الحكومي إلى اضطرار وزارة الصحة الفلسطينية إلى تحويل المرضى الى مستشفيات خاصة.

ويقول الدكتور نظام نجيب، رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية في الضفة الغربية (25 مستشفى)، إن حجم الديون على الحكومة "وصل الى قرابة 100 مليون دولار الامر الذي جعلها عاجزة عن استقبال المرضى".

 وتابع نجيب في مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد" قائلاً: "المستشفيات الخاصة تعاني من أزمة تشغيلية بسبب ديونها على الحكومة مما انعكس على الخدمة الطبية المقدمة للمرضى".

 

وكانت شركة الكهرباء الإسرائيلية قد هددت، الخميس الماضي، بقطع التيار الكهربائي عن مناطق السلطة الفلسطينية وذلك على ضوء تراكم الديون على السلطة التي وصلت إلى 370 مليون دولار وهي ترتفع باستمرار.

ويُتوقع أن يشهد الوضع المالي للسلطة مزيدا من التدهور إذا ما توقفت، أو قلت، أموال المانحين حال ما فشلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الحالية مع انتهاء مهلتها في شهر أبريل/ نيسان المقبل.

وقد تجد السلطة نفسها في ضوء هذه المعطيات أمام إفلاس محقق، إذا ما أقدمت إسرائيل على حجز مخصصات الضرائب التي تجبيها نيابة عن السلطة على البضائع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية عبر الموانئ الإسرائيلية، وقيمتها 200 مليون دولار شهريا.

وأقدمت إسرائيل على احتجاز هذه الأموال مرات عديدة في الماضي آخرها عندما توجهت القيادة الفلسطينية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على قبول فلسطين دولة بصفة مراقب.

ويقول المسؤولون الفلسطينيون إن البديل للمفاوضات الحالية المتعثرة هو اللجوء مرة أخرى إلى الأمم المتحدة، والانضمام إلى المنظمات الدولية لمحاسبة إسرائيل على استمرار احتلالها.

 ويرى الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، أن السلطة ستعاني وضعا ماليا "غاية في الصعوبة" اعتبارا من نيسان/أبريل إذا ما أعلن فشل المفاوضات، بما يؤدي إلى انكماش اقتصادي، وارتفاع في معدلات البطالة، وتباطؤ في الدورة التجارية ينتج عن اضطراب في مواعيد صرف رواتب الموظفين الحكوميين وتأخر مخصصات القطاع الخاص.

وتفيد بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في رام الله بأن هناك 270 ألف عاطل عن العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، بواقع 23% من حجم القوى العاملة.

لكن عبد الكريم لا يعتقد أن واقعا كهذا من شأنه أن يؤدي إلى انهيار السلطة، لأن صانع القرار الاستراتيجي في الولايات المتحدة وإسرائيل يرى أن البدائل الأخرى ليست مريحة وأكثر سوءا، بالنسبة إليه، من الوضع الحالي".

وباتت المعطيات المالية والاقتصادية تفرض نفسها بقوة على صانع القرار السياسي، خصوصا في ما يتعلق بـ"اتفاق الإطار" الذي يعده وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، كأساس لمفاوضات فلسطينية إسرائيلية مستقبلية، ويتضمن بنودا مرفوضة فلسطينيا مثل الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية".

وتحمل الأسابيع المقبلة الكثير من التطورات، في انتظار نهاية العمر المفترض للمفاوضات وانعكاسات السيناريو المحتمل على الأوضاع المالية والاقتصادية.

 

المساهمون