هل يفك ترامب عقدة الاقتصاد الأميركي... أم يزيد متاعب الأسواق؟

مع اعلان ترشحه... هل يفك ترامب عقدة الاقتصاد الأميركي، أم يزيد متاعب الأسواق؟

18 نوفمبر 2022
ترامب يعلن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة في 2024 ويتعهد بإنقاذ الاقتصاد (Getty)
+ الخط -

وكأن الأسواق الأميركية، بكل ما فيها من تضخم مرتفع، ومخاوف من دخول الاقتصاد في ركود، وارتفاع ديون الأسر بأعلى وتيرة في 15 سنة، وزيادة أعباء القروض لم يكن كافياً، ليأتي إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب عزمه الترشح لانتخابات 2024، ليسكب المزيد من الزيت على النار، قبل موعد الانتخابات الرئاسية بعامين تقريبا ً.

ورغم تراجع العوامل السياسية في التأثير على الأسواق خلال العام الحالي، مفسحة الطريق لاعتبارات السياسة النقدية، وجهود مكافحة التضخم من بنك الاحتياط الفيدرالي، يذكر الكثيرون ما فعله ترامب خلال فترة رئاسته السابقة من محاولات تحفيز الاقتصاد، وخفض معدلات الفائدة، وتوفير فرص عمل وجذب استثمارات خارجية، كما انحيازه المعلن لمساعدة الشركات وأسهمها على الارتفاع.

وقبل أكثر من عامين ونصف، وفور وصول الرئيس الأميركي جو بايدن، كتب كارل سميث، أستاذ الاقتصاد في جامعة نورث كارولينا، مقالا على موقع بلومبيرغ، أكد فيه التأثير الكبير للرئيس ترامب الذي غادر البيت الأبيض قبل شهر ونصف وقتها على الاقتصاد الأميركي، رغم دعاوى الديمقراطيين أنه ورث اقتصاداً عظيماً من الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وأشار سميث إلى حزم الإنفاق التاريخية التي أقرتها إدارة ترامب، وكذلك الخروج السريع من الركود الذي صاحب دخول وانتشار وباء كوفيد في الأراضي الأميركية، بالإضافة إلى الوظائف التي تم خلقها، ووصلت بمعدل البطالة إلى أدنى مستوياته في ما يقرب من نصف قرن.

وبعد إعلان ترامب الأخير نيته الترشح للانتخابات في 2024، اعتبر بيل ستون، مسؤول الاستثمار لدى شركة جلينفيو تراست، أن الخبر لم يكن مفاجأة، وأن هناك الكثير مما يجري حولنا ما يحتل مكانة أعلى في سلم الأولويات في الفترة الحالية، مشيرا إلى أن ذلك قد يتغير في أي وقت.

لكن أنتوني سكاراموتشي، الذي تولى مهام مسؤول التواصل في البيت الأبيض لفترة قصيرة خلال رئاسة ترامب، اعتبر أن عودة ترامب للرئاسة ستكون خبراً جيداً لمستثمري الأسهم في "وول ستريت"، واصفاً سياساته الاقتصادية بأنها تمثل "الثالوث المقدس لتحفيز السوق، بما تسمح به من سيولة من خلال الإنفاق بالعجز، وأسعار الفائدة المنخفضة التي توفر المال السهل، والافتقار إلى التنظيم".

وأشار سكاراموتشي، في حوار مع إحدى القنوات الإخبارية نقلته وكالة رويترز، أيضاً إلى أن "المستثمرين يدركون أيضا ما يسببه دونالد ترامب من عدم استقرار سياسي وهو ما تكرهه الأسواق".

ولم يضيع ترامب الوقت، حيث وعد أنصاره مع إعلان نيته الترشح بـ"القضاء الفوري على التضخم، وإعادته لمستوياته السابقة"، مذكراً إياهم بما كان يقوله وقت رئاسته للبلاد من أن "الأمن الاقتصادي هو أمن قومي".

وتولى ترامب رئاسة البلاد بعد سبع سنوات تقريباً من الانتعاش المتواصل، وهو ما جعل البعض في حزبه يتخوف من دخول البلاد في ركود فور وصوله للبيت الأبيض. لكن ترامب نجح في الخروج من هذا المأزق، من خلال إقرار قانون لأكبر إعفاءات ضريبية في نهاية 2017، وهو ما حفز الشركات على زيادة إنفاقها الاستثماري.

أيضاً ضخ ترامب وإدارته كميات ضخمة من الأموال في الأسواق، من خلال حزم إنفاق كبيرة، ذهبت إلى جيوب المستهلكين، ومنعت دخول الاقتصاد في ركود.

وتجاهل ترامب مخاوف زيادة عجز الموازنة الأميركية، وأقر زيادات ضخمة في الإنفاق العسكري والمحلي، وهو ما حافظ على انتعاش الاقتصاد الأميركي، وسبب ارتفاعات كبيرة في أسواق الأسهم، كما أغلب الأصول في البلاد، فيما عرف وقتها باسم "ماراثون كل شيء".

لكن ترامب يعود هذه المرة في ظل انقسام كبير داخل الحزب الجمهوري، يرى البعض أنه هو شخصياً مسؤول عنه، بما سببه من أداء أقل من التوقعات في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.

ويقول شين أوليفر، مسؤول استراتيجيات الاستثمار لدى إيه أم بي لإدارة الاستثمار، إن "هذه الانقسامات ستقلل من فرص إقرار الإدارة الجمهورية، حال فوز ترامب في انتخابات 2024، لسياسات مفيدة لمستثمري الأسهم، بل إن البعض يرى تأثير قراره سلبياً على الأسواق".

وارتفعت أسواق الأسهم بأكثر من 50 بالمائة خلال الفترة التي تلت وصول ترامب المفاجئ إلى البيت الأبيض في نهاية 2016 وحتى خسارته في انتخابات الفترة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، رغم التقلبات العنيفة التي شهدتها الأسواق، على خلفية الحرب التجارية مع الصين، وتباطؤ الاقتصاد الأميركي، بعد ظهور وانتشار وباء كورونا في الأراضي الأميركية.

وفي العديد من تغريداته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أرجع ترامب لنفسه الفضل في الأداء الرائع لأسواق الأسهم الأميركية.

ومع إعلان نيته الترشح للرئاسة، أكد ترامب أن بلاده أهينت وركعت كما لم يحدث من قبل، واعداً جمهوره بأن يعود بها لتكون "أمة عظيمة من جديد". وقال ترامب، كما لو أنه بدأ حملته الانتخابية على الفور، إن التراجع في أميركا فرض عليها بواسطة جو بايدن و"مهاويس اليسار الراديكالي".

وأكد ترامب أن فترة رئاسته لأميركا كانت مثل "جنات عدن"، حيث "هزمت أميركا كل المنافسين، وانطلقت نحو المستقبل، وكان كل شيء مزدهراً كما لم يحدث من قبل"، مشيرا إلى أن الشعب الأميركي لم يعرف حتى الآن القدر الذي ساءت به الأمور، ومؤكداً في الوقت نفسه أنها ستكون أسوأ كثيراً في 2024.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وفي تقرير حديث بعد إعلان نيته الترشح، اعتبرت مجلة إيكونوميست أن ترامب، البالغ من العمر 76 سنة، يستهل حملته بتقديم نفسه لجمهوره باعتباره المرشح صاحب الخبرة، ذا القدرات العالية في جمع الأموال، مشيرةً إلى أن مناصريه قد ينجحون في تأمين ترشحه، في ظل انقسام الأصوات المؤيدة لمنافسيه.

وأشارت المجلة الاقتصادية العريقة إلى بعض التأثيرات المتوقعة لإعلان نية ترامب الترشح للرئاسة، مما قد يكون له تأثير على الأسواق، بل والاقتصاد الأميركي برمته، مؤكدةً وجود تحقيقات تتم حاليا في مجلس النواب، حول إنفاق ست دول أجنبية أكثر من 750 ألف دولار في فندق يمتلكه ترامب في واشنطن العاصمة، في محاولة للتأثير على السياسة الخارجية الأميركية.

وأشارت أيضاً إلى أن ترامب يخضع أيضا إلى تحقيقات فيدرالية ومحلية، تخص الهجوم على مبني الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني من العام الماضي، كما تدور تحقيقات بعض تعاملاته المالية، واحتفاظه ببعض المستندات السرية بعد خروجه من البيت الأبيض، مضيفةً إن إعلان نيته الترشح لانتخابات الرئاسة "قد يتسبب في تعقيد بعض هذه التحقيقات".

المساهمون