هل تبددت آمال خفض الفائدة الأميركية في 2024 بعد ارتفاع التضخم؟

هل تبددت آمال خفض الفائدة الأميركية في 2024 بعد ارتفاع التضخم؟

11 ابريل 2024
المقر الرئيسي لبنك الاحتياط الفيدرالي في واشنطن (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة لشهر مارس/آذار يفوق التوقعات بنسبة 3.5% مقابل 3.2% المتوقعة، مما يثير الشكوك حول إمكانية خفض بنك الاحتياط الفيدرالي لأسعار الفائدة.
- بيانات مؤشر أسعار المنتجين تظهر ارتفاعًا أقل من المتوقع، مضيفةً ضبابية للوضع الاقتصادي وتعقيدًا لمهمة البنك الفيدرالي في تحديد السياسة النقدية المستقبلية.
- استمرار النقاش حول خفض أسعار الفائدة وسط توقعات بتخفيض واحد فقط هذا العام، مع تفاؤل حذر بأن النمو الاقتصادي قد يخفف من ضغوط التضخم مستقبلًا.

استبعد أغلب المحللين قيام بنك الاحتياط الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة الأميركية في اجتماع يونيو/حزيران القادم، بعد أن أظهر مؤشر أسعار المستهلكين، أمس الأربعاء، ارتفاعها بصورة فاقت التوقعات خلال شهر مارس/آذار الماضي، ليطفو على السطح تشكيك لم يكن موجودا من قبل في إمكانية إجراء أي خفض لأسعار الفائدة قبل نهاية العام الحالي.

وأظهر تضخم الأسعار في الولايات المتحدة، ممثلاً في مؤشر أسعار المستهلكين، عناداً واضحاً، بعدما ارتفع بنسبة 3.5% في شهر مارس/آذار مقارنة بأسعار العام الماضي، وهو ما فاق توقعات المحللين الذين انتظروا ارتفاعاً لا يتجاوز 3.2%. واعتُبرت بيانات أسعار المستهلكين الصادرة عن وزارة العمل الأميركية دليلاً جديداً على استمرار عناد التضخم، وتزايد احتمالات تأجيل البنك الفيدرالي بدء دورة خفض أسعار الفائدة، التي ستكون الأولى منذ عام الجائحة.

واليوم الخميس، أظهرت بيانات وزارة العمل ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين (الجملة) أقل من التوقعات في شهر مارس، الأمر الذي زاد من ضبابية المشهد في الاقتصاد الأكبر في العالم، وعقد مهمة البنك الفيدرالي في ما يخص السياسة النقدية في البلاد خلال الفترة القادمة. وقبل إعلان بيانات أسعار الجملة، أبقى  بنك الاستثمار العملاق غولدمان ساكس على توقعاته بتراجع التضخم في الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة، رغم ظهور دلائل في الأسواق على قيام المستثمرين بتخفيض رهاناتهم على تخفيض أسعار الفائدة قبل النصف الثاني من العام.

وأدت التقارير المتتالية إلى زعزعة ثقة المستثمرين ودفعت أسواق الأسهم والسندات إلى التراجع بعد ارتفاع عائد سندات العشر سنوات المعيارية فوق مستوى 4.55%، للمرة الأولى منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويتوقع المتداولون الآن الخفض الأول لسعر الفائدة من البنك المركزي الأميركي في سبتمبر/أيلول، بعد أشهر من انتظاره قبل انتصاف العام الحالي، وتوقع تخفيف شامل للسياسات التي سادت على مدار أكثر من عامين. ورجح غولدمان ساكس تراجع قراءة مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة إلى 2.4% هذا العام، مقارنة بالمعدل السنوي الحالي البالغ 3.5%.

وقال كريستيان مولر غليسمان، رئيس قسم أبحاث تخصيص الأصول في بنك غولدمان ساكس، لقناة سي إن بي سي، اليوم الخميس: "المشكلة هي أن لديك أجزاء معينة من سلة التضخم في الوقت الحالي تستمر في دفع الأمور للأعلى". وأضاف: "الشهر الماضي، كان الأمر يتعلق بالنقل، فمن الواضح أن أسعار النفط ترتفع حاليًا، وهذا بالتأكيد شيء أقوى قليلاً مما توقعناه في البداية". وأكد أن التأثير التضخمي لارتفاع أسعار النفط سيكون محدودا على الأرجح، لأن البنك يتوقع أن تقوم منظمة البلدان المصدرة للبترول في نهاية المطاف بتوفير الطاقة الفائضة.

واعتبر مولر غليسمان أن عودة تضخم الأجور إلى طبيعته كان أحد الأسباب الأساسية وراء توقع غولدمان ساكس انخفاض التضخم في الولايات المتحدة. وفي ما يتعلق بهذه النقطة، أقر غليسمان بأن هناك "المزيد من علامات الاستفهام" بالنسبة للولايات المتحدة مقارنة بأوروبا، عندما يتعلق الأمر بتطبيع الأجور. وأضاف: "لكننا ما زلنا نقول إن الكثير من المؤشرات المرتفعة لفرص العمل، على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، آخذ في الانخفاض. لذلك، لا يزال سوق العمل تتباطأ، ونأمل أن يسمح ذلك لتضخم الأجور بالتراجع قليلاً".

والشهر الماضي، أبقى البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة من دون تغيير للمرة الخامسة على التوالي كما كانت التوقعات، وأبقى سعر الفائدة الأساسي على الاقتراض لليلة واحدة في نطاق يتراوح بين 5.25% و5.5%. وفي ذلك الوقت، قال البنك إنه لا يزال يتوقع تخفيضات بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية بحلول نهاية العام. وأثار تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر مارس/آذار المخاوف من ثبات التضخم عند مستواه المرتفع (نسبياً)، ليعيد إلى الأذهان اللهجة الحذرة لبعض صناع السياسة في بنك الاحتياط الفيدرالي، التي سمعناها قبل عدة أسابيع.

وفي حديثه أواخر الشهر الماضي، قال محافظ بنك الاحتياط الفيدرالي كريستوفر والر إنه "ليست هناك ضرورة للاندفاع" لخفض سعر الفائدة للبنك المركزي الأميركي لتطبيع السياسة. وبشكل منفصل، قال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيتش، قبل أسبوعين، إنه يتوقع الآن خفضًا واحدًا فقط لسعر الفائدة بمقدار ربع نقطة هذا العام، مقارنة بالتخفيضين اللذين توقعهما سابقًا. وقال: "لقد تحولنا من التفاؤل المعتدل في الربع الرابع إلى مغازلة الانكماش منذ بداية العام، وأعتقد أن الأمر جيد جدًا حتى الآن".

وقال مولر غليسمان: "أعتقد أن الأسواق تعاملت بشكل مقبول في ظل التحول عن انخفاض التضخم وتوقع الكثير من تخفيضات أسعار الفائدة، بعد ثبات التضخم، وتأجيل تخفيضات أسعار الفائدة". وعن السبب الرئيسي وراء حدوث ذلك، رأى أن "من الواضح أنه كان النمو القوي للاقتصاد". وأضاف: "كان النمو جيدًا بالفعل بشكل ملحوظ. أنا أتحدث عن قطاع الشركات، خاصة في الولايات المتحدة حيث كانت الأرباح جيدة، وأيضًا عن قطاع التصنيع، الذي بدأ في التعافي، وإنفاق المستهلكين. من المهم حقًا أن يستمر النمو في قوته".

المساهمون