معارضة تركية شديدة لتحويل مطار أتاتورك إلى حديقة عامة

معارضة تركية شديدة لتحويل مطار أتاتورك إلى حديقة عامة

20 مايو 2022
أشغال لإنشاء مستشفى قرب مطار أتاتورك (Getty)
+ الخط -

اشتعلت المناكفات بين الحكومة والمعارضة في تركيا جراء كشف الحكومة عن بدء العمل في مشروع إنشاء حديقة شعبية في مطار أتاتورك الدولي، وهو ما ردت عليه المعارضة برفضها وإعلانها مقاومة إنجاز هذا المشروع.

وعلى الرغم من أن الخطة الحكومية قديمة، والجديد فيها الإعلان عن بدء الأعمال، فإن المعارضة أبدت رد فعل كبير، لدرجة أن زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كلجدار أوغلو، نشر تغريدة على تويتر للمرة الأولى باللغة العربية، مهدداً المستثمرين الذين يتعاملون مع الحكومة من تبعات مستقبلية.

التغريدة أثارت ردود فعل حكومية وشعبية، وطاولت انتقادات كبيرة زعيم الحزب الأتاتوركي، على اعتباره استخدام لغة أخرى غير التركية، في الوقت الذي تتصاعد فيه المناقشات حول اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين في البلاد.

مشروع الحديقة الوطنية في مطار أتاتورك، وفق ما أعلن وزير البيئة والعمران والتغيير المناخي مراد كوروم، الثلاثاء، يتضمن وفق ما قاله أن المطار "أنشئ في عام 1953 على مساحة 8.5 ملايين متر مربع كمساحة إجمالية، ولكن في الوقت الحالي تعيش المدينة ازدحاماً وتلوثاً".

خلافات حول المشروع

وأضاف كوروم أن "المشروع طرح من قبل الرئيس أردوغان ضمن رؤيته لرفع استيعاب القدرة الجوية بإنشاء مطار جديد وتقديم خدمات أفضل، وعندها أعلن أن مهبطاً سيبقى يعمل بالمطار للحالات الطارئة، وهناك مستشفى للحالات الطارئة، وسيتم تحويل 5 ملايين متر مربع إلى مساحة خضراء مفتوحة لعامة الشعب".

وأكمل أن "انتقال الحركة الجوية من مطار أتاتورك إلى مطار إسطنبول الجديد قلل من الازدحام بنسبة 30-4% في المنطقة، وقلل من انبعاث الغازات الكربونية من مليون طن إلى 74 ألفاً، أي أقل من 10%، والمعارضة السياسية للمشروع ليست مسألة بيئة وطبيعة، بل هي معارضة مشاريع الحكومة".

وكشف عن أن كلجدار أوغلو سبق أن أعلن قبل أعوام عن "نيته إنشاء مركز ثقافي ومشروع طبيعي في المطار، ولكنه اليوم يعارض الأمر، نرى هنا أنهم يستثمرون اسم مطار أتاتورك، بينما الحكومة تعمل على حفظ جميع الأمانات التي تركها (مؤسس الجمهورية مصطفى كمال) أتاتورك، وينتظر أن يزور الحديقة مليون شخص يومياً عند إتمام المشروع الذي يتضمن متاحف وصالات رياضية، ومركز تجمع في حال حصول آفات كالزلازل، وسيتم إتمام العمل العام المقبل مع الذكرى المئوية لتأسيس الدولة التركية".

كلجدار أوغلو قبل 4 سنوات في برنامج تلفزيوني قال إن حزبه "عمل على مشروع لإنشاء مركز ثقافي وتحويل المنطقة إلى مساحة خضراء بالتفاصيل كافة، واتهم الحكومة التركية بسرقة المشروع منهم".

ومع الإعلان عن بدء الأعمال، قال كلجدار أوغلو، في كلمة أمام كتلة حزبه النيابية الثلاثاء: "يقال بأني طرحت إنشاء الحديقة وتقليل المهابط في مطار أتاتورك، أقول للمتعهدين والمقاولين في المشروع اسحبوا آلاتكم ولا تلمسوا مهبط المطار، وأقول أيضاً كما في مشروع قناة إسطنبول المائية، لن نسمح لهم بمواصلة الأعمال".

وفي تغريدته بالعربية قال: "لا يمكن بيع أي شيء عن طريق سرقة أموال الشعب، إذا كانت هنالك جريمة ارتكبت بحق أموال الدولة فلن نغض النظر عن أي شخص من مرتكبيها حتى لو كنتم أنتم، إذا فكرتم بالمجيء فأعلموا هذا الأمر جيداً".

تغريدات ومواقف كلجدار أوغلو حركت وسائل التواصل الاجتماعي بالتذكير بتصريحاته السابقة من جهة، والحديث عن سبب استخدامه للغة العربية وهدفه من ذلك، خاصة أن الحزب أبدى مؤخراً مواقف ضد استقبال اللاجئين الأجانب، وخاصة السوريين، ويتحدث عن تغيرات ديمغرافية.

مبررات المعارضة

ويتلخّص اعتراض المعارضة، بحسب متابعين، بمحاولة الحكومة طمس ملامح أتاتورك في المدينة، خاصة أن المطار الجديد الذي افتتح قبل أعوام حمل اسم مطار إسطنبول وليس مطار أتاتورك، وهو ما دفع لطرح الحل بأن تكون الحديقة باسم حديقة أتاتورك.

وزير التقانة والصناعة التركي مصطفى وارانك ردّ على تغريدة كلجدار أوغلو التي أطلقها بالعربية بقوله خلال لقاء صناعي: "في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتحويل تركيا إلى مركز جذب اقتصادي، إلا أن المسائل السياسية تؤثر على هذا الأمر، كما يحصل في مطار أتاتورك والمناقشات حوله".

وأضاف "هناك تعصّب فيما يتعلق بالاستثمارات، فأكثر دولة تستثمر في تركيا هي هولندا، وتليها ألمانيا، ولا يتم الحديث عنها أو إطلاق تغريدات بالهولندية أو الألمانية، ولكن نرى عندما يتعلق الأمر باستثمارات من الشرق الأوسط من السعودية والإمارات وقطر يتساءلون عن سبب ذلك، الحكومة لا تفرق بين المستثمرين ودولهم".

ومن الواضح أن سبب المعارضة للمشروع هو سياسي، رغم أن أحداث تظاهرات غزي بارك في تقسيم في عام 2013 كانت تتعلّق بنزع ونقل أشجار حديقة غزي بارك في المنطقة بسبب توسيع ساحة تقسيم، ورغم أن المعارضة توجه انتقاداتها للحكومة بالسماح بالتوسع العمراني بشكل كبير، وفتح مساحات كثيرة للبناء في مختلف الولايات.

موقع مطار أتاتورك مركزي بالنسبة لمدينة إسطنبول وحيوي، ويقع إلى جانب مدينة المعارض ومركز التجارة العالمي، بالقرب من ساحل فلوريا وبمنتصف الجزء الأوروبي من مدينة إسطنبول.

المساحة الكبيرة فضّلت الحكومة تحويلها إلى مساحة خضراء أسوة بما تمتلك مدينة نيويورك من حديقة "سنترال بارك"، بأن يكون لإسطنبول متنفس كبير في منطقة مركزية، خاصة أن المنطقة لا تحتمل مزيداً من الأبنية والازدحامات المرورية، كون المطار يقع في طرفه الشمالي على الطريق E5 الحيوي الذي يربط شطري المدينة بجسر شهداء 15 تموز/ يوليو على البوسفور، ومن الجهة الجنوبية يقع المطار على الطريق الساحلي، حيث تشهد هذه الطرقات ازدحامات بالأحوال العادية، ومع أي مشاريع عمرانية بالمنطقة فإنها ستزيد من الاختناقات المرورية.

وتشير الأرقام في المكاتب العقارية إلى ارتفاع أسعار قيمة الأراضي في المنطقة بشكل عام، ما يعني أن أرضية المطار تعتبر ذات قيمة عالية، حيث يبلغ سعر المتر المربع الواحد بمنطقة يشيل كوي المجاورة قرابة 75 ألف ليرة تركية، (1 دولار يساوي 15.9 ليرة).

ومن الواضح أن هذه المسألة ستتعمّق أكثر كون تركيا دخلت في مرحلة السباق الانتخابي، إذ تشهد البلاد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد عام من الآن، في ظل احتدام سياسي كبير بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحلفائه، وبين تحالف الشعب المعارض الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد.

المساهمون