مصر: الهجوم القاتل على وفد إسرائيلي يهدّد بإلغاء حجوزات الفنادق

صدمة سياحية في مصر: الهجوم القاتل على وفد إسرائيلي يهدّد بإلغاء حجوزات الفنادق

09 أكتوبر 2023
الحكومة كانت تستهدف استقبال 15 مليون سائح خلال العام الجاري (Getty)
+ الخط -

أحدث مقتل سائحين إسرائيليين ومرشد سياحي في مصر، على يد شرطي مكلف بحماية الأفواج السياحية، بأهم مزار سياحي وسط مدينة الإسكندرية العاصمة الاقتصادية للبلاد (شمال)، صدمة لدى شركات السياحة والطيران والفنادق في البلاد.

جاءت الضربة الأمنية للفوج السياحي، من حيث لا يحتسب المسؤولون الأمنيون في مصر، ضد وفد سياحي، يضم عشرات الإسرائيليين الذين قدموا إلى الإسكندرية لزيارة المعبد اليهودي وبعض المزارات الرومانية وشواطئ المدينة، احتفاء بأعيادهم اليهودية.

فاجأ الحارس المكلف بحماية الفوج، بمنطقة عمود السواري الذي تتخذه المدينة رمزاً سياحياً لها، بإطلاق النار على الفوج، فأسقط ثلاثة قتلى (سائحان إسرائيليان ومرشد سياحي) وأصاب رابعاً بطلقات الرصاص، نقل إلى المستشفى بين الحياة والموت.

أطلقت السفارة الأميركية بالقاهرة تحذيرات لرعاياها بتوخي الحذر في زيارة المناطق السياحية بمصر، ما يعتبره خبراء بداية تراجع حاد جديد لموسم سياحي ظل يعاني منذ 10 سنوات تدهوراً خطيراً في أعداد السائحين، وندرة بالدخل دفعت ملايين المصريين إلى طابور العاطلين.

وقع الحادث قبيل ظهر أمس، حيث تظهر لقطات فيديو صورها مرافقون للوفد السياحي الإسرائيلي سقوط 3 أفراد على الأرض مضرجين بدمائهم، وسيدة خمسينية تهرول تجاه أحدهم في محاولة لإنقاذه، داخل حرم المزار السياحي، وسط ذهول رجال الأمن.

قال مصدر أمني في بيان مقتضب إن أحد أفراد الشرطة المعنيين بخدمة تأمين منطقة "المنشية" بالإسكندرية، أطلق أعيرة نارية من سلاحه الشخصي بشكل عشوائي أثناء وجود أحد الأفواج السياحية الإسرائيلية، بمزار "عمود السواري" في مكان أثري يعود للعصر الروماني، على بعد أمتار من محطة السكك الحديدية، و200 متر من مقر المعبد اليهودي وسط المدينة، ونحو 700 متر من محطة نقل الركاب الدولية بميناء الإسكندرية.

تسبب الحادث في صدمة بين العاملين بقطاع السياحة، الذين عبروا عن مخاوفهم من انهيار الموسم السياحي، الذي بدا مبشراً ومزدهراً مع بداية الموسم الشتوي، مع وجود حجوزات مؤكدة في الفنادق تتعدى 80% بأغلب المناطق السياحية، وتصل إلى 90% بفنادق البحر الأحمر وشرم الشيخ والغردقة و100% بالرحلات الفاخرة في الفنادق العائمة بين الأقصر وأسوان.

يبدي مسؤولو شركات السياحة والفنادق خشيتهم من أن يؤدي الحادث إلى إلغاء الحجوزات القائمة، وسط توقعات بتحذيرات من دول أخرى من زيارة مصر، وتدهور في معدلات الحركة السياحية لمصر خلال المرحلة المقبلة، خشية تكراره في ظل توتر الأجواء الأمنية بالمنطقة، خاصة أن القائم بهذا العمل ينتمي إلى قطاع الشرطة التي يفترض بها أن تحمي السائحين، ويخضع كافة العاملين بها كافة، ولا سيما المرافقين للأفواج السياحية، لتدقيق أمني مستمر.

كانت وكالات السفر المصرية الكبرى قد تلقت آلاف الاستفسارات عن الوضع الأمني في مصر عقب ساعات من وقوع عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة، فأخطرت الشركات المصرية عملاءها بأن الوضع داخل البلاد آمن، والعمل يسير كالمعتاد، ولن يؤثر على طبيعة رحلاتهم، وأن الحكومة المصرية تعمل بنشاط مع الأطراف المعنية، لضمان وقف سريع لإطلاق النار.

وأكد وكلاء السفر في برقيات عاجلة حصلت "العربي الجديد" على نسخ منها أن النقاط المحورية في مسارات الرحلات على مسافة كبيرة من قطاع غزة، مع حرص الشركات والأجهزة الأمنية على اليقظة المستمرة لضمان سلامة السائحين ورضا العملاء.

تولت لجنة فنية من الغرف السياحية والفندقية متابعة تطورات الحادث، ورصد الحجوزات الملغاة من الأسواق الدولية، ووضع خطة عاجلة تساعد الحكومة في إنقاذ الموسم السياحي من التدهور خلال الأشهر المقبلة.

استهدفت الحكومة المصرية استقبال 15 مليون سائح خلال العام الجاري، مقابل 11.7 مليون استقبلتهم عام 2022، بنسبة نمو 28%، رغبة في زيادة العوائد من نشاط اقتصادي يمثل مصدراً رئيسياً للدخل القومي من العملات الصعبة، مع تحويلات المصريين في الخارج، وقناة السويس والمنتجات الصناعية والزراعية.

تواجه الحكومة شحاً شديداً في العملة الصعبة دفعها إلى التعويل على قطاع السياحة في تقليص العجز الهائل، الذي تعانيه، لحين الحصول على قروض دولية عاجلة، تمكنها من الوفاء بسداد مستحقات الدائنين، وشراء السلع الضرورية من الخارج.

تشهد السياحة الإسرائيلية رفضاً شعبياً، بينما تلقى ترحيباً رسمياً وداعماً من القطاعات الصناعية والخدمية المرتبطة بأنشطتها، وتمثل 72 صناعة ومهنة مختلفة.

ووقع أكبر انفجار موجه ضد الإسرائيليين في فندق هيلتون طابا عام 2004، أسفر عن 30 قتيلاً، وعشرات المصابين من الإسرائيليين، بالتوازي مع انفجار آخر أدى إلى مقتل اثنين في مدينة نويبع الواقعة على مسافة 60 كيلومتراً من التفجير الأول، وقد أعلنت كتائب "عبد الله عزام" مسؤوليتها عن الحادث.

ووقعت أحداث متفرقة على مدار السنوات الماضية، شهدت مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 5 آخرين، نفذتها عناصر تنتمي إلى "داعش"، بالإضافة إلى العملية التي قام بها مؤخراً المجند المصري محمد صلاح، داخل الأراضي المحتلة.

يسافر الإسرائيليون إلى المناطق الواقعة بين طابا وشرم الشيخ بدون تأشيرة، حيث اعتاد أكثر من مليون إسرائيلي دخول المنطقة سنوياً، خلال العقدين الأخيرين من حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وقد انخفضت في الفترة من 2011 إلى 2016، لتعود بالتدريج إلى مستوياتها القديمة بعد ذلك، إذ دخل 1.5 مليون إسرائيلي إلى جنوب سيناء براً عن طريق معبر طابا عام 2019. تراجعت الأرقام عام 2021، إلى نحو 335 ألف سائح، متأثرة بالقيود الصحية، مع انتشار وباء كوفيد 19.

وبلغ عدد السائحين الذين دخلوا سيناء عام 2022، عبر معبر طابا البري، نحو 566 ألف سائح إسرائيلي، بالإضافة إلى 169 ألفاً اتجهوا إلى مصر بالطائرات، منهم 124 ألفاً إلى مطار شرم الشيخ و45 ألفاً إلى مطار القاهرة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية.

تشهد السياحة الإسرائيلية رفضاً شعبياً، بينما تلقى ترحيباً رسمياً وداعماً من القطاعات الصناعية والخدمية المرتبطة بأنشطتها


يفضل أغلب الإسرائيليين زيارة سيناء، نهاية الأسبوع، لمرجعية دينية، لزيارة جبل موسى، حيث نزلت ألواح التوراة، والمشاركة في احتفالات مولد "أبو حصيرة" بمحافظة البحيرة (شمال) ومعبدي مجمع الأديان بمصر القديمة ومعبد عدلي بوسط العاصمة القاهرة.

يمارس إسرائيليون القمار والمراهنات المحظورة داخل الأراضي المحتلة لأسباب دينية، في فنادق شرم الشيخ وطابا (شمال شرق)، بعد سماح السلطات المصرية بإنشاء أندية لممارسة القمار في الفنادق فئة 5 نجوم بالمنطقة، منذ عام 2003.

يقيم أغلب السائحين في فنادق 3 نجوم بشرم الشيخ، ونزل رخيصة من الخوص بين دهب وطابا ونويبع، لممارسة الغوص والتزلج على المياه.

اعتاد تلاميذ المدارس الثانوية والشباب الإسرائيلي التوجه إلى سيناء رغم التحذيرات الأمنية، للمشاركة في حفلات غنائية صاخبة، والرياضات البحرية وكرة المضرب، دون مخاوف من أحداث إرهابية، في ظل وجود تأمين أمني مكثف على مناطق شاطئية ممتدة نحو 300 كيلومتر، مغطاة بحواجز عسكرية وشرطة محلية ودولية، وكاميرات أمنية، وتعاون قبائل محلية، مع الأجهزة المختلفة لحماية الزوار من أجل استمرار تدفق الحركة السياحية بالمنطقة.

المساهمون