ما مصير ترميم مطار الموصل الدولي بعد إعلان تجاوز العراقيل؟

ما مصير ترميم مطار الموصل العراقي بعد إعلان نينوى تجاوز العراقيل؟

16 فبراير 2024
من أشغال البنية التحتية الحاصلة في حرم مطار الموصل اليوم الجمعة (زين العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

صحيح أن المسؤولين في نينوى قد أعلنوا إزالة العراقيل من أمام ترميم مطار الموصل الدولي Mosul International Airport، لكن ما مصير هذه العملية الآن؟ وهل أن العقبات كافةً قد انجلت فعلاً؟

يوم السبت الماضي، أعلن محافظ نينوى عبد القادر الدخيل في مؤتمر صحافي أن "مطار الموصل شهد تأخراً في التنفيذ بسبب مشاكل فنية وإدارية وقانونية، وجرى حلها تباعاً"، مؤكداً أن المطار "شهد في الأيام الأخيرة انطلاقة حقيقية في البناء، حيث إن العمل يسير في جميع المرافق والمنشآت الخاصة بالمطار كالسياج الخارجي وبرج المراقبة والقاعات الداخلية وصالة الانتظار والمدرج"، ولفت إلى أن الحكومة المحلية عازمة على إنهاء العمل بالمطار خلال العام الحالي 2024.

وحول تمويل المشروع، ذكر الدخيل أن "العمل لا تعترضه أي مشاكل من ناحية التمويل"، مبيناً أن "الحكومة المحلية السابقة يُحسب لها أنها أدرجت المشروع للإعمار من ميزانية المحافظة وليس من موازنة وزارة النقل والحكومة المركزية".

وقد أحيل مشروع إعمار الموصل بمبلغ 280 مليار دينار (نحو 200 مليون دولار)، ضمن مبالغ محافظة نينوى من الأرصدة المجمدة (حصة المحافظة من موازنات تنمية الأقاليم خلال سنوات سيطرة داعش عليها).

لكن بماذا يعلّق الخبراء على هذا الإعلان؟ وكيف ينظرون إلى إعادة بناء مطار الموصل؟

حول هذه النقطة، يقول الناشط والمراقب للشأن الموصلي سعد الوزّان لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة المحلية السابقة في نينوى أعطت 5 وعود في أزمنة مختلفة لإكمال العمل في المشروع وتبين لاحقاً أنها لم تكن صادقة في تلك الوعود.

وأشار إلى أن "الحكومة الحالية في نينوى وعدت بإنجاز المطار خلال العام 2024، مضيفاً أن "الإدارة السابقة تتحمل مسؤولية التلكؤ في التنفيذ بسبب عدم توقيعها العقد الخاص بالشركة الاستشارية، تزامناً مع إحالة المشروع للشركات المنفذة".

وقال إنها "تعاقدت مع شركة استشارية بعد 6 أشهر من التنفيذ، لكن تبين أنها شركة لا تمتلك صلاحية منح التراخيص والمصادقة على المخططات، ما جعل الإدارة الحالية تتحمل مسؤولية معالجة الأخطاء السابقة وبالتالي مرور المشروع بحالة من التأخر والتلكؤ".

وحذر من أن الشعور السائد في الموصل عن مشروع المطار يتسم بعدم الرضى، بسبب التأخير الحاصل في التنفيذ، فضلاً عن تأخير إحالة المشروع رغم مرور 6 سنوات على استعادة الموصل، موضحاً أن تأخر العمل في المشروع يترك أثراً سلبياً على مجمل الأوضاع الاقتصادية وملف الاستثمار في المحافظة.

إعادة بناء مطار الموصل تدعم الاقتصاد والاستثمار

ويعتبر الوزان أن "المطار يُعد شرياناً حيوياً للموصل يربطها بالعالم الخارجي بعد قطيعة لسنوات"، مبينا أن عودة المطار تجعل للموصل نافذة على العالم، وبالتالي ستدفع نحو تعزيز الحياة الاقتصادية والتجارية من جهة، وستعزز فرص الاستثمار التي تتطلب بشكل كبير وجود المطار، كما أنها ستعزز من الحركة السياحية التي بدأت تشهدها المدينة في الآونة الأخيرة.

من جهته، يؤكد الناشط السياسي منهل الغريري أن إعمار مطار الموصل وإعادة افتتاحه سيكونان ضروريين في المرحلة المقبلة بالتزامن مع مشروع طريق التنمية الذي يمر من العراق وتركيا.

وقال الغريري لـ"العربي الجديد" إن "خلو الموصل من منشأة المطار وهي ثاني أكبر مدينة عراقية بعد العاصمة بغداد من شأنه أن يحرم المدينة من فرص اقتصادية واستثمارية كبيرة"، مؤكداً أن العديد من الشركات الاستثمارية التي ترغب بالعمل في الموصل تضطر للنزول في أربيل أولاً بسبب عدم وجود مطار في محافظة نينوى".

كما أوضح أن الموقع الجغرافي لنينوى كونها حلقة وصل دولية يجعل من إعادة إعمار المطار ضرورة ملحة، مبيناً أن مطار الموصل يعد أول المطارات التي أُنشئت في العراق والمنطقة، ووجوده القديم يؤكد أن المدينة كانت ولا تزال تمثل حلقة وصل دولية.

ضغط فرنسي لإبعاد الشركات التركية عن مشروع مطار الموصل

وانتهى إلى القول إن الأهمية الاقتصادية التي يعكسها المطار على الموصل كانت العامل الأبرز في وضع العراقيل أمام تنفيذه وإعماره من قبل جهات متنفذة خلال الفترة السابقة، مشيراً إلى أن تأخر العمل في مشروع المطار يرجع أيضاً إلى تدخل فرنسا ومحاولتها إبعاد الشركات التركية عن المنافسة في استثمار مشروع المطار وممارسة باريس بعض الضغوط على العراق من أجل ذلك.

وقد تعرض مطار الموصل إلى تدمير شبه كامل جراء سيطرة تنظيم داعش على المدينة (2014 – 2017) وما أعقبها من العمليات العسكرية لاستعادتها، حيث توقف العمل في المطار منذ حزيران 2014، ولم يستأنف العمل فيه لغاية اليوم.

وشهدت إحالة مشروع المطار إلى الإعمار ولادة عسيرة. فعلى الرغم من الدعوات المتكررة لإعادة تأهيله وتشغيله بعد الانتهاء من العمليات العسكرية في يوليو/تموز 2017، إلا أن إحالة مشروع المطار إلى الإعمار لم تتم إلا في أغسطس/آب 2022، إذ تعاقدت محافظة نينوى مع شركتين تركيتين هما "77" و"TAV" المتخصصتين في مجال الإنشاءات، وبعدها وضع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي حجر الأساس للمشروع.

وبحسب بيان سابق لديوان محافظة نينوى، فقد كان من المفترض أن تبدأ الرحلات الجوية من مطار الموصل وإليه بنهاية 2023، لكن مشاكل فنية وإدارية وقانونية حالت دون ذلك وتسببت بتلكؤ العمل في المشروع.

ومنذ نحو 10 سنوات، يضطر سكان محافظة نينوى الذين يقدر عددهم بنحو 5 ملايين نسمة إلى السفر للخارج من مطارات مدن عراقية أخرى أقربها أربيل في إقليم كردستان، وذلك يعني المزيد من الوقت والتكاليف المالية.

وترفض السلطات المحلية في نينوى الإعلان عن موعد زمني محدد لإكمال العمل في مطار الموصل، حيث سبق وأن أعطت الإدارة السابقة وعودا وتوقيتات بشأن البدء بتشغيل المطار واستقبال الرحلات الجوية نهاية العام 2023 أو مطلع العام 2024، غير أن تلك الوعود لم تر النور.

لكن الشركة التركية المنفذة للمشروع "TAV" أكدت في وقت سابق أن نهاية العام 2024 سيكون موعداً لاكتمال أعمال إعادة البناء في المطار، وافتتاحه أمام الرحلات المدنية من حول العالم.

ورغم التلكؤ في تنفيذ المشروع، إلا أن المطار استخدم كدعاية انتخابية للقوى السياسية المتنافسة في الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ حاولت أحزاب وكتل سياسية نسب المشروع لها، وقدمته على أنه أحد إنجازاتها، وهو ما قابله الشارع بالرفض على اعتبار أن وجود المطار في المدينة هو حق تأخرت الحكومة في تنفيذه وليس منة من الجهات الحزبية.

المساهمون