ليبيا: مخاوف من تداعيات "الميزانية الباهظة"

ليبيا: مخاوف من تداعيات "الميزانية الباهظة"

24 مارس 2021
توقعات بارتفاع التضخم في حالة إقرار ميزانية ضخمة (فرانس برس)
+ الخط -

أثارت تسريبات وسائل إعلام ليبية حول حجم الميزانية المقترحة من قبل حكومة الوحدة الوطنية، جدلا واسعا في الأوساط الليبية، وسط تباين في الآراء حولها.
وتحدد تلك التسريبات حجم الميزانية، بـ 96 مليار دينار ليبي (الدولار = 4.5 دنانير)، منها 33 مليار دينار للمرتبات، و11 مليارا للنفقات العامة، و22 مليارا للتنمية، و5 مليارات لحالات الطوارئ، وأكثر من 23 مليارا لبند الدعم الخاص بالأدوية والأغذية والمحروقات.
وفيما لم يحدد رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب، عمر تنتوش، حجم الميزانية، يؤكد أن المشاورات بين أعضاء اللجنة المالية لا تزال مستمرة حتى الآن.
وقال تنتوش في حديث لــ "العربي الجديد" إن المشاورات الجارية حول مقترح الميزانية تهدف لدراستها قبل إحالتها لمجلس النواب لاعتمادها أو إعادتها للحكومة لإجراء تعديلات عليها.
وأشار تنتوش إلى أن المشاورات الحالية تتخللها اتصالات بالجهات المعنية بالميزانية المقترحة لهم لمعرفة أسباب طرح هذه الأرقام خصوصا وأنها أول ميزانية موحدة للبلاد منذ سنوات، مشددا على حرص لجنته على أن تتناسب الميزانية مع أهداف الحكومة خلال الفترة المقبلة لتلبية عدة استحقاقات والإصلاحات اللازمة للاقتصاد ومعيشة المواطن.
لكن عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، يرى، خلال تغريدة على تويتر، أن الإصلاحات التي تسعى لها الحكومة كتوحيد المؤسسات والإعداد للانتخابات وتحسين الوضع المعيشي للمواطن "لا تحتاج إلى ميزانية باهظة"، مطالبا الحكومة بـ"مواجهة الفساد".
وهو مطلب ملح، وفق أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية، عبد السلام زيدان، مشيرا إلى أن مطلب مواجهة الفساد يتوجب قبله الاطلاع على الأسس والضوابط التي بنت الحكومة عليها مقترحها للميزانية.

ويبدو أول التحديات أمام مقترح الميزانية، بحسب زيدان، في جانب قدرة الدولة على توفير الإيرادات. وقال: "لا نعرف هل وضعت الحكومة في الحسبان حجم إيرادات البلاد أساسا لمقترحها".
ولمواجهة هذا التحدي يؤكد زيدان أن الحكومة من المفترض أن تتبنى مشاريع لتنمية الإيرادات وفقا لحساسية الظروف التي تمر بها البلاد وتركة الأزمات المتراكمة تزامنا مع ضوابط احترازية تمنع تسرب منظومة الفساد المتوغلة في مؤسسات الدولة مجددا.
وبمزيد من التوضيح يشير زيدان إلى أن اعتماد مقترح الحكومة المعتمد على موارد النفط قد يواجه صعوبات رفع التجميد الذي فرضته المؤسسة الوطنية للنفط على حساباتها.
وقال: "حتى الآن لم يتدفق أي شيء للبنك المركزي الذي يجب عليه انتظار قرارات دولية بشأن عودة تدفق الإيرادات من حسابات المؤسسة الوطنية للنفط المجمدة وحتى بعد رفع التجميد، فأغلب الإيرادات ستذهب لتغطية مصاريف تشغيل الحقول النفطية وسداد ديونها المستحقة للشركات الأجنبية العامة في ليبيا".
وفي مواجهة هذا التحدي تبدو الاستحقاقات كبيرة أمام الحكومة لمواجهة ملفات شائكة تعهدت بحلحلتها مثل أزمة الكهرباء وإعادة تأهيل القطاعات المتصلة بحياة المواطن كالصحة والمواد الأساسية ولقاحات كورونا وتأجيل القطاع الأمني.

في مواجهة تحدي الميزانية تبدو الاستحقاقات كبيرة أمام الحكومة لحل ملفات شائكة تعهدت بحلحلتها مثل أزمة الكهرباء


لكنه في ذات الوقت يرى أن توسيع الحكومة لتشكيلتها الوزارية كان من بين أهدافها فصل عدد من القطاعات والمؤسسات بهدف عدم تضارب المهام والصلاحيات وبالتالي توزيع الميزانية وفق بنودها بشكل ييسر توجيهها ومراقبتها.
لكن زيدان في ذات الوقت يعبر عن مخاوفه من ارتفاع مستوى التضخم وخروجه عن السيطرة في حال إقرار الميزانية بهذا الحجم، وفق التسريبات، ما يتسبب في زيادة ارتفاع الأسعار المواد الأساسية حتى في حال صدور إجراءات لمعالجة المسألة كزيادة المرتبات أو صرف علاوة مصاحبة للمرتبات.

المساهمون