لهذا السبب صناعة السيارات الكهربائية في خطر

صناعة السيارات الكهربائية في خطر

15 اغسطس 2022
إقبال كبير على سيارات تيسلا في الصين (Getty)
+ الخط -

وسط احتجاجات عارمة في تشيلي انتهت إلى إلغاء عقد صيني كبير لتعدين خامات الليثيوم، المعدن الرئيسي لصناعة البطاريات، تواجه صناعة السيارات الكهربائية أزمة اختناق في الإمدادات خلال السنوات المقبلة. وأدت هذه الاختناقات إلى ارتفاع جنوني في أسعار المعدن وفي أسهم شركات البطاريات وشركات التعدين، خلال الأعوام الأخيرة. وبلغ سعر الليثيوم في يوليو/تموز الماضي 750 ألف دولار للطن، حسب بيانات بورصة لندن للمعادن. بينما بلغ السعر في الصين 700.9 ألف دولار في يونيو/حزيران للطن.

من جانبها، قالت شركة بينشمارك مينيرال إنتيليجينس الأميركية إن أسعار الليثيوم ارتفعت في عام واحد بنسبة 240%، وبالتالي حقق المستثمرون أكبر أرباح في تاريخ المعادن من الليثيوم، الذي كانت استخداماته قليلة قبل التوسع الهائل الذي شهدته ثورة السيارات الكهربائية. وليس لدى الليثيوم عقود مستقبلية في أسواق المعادن الدولية مثل المعادن الأخرى، بسبب حجم تجارته المحدودة قبل ثورة صناعة السيارات. وتعد الصين واليابان وكوريا الجنوبية أكبر الدول المستهلكة لمعدن الليثيوم، لأنها الدول الرئيسية في صناعة السيارات التي تحتاج إلى البطاريات الكهربائية.
وترى وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الأميركية أن ارتفاع عدد السيارات الكهربائية هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الليثيوم. كما أن ارتفاع أسعار النفط ومشتقات الوقود وبرامج دعم مكافحة التلوث البيئي، ساهمت في إسراع الحكومات في تبنّي صناعة السيارات الكهربائية ودعم مشترياتها، ما فاقم الأسعار، مقارنة بالارتفاع الذي حدث في أسعار المعادن الرئيسية في الصناعة. وارتفعت أسعار الليثيوم بمعدلات جنونية في الأعوام الأخيرة، ومنذ عام 2021 بلغت نسبة الارتفاع 750%، حسب بيانات "وول ستريت جورنال".
وتُعد تشيلي الدولة العظمى عالمياً في احتياطات الليثيوم، إذ تملك البلاد نحو 55% من إجمالي الاحتياطات العالمية من هذا المعدن، الذي بات من أهم الأدوات في استراتيجيات الحكومات الدولية لخفض التلوث البيئي عبر إنتاج السيارات الكهربائية. وباتت أهمية معدن الليثيوم في صناعة البطاريات التي تستخدمها السيارات الكهربائية لا تقل عن أهمية النفط في الصناعة. كما ينظر بعض السياسيين في تشيلي ودول أميركا الجنوبية إلى الليثيوم كمعدن استراتيجي ويجب التريث في استخدامات احتياطاته، إذ يدخل الليثيوم في تصنيع القنابل الذرية.

وكانت شركة "بي واي إي"، عملاق صناعة السيارات الكهربائية في الصين، كسبت عقداً من الحكومة التشيلية لتعدين خام الليثيوم، لكنّ العقد ألغته المحكمة العليا في تشيلي في أعقاب احتجاجات شعبية في البلاد ضد العقد. وقال قادة الاحتجاجات إنّ العقد يهدد بتلوث المياه في المنطقة، وبالتالي ربما تكون له تداعيات صحية كارثية على السكان. وألغت المحكمة العليا في تشيلي العقد، بحجة أنّ الحكومة لم تتشاور مع المواطنين قبل منح العقد للشركة الصينية. وفي ذات الصدد، يشهد "مثلث الليثيوم" الحدودي بين تشيلي وبوليفيا والأرجنتين الغني بالمعدن احتجاجات مماثلة ضد تعدينه.
وحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، فإن عدد السيارات الكهربائية تضاعف منذ بداية العام الماضي 2021 وحتى الآن إلى 6.6 ملايين سيارة، كما تضاعف عدد السيارات المباعة بين عام 2018 والعام الماضي ثلاث مرات، إلى 16.5 مليون سيارة في عام 2021.
على صعيد الطلب العالمي على الليثيوم، توقعت الحكومة الأسترالية، في مارس/آذار الماضي، ارتفاع الطلب على هذه المادة إلى 636 ألف طن في العام الجاري، من 526 ألف طن في عام 2021. ومن المتوقع أن يتضاعف الطلب إلى 1.5 مليون طن بحلول عام 2027.
ومن المتوقع أن يفوق الطلب العالمي على المعدن الإنتاج خلال السنوات المقبلة. ولا يستبعد محللون أن يساهم التوتر بين الصين والولايات المتحدة في مزيد من ارتفاع الأسعار، فالصين تهيمن على سلاسل المعالجات الكيميائية لليثيوم.
هناك كميات كبيرة من خام الليثيوم في العالم، لكنّ شركات صناعة البطاريات الكهربائية تواجه تعقيدات تقنية في تحويل الخام إلى كيميائيات صالحة للتوصيل الكهربائي. وبالتالي، تحتاج هذه الشركات إلى استثمارات ضخمة. في هذا الشأن، قال الرئيس التنفيذي لشركة ليثيوم أميركاس، جون إيفانز، التي تعمل على إنتاج الليثيوم في نيفادا: "هناك هجمة جنونية على الاستثمار في أسهم شركات الليثيوم". وحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإنّ القيمة السوقية لشركة ليثيوم أميركاس، بلغت 4 مليارات دولار قبل أن تبدأ في الإنتاج.

وحدث هذا الارتفاع الجنوني في أسهم الشركة بسبب مخاوف صناعة السيارات الكهربائية من حدوث نقص كبير في خام الليثيوم ومعالجاته الكيميائية، تقود إلى ارتفاع أسعار البطاريات الكهربائية. وتشير بيانات "وول ستريت" إلى أن أسهم الشركات المنتجة لليثيوم وشركات السيارات الكهربائية شهدت ارتفاعات كبيرة، فقد ارتفع مؤشر صناديق الليثيوم والبطاريات الكهربائية بنسبة 40%، كما ارتفعت أسهم الشركات المنتجة لليثيوم بنسبة 70% خلال العام الجاري.

المساهمون