للتنزّه سيراً... إليك 4 مدن أوروبية سياحية عريقة
هل خضت يوماً تجربة التنزه في أعرق المدن الأوروبية وأقدمها؟ والسير في الشوارع العامة، بين المتاجر والمباني من دون التقيّد ببرنامج سياحي، أو زيارة المعالم الشهيرة فقط؟ قد تكون الرحلة إلى أعماق التاريخ الأوروبي هامة ومثيرة، وحتى لافتة جداً، إن قررتم زيارتها سيراً على الأقدام، فقط بهدف التعرف إليها، وإلى تقاليدها وثقافتها.
من برلين إلى أسواق مرسيليا، مروراً بإشبيلية، وفلورنسا. مناطق ومدن، لا تزال تحتفظ بجزء من التراث الأوروبي، أو قد تكون بطريقة أخرى، خزان الذاكرة الأوروبية.
تضمّ هذه المدن مزيجاً من حضارة القارة الأوروبية العصرية، وجزءاً من تاريخها، وما حملته الذاكرة من نزاعات وصراعات بين إيديولوجيات مختلفة، تركت هذا الطابع الاستثنائي.
التنزه بين السكان يرسم لك صورة حقيقية عن طبيعة هذه الشعوب، والانتقال من حيّ إلى ميدان يفتح أمامك آفاق جديدة، فما بالك بالتعرف إلى الهندسة المعمارية التي قد تختلف من شارع إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى؟
مهرجان برلين
لطالما شكلت برلين مدينة جذابة للعديد من السياح، ليس فقط لمعالمها الأثرية أو مكانتها في قلب القارة الأوروبية، ولكن لدورها ومكانتها في التاريخ والثقافة. فهي المدينة العصرية والتقليدية في آن واحد... المدينة التي شهدت وجود معسكرين: غربي وشرقي.
هذا التمازج السياسي والإيديولوجي يجعلها واحدة من أجمل المدن للتنزه. والانتقال من شارع Karl-Marx-Allee ذي الطابع الاشتراكي، إلى Kurfürstendamm، حيث المتاجر الفاخرة والمقاهي والمباني العريقة، ما هو إلا دليل على غنى هذه العاصمة.
توصف برلين بالمدينة الغريبة، خاصة عندما تتجول في قلبها التاريخي، حيث كان جدار برلين قائماً من 1961 إلى 1989، وهناك ستكتشف سرّ الغرابة. وقد تكون زيارة هذه المدينة استثنائية بالمهرجانات الفنية الرائعة والاحتفالات الغنائية التي تجعل الزائر على مقربة من التعرف من كثب إلى تاريخ هذا البلد.
مرسيليا الحيوية
تحتل العاصمة الفرنسية باريس دوماً المركز الأولى كوجهة سياحية، نظراً لمكانتها العالمية، لكن هناك طابع مختلف قد يعيشه الزائر في مدينة مرسيليا أيضاً، بمناخها وطبيعتها ومعالمها وطرق عيش سكانها وعوامل تجعلها مدينة عالمية وحيوية.
إلى الآن، لا تزال المدينة الفرنسية محتفظة بالعديد من المعالم القديمة، كالميناء الذي يعود تاريخه إلى القرون الوسطى، والشوارع الضيقة والمتعرجة في حيّ Le Panier تأخذكم بجولة إلى عمق التاريخ الفرنسي.
تُعَدّ مرسيليا حاضنة التراث الفرنسي، فهي تضمّ مباني ضخمة وقلاعاً، إضافة إلى كنائسها التي يعود تاريخ تشييدها إلى القرن الرابع عشر. وتضم أيضاً ما يطلق عليها اسم "المتاجر المخفية"، وهي محال تجارية قديمة كانت تُستخدَم كملاجئ للفرنسيين في الحروب والنزاعات.
وتتميز المدينة أيضاً بأسواقها الرائعة، إذ يُعَدّ سوق Noailles واحداً من أبرزها، حيث يمكن تذوق المنتجات الطازجة من مخبوزات إلى أطباق رئيسية، فضلاً عن الخُضَر والفاكهة الطازجة التي تباع هناك، واكتشافها لا ينتهي إلا بزيارة شارع التوابل وتناول الشاي بالزهور هناك.
إشبيلية الثقافية
قد تكون إشبيلية المدينة الأقرب إلى قلوب هواة التنزه والمشي لمسافات طويلة، والتقاط صور فوتوغرافية توثق الرحلة التاريخية لتأسيس هذه المدينة الإسبانية.
يُعَدّ حيّ سانتا كروز Santa Cruz من أشهر مناطق السياحة فيها، فهو يقع شرقيّ المدينة، ومن الصعب مقاومة أزقّته المتعرجة وبيوته الجيرية الملونة التي تتشابه في تفاصيلها مع الهندسة العربية والمغربية.
ونظراً لطابع الحيّ التراثي، منعت السلطات دخول السيارات أو المركبات، وسمحت فقط لمن لا يستطيع التنزه سيراً باستخدام عربات تجرّها الخيول.
زيارة إشبيلية تمرّ بحلبة مصارعة الثيران الرئيسية التي تُعَدّ جزءاً من ثقافة المدينة. وعلى الرغم من أنها تشترك في هذا الوضع من الناحية الفنية مع 6 ساحات أخرى في إسبانيا، إلا أن المشجعين يجدون فيها الكثير من السحر الخاص، نظراً لهندستها الفنية الفريدة.
فلورنسا النهضة والفن
فلورنسا من أكثر المدن سحراً في توسكانا - إن لم يكن في كل إيطاليا - فهي مكان فوّاح بالتاريخ والفن والعمارة، ويُطلق عليها اسم "مسقط رأس عصر النهضة"، فضلاً عن كونها موطناً لأعمال ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو الموجودة في معرض أوفيزي الشهير عالمياً.
ويحتوي هذا المعرض الذي كان تاريخياً من أكبر قصور إيطاليا، على 45 غرفة تزخر جميعها بأعمال فنية مدهشة، والكثير من التماثيل التي تعود إلى القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى مناطق جذابة مثل بونتي فيكيو وحدائق بوبولي.
في قلب المدينة، يقع جسر بونتي فيكيو، أحد أهم الجسور بالمدينة وأقدمها، فوق نهر آرنو. وستتمكن من قضاء وقت ممتع في السير على الجسر، الذي يمتد على طوله العديد من المحال التجارية، وخاصة محلات المجوهرات.
في الليل، يجذب منظر الجسر الخلاب الزوار، حيث تنعكس الإضاءة على الماء، فتعطي منظراً ساحراً.
