قلق سوداني من توقف كامل للحركة التجارية ونفاد مخزون السلع

قلق سوداني من توقف كامل للحركة التجارية ... ومواطنون خائفون من نفاد مخزون السلع

12 يناير 2024
 تراجع حجم الإمدادات يطاول الأسواق (فرانس برس)
+ الخط -

تزايدت مخاوف السودانيين من انعدام سلع أساسية من السوق، وتوقف التجارة مع الخارج بسبب المخاطر الناجمة عن تمدد الحرب إلى أنحاء مختلفة من البلاد، والتي باتت تهدد الأمن الغذائي، بعد التهديدات التي شملت طريق شرق السودان الواصل إلى ولاية البحر الأحمر، التي تضم الميناء الرئيس لصادرات البلاد ووارداتها.

ويضاف إلى ذلك عزوف المزارعين عن الإنتاج نتيجة توغل عناصر الدعم السريع في مناطق الإنتاج، إلى جانب توقف بورصتي المحاصيل بولايتي شمال كردفان والقضارف، جراء المخاطر التهديدات الأمنية.

وأبدى مواطنون قلقهم من بدء نفاد مخزون السلع في المدن والمخازن عقب النهب الواسع الذي تعرضت له، وسط إغلاق الطرق التي تربط الولايات.

ويقول تجار لـ "العربي الجديد" إن مخزون البلاد من السلع الضرورية معرض للنفاد إذا استمرت الحرب شهرا آخر في النسق ذاته. ويرى محمد إسحق وهو تاجر يعمل في ولاية النيل الأبيض أن كل الطرق مغلقة أمام واردات السلع وصادراتها.

ويؤكد أن هنالك حالة من التوتر والقلق وسط المواطنين والتجار على حد سواء، حيث لجأ الكثير من التجار إلى تخزين السلع التي ارتفعت أسعارها أضعافا مضاعفة، وبدأت تختفي من المتاجر والأسواق.

ويوضح المزارع جاد الرب عبدالله أنه أصبح من الصعب نقل بعض المحصول إلى المخازن وسط إغلاق وسيطرة عناصر الدعم السريع على الطرق المؤدية من المزارع إلى المخازن، التي نهبت هي الأخرى، وبذلك تعرض الكثير من المحاصيل إلى التلف، ولم يستطع أحد الوصول بها إلى مناطق آمنة تمهيداً لتوزيعها على الأسواق.

وبعد استيلاء قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة أغلقت جميع المصانع والمزارع والأسواق، وتم قطع طريق شرق السودان، فتقطعت سبل التجارة، الأمر الذي بدأ يهدد استمرار الإمدادات، خاصة فيما يتعلق بالسلع الحياتية، والتي تأتي معظمها من ولايات غرب السودان ووسطه.

من جانب آخر، يقول مصدرون إنهم توقفوا عن عمليات التصدير نظراً لخطورة الطريق المؤدية إلى الموانئ، وظهور عصابات النهب المسلح، فضلاً عن فرض رسوم كبيرة على أصحاب الشاحنات وانعدام الوقود، ما يجعل أسعار الترحيل أغلى من سعر السلعة المراد ترحيلها، وسط مخاوف الاستيلاء عليها في الطريق العام.

ويضيف توفيق محمود وهو أحد المصدرين المتضررين، أن الكثير من التجار تركوا المجال وتوقفوا عن العمل حالياً. في وقت يقول فيه عضو شعبة المستوردين حامد بابكر إن عمليات الاستيراد وطلبيات البضائع شبه متوقفة لعدم إمكانية ضمان توصيلها إلى المستهلك، حيث أغلقت الكثير من شركات الاستيراد أبوابها وهربت رؤوس الأموال إلى دول الجوار للبحث عن مناطق آمنة للاستثمار.

وتناقص المخزون بدا واضحاً في المتاجر والأسواق بالولايات التى لم تصلها الحرب، حيث بدأت سلع السكر والدقيق والزيوت والعدس والأرز تنفد من المحال رغم ارتفاع أسعارها، كما ارتفعت أسعار الخضروات والبصل والفواكه في الأسواق، بل اختفت سلع أخرى ضرورية في ظل هجر الكثير من المزارعين أراضيهم.

ويقول الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان لـ"العربي الجديد" إن الوضع الاقتصادي يشير إلى دخول مرحلة جديدة ستكون أسوأ من أي وقت مضى، نتيجة لتفاقم الأوضاع المعيشية والتدخل العسكري المباشر في تسيير الحياة اليومية، وتوقف الحركة التجارية وتعطل المرافق الحيوية مثل المصانع والمطاحن.

ويلفت إلى أن الوضع كارثي بكل المعاني، ولا توجد آمال أو حتى خطط للعلاج، في ظل تفاقم مشكلة السيولة بصورة كبيرة وواضحة.

وتوقع دخول البلاد في نفق جديد يمكن أن تنعدم فيه السلع الغذائية بعدما توقفت المصانع المحلية عن الإنتاج، بالإضافة إلى توقف عمليات الاستيراد، وبذلك تكتمل حلقة محاصرة الشعب السوداني من كل الاتجاهات داخلية وخارجية، وفق قوله.

ومنذ بداية الحرب في البلاد انخفضت طلبيات الاستيراد من الخارج نتيجة لضعف الاستهلاك، إلى جانب انعكاس زيادة أسعار الدولار على السلع في الأسواق، إضافة إلى التعقيدات التي ظلت تمارسها الحكومة بقطاعاتها المختلفة رغم استمرار الحرب، إلى أن توقفت تماماً عن الرقابة، ما أدى إلى زيادة عمليات تهريب السلع.

ويقول المستورد حسن إسماعيل إنه حتى الآن ما زالت التعقيدات الحكومية مستمرة، رغم تعطل عمليات الاستيراد في الوقت الذي تآكلت فيه رؤوس أموال التجار نتيجة لانهيار سعر العملة، مشيرا إلى أن فقدان البلاد للنقد الأجنبي يمنعها من مواكبة التعقيدات الجديدة في الاقتصاد المحلي.

وسبق أن تراجعت واردات البلاد بنسبة 50 إلى 70 في المائة خلال التسعة أشهر الأخيرة من العام الماضي، وهو ما يقول عنه المستوردون إنه أدى إلى فقدان الدولة عائدات كبيرة من الجمارك والضرائب، علاوة على دخول البعض في خسائر بسبب تباطؤ النشاط التجاري والركود العام.

وفقا للبيانات وقياسات الأداء التي قام بها مختصون، تبين أن صادرات السودان لا تتجاوز من حيث العدد المائة سلعة، وهي على قلتها مجرد سلع خام لم تستطع تطويرها صناعيا وتحويليا، وأن المتحرك منها للتصدير لا يتجاوز 10 في المائة والمتبقي مجرد سلع ساكنة أو ضعيفة العائد.

المساهمون