فائض الدولار في الصين يُحير العالم: تريليونات تتجول

فائض الدولار في الصين يُحير العالم: تريليونات تتجول

08 نوفمبر 2021
احتياطيات النقد الأجنبي في الصين بلغت 3.218 تريليونات دولار (Getty)
+ الخط -

تراكم الفوائض التجارية غير المسبوقة والتدفقات القياسية في سوق السندات الصيني مخزوناً من الدولارات لم يسبق له مثيل، إذ تحولت تريليونات الدولارات المتجولة بين البنوك وأروقة النشاطات الاقتصادية المختلفة إلى حائط صد فولاذي أمام أي صدمات خارجية قد يتعرض لها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي أضحى توسعه المتنامي يقلق الولايات المتحدة وأوروبا بشكل أكثر إزعاجاً من ذي قبل.

وأظهرت بيانات صادرة عن بنك الشعب الصيني " البنك المركزي الصيني"، أمس الأحد، أن احتياطيات النقد الأجنبي في الصين، وهي الأكبر في العالم، بلغت 3.218 تريليونات دولار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مقابل 3.201 تريليونات دولار في نهاية سبتمبر/ أيلول.

وتتزامن الزيادة في احتياطي النقد الأجنبي مع تنامي زحف التجارة الخارجية الصينية، بالرغم من استمرار تداعيات جائحة فيروس كورونا على الكثير من الأسواق، وصعوبات سلاسل التوريد العالمية، وتضرر الكثير من الشركات الصينية من أزمة الطاقة.

احتياطيات النقد الأجنبي في الصين، وهي الأكبر في العالم، بلغت 3.218 تريليونات دولار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي

ولا تبدو الفوائض الدولارية محصورة بين جدران بنك الشعب وإنما هناك أموال ضخمة يقدرها بنك "مورغان ستانلي" الأميركي بنحو تريليون دولار، عبارة عن ودائع مصرفية بالعملات الأجنبية، إذ بلغ الفائض التجاري في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري حوالي 440 مليار دولار، مقارنة بمتوسط عامي 2015-2019 البالغ 336 مليار دولار و325 مليار دولار لعام 2020.

وتظهر أحدث البيانات التجارية الصينية، أن التدفقات الدولارية مرشحة للزيادة بشكل أكبر عن تقديرات البنك الأميركي، التي أوردتها وكالة بلومبيرغ قبل يومين، إذ أظهرت الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للجمارك الصينية، أمس الأحد، تسجيل التجارة الخارجية قفزة بنسبة 22.2% على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، لتصل إلى 31.67 تريليون يوان (4.89 تريليونات دولار). والرقم المُسجل يمثل زيادة نسبتها 23.4% مقارنة بمستويات ما قبل كورونا في 2019.

ووفق البيانات التي أوردتها وكالة شينخوا، قفزت الصادرات على أساس سنوي في أكتوبر/ تشرين الأول وحده بنسبة 27.1%، لتصل إلى 300.2 مليار دولار. وتعد نسبة نمو الصادرات المحققة الشهر الماضي هي الـ13 على التوالي، والتي تسجل رقماً مزدوجاً، بحسب رصد لوكالة بلومبيرغ.

وسجلت الدولة فائضاً تجارياً بقيمة 84.54 مليار دولار الشهر الماضي، مقارنة مع فائض قدره 66.76 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول.

وخلصت حسابات أجرتها وكالة رويترز استناداً إلى بيانات الجمارك الصينية إلى أن فائض تجارة الصين مع الولايات المتحدة فقط بلغ 40.75 مليار دولار في أكتوبر/ تشرين الأول، بينما وصل في الأشهر العشرة الأولى من العام، إلى 320.67 مليار دولار، ما يزيد من مأزق واشنطن في كبح العجز التجاري لها أمام بكين التي تتعرض لقيود تجارية واقتصادية أميركية متزايدة.

توفر مئات مليارات الدولارات المتدفقة إلى الصين سنوياً، حماية مهمة ضد أي صدمات مستقبلية في الاقتصاد العالمي، كما تمنح الشركات العملاقة حصانة من التصدع بسبب الديون الضخمة

وتوفر مئات مليارات الدولارات المتدفقة إلى الصين سنوياً، حماية مهمة ضد أي صدمات مستقبلية في الاقتصاد العالمي، كما تمنح الشركات الداخلية العملاقة حصانة من التصدع بسبب مشاكل الديون الكبيرة، وعلى رأسها مجموعة "إيفرغراند" العقارية.

إذ يقول ألفين تان، رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي في آسيا في قسم هونغ كونغ لشركة "آر بي سي كابيتال ماركتس": الدولارات تعني أنه مهما كانت التحديات الاقتصادية التي ستواجه الصين في المستقبل، فهناك خطر ضئيل فيما يتعلق بميزان المدفوعات أو مشكلة الديون الخارجية".

وكانت الصين قد هبطت إلى المنطقة الخطرة في الربع الأول من العام الماضي عندما أغلقت قيود فيروس كورونا المصانع، لكنها انتعشت منذ ذلك الحين مع عودة محركات التصدير إلى أقصى سرعة. وبجانب مكاسب التجارة الخارجية أدت سياسة "صفر كوفيد" المتشددة إلى حدود البلاد، وأبقت ملايين السياح الصينيين ومدخراتهم في وطنهم.

وقالت بيكي ليو، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين في بنك "ستاندرد تشارترد" الأميركي، إن حيازات العملات الأجنبية المتزايدة مملوكة بشكل أساسي للقطاع الخاص في الصين، وليس القطاع العام، مضيفة أن الزيادة التدريجية للعملة الأجنبية في الأصول من قبل كيانات القطاع الخاص الصيني، ستساعد في تقليل تقلبات السوق.

ويُظهر تحليل أجراه ستيفن جين، الذي يدير "يوريزون إس إل جي كابيتال"، وهو صندوق تحوط وشركة استشارية تتخذ من لندن مقراً لها، أن معدل تشغيل الفائض التجاري الصيني يقترب من 600 مليار دولار سنوياً.

وتشمل النظريات الأخرى حول إعادة تدوير الدولارات، الشركات الصينية التي تستثمر في الخارج أو تستخدم الأموال النقدية لتمويل مشاريع مثل مبادرة الحزام والطريق.

وكتب جين في مذكرة، وفق بلومبيرغ: "لقد تسبب الوباء في حدوث تشوهات ضخمة في العالم، أحدها يتمثل في الفائض التجاري الكبير للغاية في الصين"، مضيفا أن "كوفيد طويل الأمد" يجب أن يعني أن مثل هذا الفائض التجاري الممتلئ يجب أن يستغرق وقتاً حتى يتلاشى.

المساهمون