سيناريوهات الاقتصاد الروسي لعام 2023

06 مارس 2023
هروب شركات عالمية من السوق أثر في نمو الاقتصاد الروسي (Getty)
+ الخط -

تتوقع تقاريرغربية استمرار الاقتصاد الروسي في الانكماش في العام الجاري 2023 بسبب ثلاثة عوامل رئيسية، وهي تراجع دخل الخزينة من الطاقة، واستمرار هروب الشركات العالمية التي كانت تساهم في الناتج المحلي الروسي بنسبة كبيرة، وكذلك تجميد الأموال الروسية في الخارج وحصار مؤسساتها المالية وانكماش الاستثمار في أسواقها المالية.

ويتوقع السيناريو الأسوأ لمسار الاقتصاد الروسي الذي رسمته منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 5.6%. ولكن البنك الدولي يرى أن الاقتصاد الروسي سينكمش بنسبة 3.3%. من جانبه يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتمكن الاقتصاد الروسي من النمو خلال العام الجاري ولكن بنسبة ضئيلة.

وهنالك مخاوف من أن تخسر روسيا أموالها المجمدة في الغرب المقدرة بأكثر من 300 مليار يورو، والتي تم التحفظ عليها عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022. وتضغط مجموعة الدول الرباعية، الحلفاء الأكثر دعماً لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي على الحكومات الغربية لاستخدام هذه الأموال لإعادة بناء أوكرانيا. والدول الأربع هي بولندا ودول البلطيق.

وكانت الدول الأربع قد كتبت في مذكرة في فبراير/ شباط الماضي لزعيمي الاتحاد الأوروبي أورسولا فون ديرلاين وشارل ميشال ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون يقولون فيها: "يجب استخدام الأصول الروسية المجمدة في أسرع وقت ممكن، ولا يمكننا الانتظار حتى تنتهي الحرب ويتم التوقيع على اتفاق سلام". ولكن ربما تكون هذه المطالبات بمصادرة الأصول الروسية جزءا من الحيل الغربية الرامية إلى الضغط على موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا.
وتعرضت روسيا لعقوبات غربية قوية على خلفية غزو أوكرانيا قبل عام، وسط استمرار العمليات العسكرية الروسية ضد كييف.

على صعيد تراجع إيرادات الطاقة، تشير بيانات روسية رسمية نشرتها وكالة بلومبيرغ، إلى أن عائدات الضرائب الروسية من النفط الخام والمنتجات البترولية تراجعت بنسبة 48% في فبراير/شباط الماضي، مقارنة بالعائدات التي حصلت عليها الخزينة الروسية في العام السابق 2022 بسبب الانخفاض الكبير في سعر الخامات الرئيسية وعلى رأسها خام الأورال الذي يأخذ حصة الأسد من صادرات النفط الروسي، وذلك بعد أن حظر الاتحاد الأوروبي واردات الطاقة الروسية ومشتقاتها.

من جانبها تشير بيانات وزارة المالية الروسية المنشورة يوم الجمعة إلى أن إجمالي الإيرادات الضريبية من النفط والغاز الطبيعي للخزينة الروسية تراجع بنسبة 46% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 6.9 مليارات دولار (521 مليار روبل روسي) في فبراير/شباط الماضي.

كما تراجعت عائدات روسيا من النفط الخام والمنتجات النفطية وحدها بنسبة 48% سنوياً لتصل إلى نحو 4.8 مليارات دولار (361 مليار روبل)، وفقًا لحسابات بلومبيرغ. وشكل النفط أكثر من ثلثي عائدات ضرائب الطاقة الروسية في فبراير/شباط الماضي.

وكانت وزارة المالية الروسية قد قالت الأسبوع الماضي، إن متوسط سعر مزيج الأورال بلغ 49.52 دولارًا للبرميل في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2023، مقارنة بـ 88.89 دولارًا للبرميل في الأشهر نفسها من العام الماضي. وبلغ متوسط سعر الأورال 49.56 دولارًا للبرميل في فبراير/شباط 2023، مقارنة بمتوسط السعر في فبراير/شباط الماضي 2022 البالغ 92.15 دولارًا للبرميل.

وفي شأن عائدات الغاز، فقد تراجعت عائدات الغاز الطبيعي الروسي الشهر الماضي مقارنة بشهر فبراير/شباط 2022، وهو الشهر الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، بنسبة 42%، حيث قطعت روسيا إمدادات الغاز عن عدد من عملاء الاتحاد الأوروبي بعد الغزو.

وكان التراجع في سعر خام الأورال، الخام الروسي الرئيسي لسعر الخامات الروسية السبب الرئيسي لانخفاض إيرادات بالخزينة في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/ شباط من هذا العام. وبحسب بيانات وزارة المالية الروسية في الشهر الماضي بلغ عجز الميزانية الروسية 23.3 مليار دولار (1.76 تريليون روبل) في يناير/كانون الثاني مقارنة بفائض في يناير/كانون الثاني 2022.

من ناحية خسارة روسيا من العقوبات المشددة في قطاعات الأسواق والاستثمار، انسحبت العديد من الشركات الغربية الكبيرة بالفعل من روسيا، حيث خسر الاقتصاد الروسي الاستثمار الأجنبي والوظائف التي كانت تخلقها هذه الشركات. وحسب دراسة بجامعة ييل الأميركية غادرت روسيا بعد الغزو نحو ألف شركة عالمية، وكانت هذه الشركات تسهم بنسبة تقدر بنحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي. كما قطعت مئات الشركات الغربية الأخرى الشراكات مع روسيا وتوقفت عن الاستيراد إلى روسيا أو التصدير منها أو أنهت أعمالها هناك.

وبعد العقود الماضية التي أصبحت فيها روسيا جزءًا من نظام التجارة والاستثمار العالمي، خسرت موسكو العديد من الأفراد والشركات الروسية. وأدت العقوبات إلى وضع غريب في سوق المال الروسي حيث توجد بعض الشركات الروسية الأكثر شهرة على الورق في البورصة الروسية، بينما أصولها مجمدة في عواصم المال الغربية.

وكان عام 2022 عامًا سيئًا للاقتصاد الروسي، حيث تشير التقديرات إلى أنه في عام 2022 انخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 2.2% على الأقل في أفضل سيناريو وبنسبة تصل إلى 3.9% في أسوأ السيناريوهات. ولكن رغم هذه التوقعات المتشائمة تمكن الاقتصاد الروسي من الصمود في وجه العقوبات الغربية.

المساهمون