سورية: قفزة في أسعار السلع

سورية: قفزة في أسعار السلع

16 نوفمبر 2023
زيادة في أسعار الخبز (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

 

شهدت العاصمة السورية دمشق ارتفاعاً كبيراً في أسعار مختلف السلع، خلال الشهر الأخير، تزامناً مع العدوان الإسرائيلي على غزة. وحسب مراقبين، فإن سورية ليست بعيدة عن الحرب، وبالتالي ستتأثر اقتصادياً ومعيشياً بسببها.
من جانبه، يقول المواطن عامر مستو، من حيّ دمر بدمشق، في اتصال مع "العربي الجديد": "أسعار السلع ارتفعت كثيراً خلال الفترة الأخيرة، فماذا لو توسعت الحرب؟".
ويتابع: "كيف نفسر استمرار رفع الأسعار وقطع الكهرباء وشحّ المحروقات؟"، مشيراً إلى أن "الوضع المعيشي حالياً هو الأسوأ منذ عام 2011، وسط استهتار حكومي وفلتان الأسواق، لجهتي الرقابة والأسعار"، حسب المواطن السوري.
ويضيف مستو أن سعر صرف الدولار تعدى 14 ألف ليرة، في سوقي المرجة والحريقة للصيرفة، مشيراً إلى امتناع أو تردد معظم المحال عن البيع، حتى تستقر "بورصة الدولار"، لأن الباعة يقيسون كل شيء على الدولار، ويتذرعون بأنهم يستوردون بالعملات الصعبة.
ويعتبر مستو أن رفع سعر الخبز أخيراً "جاء كصفعة نهائية"، إذ باتت الأسر بالمدن الواقعة تحت سيطرة نظام بشار الأسد، عاجزة حتى عن تناول الخبز، بعد أن قفز سعر الربطة "1100غرام" إلى 3 آلاف ليرة سورية، وذلك بالتوازي مع ارتفاع سعر "كل شيء" خلال الشهر الأخير الذي يشهد حرباً على الأراضي الفلسطينية "وكأننا بالضفة الغربية أو غزة".

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد رفعت قبل أيام، سعر ربطة الخبز من 1250 إلى 3000 ليرة سورية، مع إبقاء سعر ربطة الخبز المدعوم بمئتي ليرة مع صعوبة الحصول عليها، حسب سوريين، لـ"العربي الجديد".
ويأتي رفع سعر خبز السوريين بالتوازي مع دراسة كتلة الموازنة العامة بمجلس الشعب السوري، والبحث عن طرائق لتمويل الموازنة بواقع شحّ مصادر الخزينة العامة، كما يقول مختصون، بالإضافة إلى ملامح موسم قمح سيّئ، حسب تصريحات وزير الزراعة بحكومة النظام، محمد حسان قطنا، الذي قال: "لن يزيد الموسم بعموم سورية على 1.7 مليون طن"، ما دفع حكومة الأسد إلى إبرام عقد استيراد 1.4 مليون طن قمح من روسيا.
ويخشى السوريون مقايضة إنتاجهم الزراعي بالقمح الروسي، لأن خزينة الدولة خاوية، ولا دولارات لاستيراد المحروقات والقمح، مستدلين بارتفاع أسعار الخضر والفواكه بأكثر من 50% خلال شهر، نتيجة التصدير إلى الخليج العربي، ويخشون أيضاً المزيد من الارتفاع إن قايضت حكومة الأسد، القمح بالخضر وزيت الزيتون، كما في الأعوام السابقة.
وفيما تعدّى سعر ليتر زيت الزيتون، في بلد يصنّف السادس بالإنتاج عالمياً، ارتفعت أسعار الخضر والفواكه إلى أعلى سعر منذ مطلع ثورة السوريين عام 2011، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد" من دمشق، إذ سجل سعر كيلو التفاح 10 آلاف ليرة، وزاد سعر كيلو البندورة على 5 آلاف ليرة، ليكون الارتفاع الأعلى بسعر البطاطا التي تعدى سعر الكيلو 9 آلاف ليرة سورية.
ويرى الاقتصادي السوري سمير رمان أن "العلة بسعر الصرف"، لأن الأسعار بالأسواق السورية "ربما هي الأرخص بالنسبة إلى الأسواق المجاورة"، لكن استمرار تراجع العملة السورية أشعر المواطن بغلاء الأسعار، خصوصاً بالنسبة إلى المنتجات المستوردة.
وأوضح رمان لـ"العربي الجديد" أن الحرب الإسرائيلية على غزة سيكون لها تداعيات على أسعار النفط، وبالتالي الوقود، بالإضافة إلى انعكاسات أخرى ستتأثر بها سورية اقتصادياً ومعيشياً، وخصوصاً أن دمشق ليست بعيدة عن الحرب.

وقال رمان: تآكل أجور السوريين هو المشكلة التي يجب أن يعالجها نظام الأسد حالياً، فرفع الأجور هو الخطوة الأولى لبلوغ السوريين الكفاية، حيث إن أكثر من 90% منهم اليوم جوعى بكل معنى الكلمة، ومن ثم تأتي الخطوة الثانية، وهي تفعيل أداء المؤسسات الحكومية، لتدخل كمنافس للتجار بالسوق، فتكشف الاحتكار وتسعى لخفض الأسعار والتحكم بالسوق.
ولكن يستدرك الاقتصادي السوري أن وضع نظام بشار الأسد "في غاية بالسوء"، فهو لا يستطيع زيادة الأجور من دون تأمين موارد، لأن ذلك سيزيد من التضخم، فهو اليوم يموّل الموازنة وأجور العاملين بالعجز، من خلال طبع أوراق نقدية بروسيا من دون أي أرصدة عملة أو معادن.
وكان مدير مجمع الأمويين بالمؤسسة السورية للتجارة في دمشق (حكومية) صفوان علاء الدين، قد نفى أخيراً وجود نقص في المواد التموينية، وإذا ما حدث، يكون نقصاً آنياً بسبب نفاد المادة وتأخر وصولها ليوم أو يومين ليس أكثر، بسبب ظروف النقل للطلبات.
ويضيف علاء الدين لصحيفة "تشرين" الحكومية، أن أسعار المجمع قطعاً أفضل وأرخص من السوق، وتتفاوت نسبة التخفيض حسب نوع المادة، مقارنة بأسعارها في الأسواق، والبيع أقل من الأسواق بأكثر من 20%، مؤكداً أن عروض التقسيط دون فوائد للمواد الغذائية والمدرسية موسمية تطرحها المؤسسة لتخفيف أعباء المعيشة عن المواطن.

المساهمون