تونس بلا خبز: طوابير ومضاربات وغلاء قياسي

تونس بلا خبز: طوابير ومضاربات وغلاء قياسي

24 مايو 2023
التونسيون يعانون من نقص حاد في الخبز (Getty)
+ الخط -

تجددت في تونس أزمة الخبز، حيث واجه المواطنون في مدن العاصمة الكبرى ومحافظات داخلية نقصاً كبيراً في الكميات المعروضة من قبل الخبازين، ما تسبب في إطلاق العنان لأسعار الأصناف غير المدعمة التي بلغت مستويات قياسية.

ومنذ أيام يضطر المواطنون للانتظار في طوابير من أجل الحصول على كميات من الخبز من الأفران المدعمة، فيما يضطر آخرون للقبول بالأسعار المشطة لأصناف الخبز التي تصنع في الأفران التي لا تتمتع بالدقيق المدعم.

وتنقسم صناعة الخبز في تونس بين صنفين من الأفران صنف المخابز التي تحصل على الدقيق المدعم وتلتزم بالتسعيرة الحكومية للخبر وأخرى تصنع الخبز وفق أسعار حرة. 

وتصنع الأفران التونسية يومياً 6.7 ملايين رغيف، منها 3.9 ملايين رغيف كبير و2.7 مليون رغيف من الصنف الأقل حجماً أو ما يصطلح عليه محلياً "الباقات" محولة من 6.5 ملايين قنطار من الدقيق، وفق بيانات رسمية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويقرّ رئيس غرفة الخبازين ممن يعملون وفق تراتيب منظومة الدعم، محمد بوعنان، بحصول نقص في تزويد السوق بالخبز منذ أيام، مؤكداً أنّ النقص طاول بالأساس محافظات تونس الكبرى وهي كلّ من تونس وبن عروس وأريانة ومنوبة إلى جانب محافظات القيروان بالوسط الغربي ونابل بالشمال الشرقي.

وقال بوعنان في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ النقص المسجل راجع إلى عدم توفر الكميات الكافية من الدقيق لدى المطاحن التي تزود الخبازين بالمواد الأولية.

وأشار في سياق متصل إلى أن ديوان الحبوب الحكومي لم يزود بدوره المطاحن بكميات القمح اللين المخصصة لصناعة الخبز، ما أدى إلى ارتباك كبير في كامل حلقة الإنتاج.

وحول إطلاق المخابز العنان للأسعار، أقر بوعنان باستغلال الأزمة من أجل رفع ثمن الخبز إلى مستويات قياسية مع زيادة الطلب عليه، مشيراً إلى أنّ هذه الممارسات تجرى داخل الأفران التي لا تحصل على الدقيق المدعم والمسجلة ضمن منظومة صناعة المرطبات.

وطالب بوعنان بإعادة حوكمة القطاع من أجل ضمان استقرار الأسعار ومنع مختلف أشكال المضاربة والاستغلال التي تتصاعد مع كل أزمة تزويد بالمادة الحيوية في حياة التونسيين.

ورجّح المتحدث أن يتواصل النقص إلى حين استعادة التوازن بين العرض والطلب وحصول المطاحن على الكميات الكافية لصنع الدقيق.

والسبت الماضي، شرح الرئيس التونسي قيس سعيد في لقاء جمعه بوزيرة التجارة كلثوم بن رجب قزّاح أسباب ندرة الخبز في عدد من المحافظات بـ"سعي البعض إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية والعمل على افتعال الأزمات".

وقال سعيد إنه من "غير المقبول ألا يتوفر الخبز في ولاية في حين يتوفر في ولايات أخرى مجاورة"، حسب ما نقلته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية.

وتعبر تونس بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، ما أثر على قدرة المؤسسات الحكومية المكلفة بالمشتريات العمومية على توريد الحاجيات الأساسية للغذاء والدواء والطاقة. وينفذ ديوان الحبوب الحكومية حصرياً مشتريات الحبوب، سواء عبر قبول المحاصيل المحلية أو التوريد من السوق الخارجية.

وبلغت قيمة الواردات التونسية من الحبوب 1.4 مليار دينار، إذ مثلت حصة 55.3 في المائة من جملة الواردات الغذائية المسجلة إلى غاية شهر إبريل/ نيسان 2023 وفق المرصد الوطني للفلاحة (حكومي).

وتركزت واردات الحبوب في تلك الفترة على القمح، إذ بلغت قيمتها 797 مليون دينار (257 مليون دولار)، لتمثل 56.2 في المائة من واردات الحبوب، بينما سجل معدل أسعار توريد القمح الصلب انخفاضاً بنسبة 20.2 في المائة، فيما ارتفع متوسط أسعار توريد القمح اللين بـ7.4 في المائة.

وتستورد تونس نحو 90 بالمائة من حاجياتها من القمح اللين، وهو ما يجعل كل 4 أرغفة خبز موردة مقابل رغيف واحد مصنوع من الدقيق المحلي بينما تواجه البلاد فاتورة قياسية لواردات القمح نتيجة الجفاف الذي أضر بنحو 80 % من محصول الحبوب المرتقب حصاده في يونيو/حزيران المقبل.

كذلك، تستمر ضغوط صندوق النقد الدولي على سلطات البلد المنهك اقتصادياً من أجل الانطلاق في إصلاح منظومة الدعم ومن أهمها دعم الغذاء والطاقة.

ويؤكد مصدر مهني من قطاع الخبازين، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد" أن السلطات بدأت بعد شهر رمضان في تقليص حصص الدقيق الموزعة على الأفران التي تصنع الخبز المدعم بنحو 20 بالمائة، مشيراً إلى أنّ تقليص حصص الدقيق تدخل ضمن سياسة رفع الدعم.

ويبلغ السعر الحقيقي للخبز الكبير من دون دعم 465 مليماً للخبزة الواحدة ويباع للعموم بسعر 230 مليماً فيما تباع "الباقات" وهي وحدة الخبز الأقل حجماً بـ190 مليماً مقابل سعر حقيقي بـ274 مليماً (الدينار= 1000 مليم).

وتحصل تونس على مساعدات دولية لمجابهة نقص التزويد بمواد حيوية ومن بينها القمح، والشهر الماضي أعلنت الولايات المتحدة الأميركية منح تونس هبة تتمثل في نحو 25 ألف طن من الحبوب.

المساهمون